مسقط – تستعد سلطنة عُمان لتسجيل خطوة تاريخية في مسيرتها العلمية والتقنية بإطلاق أول صاروخ علمي تجريبي “الدقم-1” بإشراف من وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات ضمن البرنامج الوطني للفضاء، وبالتعاون مع شركاء إستراتيجيين في القطاع، بينما تتولى شركة “إطلاق” التابعة للشركة الوطنية لخدمات الفضاء تنفيذ المشروع واستثماره.

ومن المقرر أن ينطلق الصاروخ الأربعاء المقبل من منصة الإطلاق الواقعة جنوب منطقة الدقم في محافظة الوسطى. ويبلغ طوله 6.5 أمتار، ووزنه فارغا 80 كيلوغراما، بينما يصل وزنه إلى 123 كيلوغراما عند تحميل الوقود. وسيحلق إلى ارتفاع 140 كيلومترا فوق سطح البحر بسرعة تصل إلى 1530 مترا في الثانية، في رحلة تجريبية تستغرق نحو 15 دقيقة.

وقالت شركة “إطلاق” إن هذا الإطلاق التجريبي، الذي يتم لأول مرة في السلطنة “لن يكون متاحا للجمهور لأسباب تتعلق بالاحترازات الأمنية”.

المعولي أفاد أن هذا الصاروخ يُعد البداية لإنشاء ميناء فضائي في السلطنة (العمانية)

رؤية إستراتيجية

في تصريح للجزيرة نت، أوضح سعيد بن حمود المعولي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات بالسلطنة أن هذا المشروع يأتي في إطار مبادرات إستراتيجية تستهدف نقل وتوطين علوم وتقنيات الفضاء وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لتنفيذ مشاريع فضائية نوعية.

وأكد أن هذه الخطوة تعد البداية لإنشاء ميناء فضائي في السلطنة يهدف إلى تلبية الاحتياجات التجارية والبحثية في مجال الإطلاق الفضائي، بما يعزز مساهمة هذا القطاع في التنويع الاقتصادي وخلق فرص عمل.

من جانبه، أوضح علي بن عامر الشيذاني وكيل الوزارة أن الموقع الجغرافي للسلطنة يجعلها بوابة إقليمية مثالية للخدمات والتطبيقات الفضائية نظرا لقربها من خط الاستواء ومدار السرطان، وهذا يسهم في تقليل تكلفة ومدة وصول الصواريخ إلى المدارات المختلفة، علاوة على شواطئ عُمان البحرية الشاسعة المطلة على بحر العرب والمحيط الهندي، وهو ما يمنح منطقة أمان مطلوبة لتنفيذ مثل هذه التجارب والأنشطة الفضائية.

الشيذاني أوضح أن موقع السلطنة الجغرافي يجعلها بوابة إقليمية مثالية للخدمات والتطبيقات الفضائية (العمانية)

 

وتخطط السلطنة لإجراء 3 عمليات إطلاق أخرى عام 2025 في إطار جهودها لتعزيز ريادتها في قطاع الفضاء وتشجيع الابتكار والاستثمار في هذا المجال.

وتأسست الشركة الوطنية لخدمات الفضاء، المالكة لشركة “إطلاق”، عام 2021، وتهدف إلى تقديم خدمات متنوعة في قطاع الفضاء بما يسهم في جعل السلطنة وجهة إقليمية ودولية في هذا المجال.

وتتميز منطقة الدقم، بموقعها المثالي المطل على بحر العرب والمحيط الهندي، وهذا يتيح أمانا كبيرا لإجراء هذه التجارب. ويعكس هذا المشروع رؤية الحكومة لتعزيز الابتكار والنمو الاقتصادي ويجسد التزامها بتطوير قطاعات العلوم والتكنولوجيا بما يتماشى مع أهدافها الوطنية.

وأطلقت السلطنة (من خارجها) ممثلة بشركة “عدسة عُمان” في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أول قمر صناعي مسجل باسمها لدى المنظمة الدولية للاتصالات يختص بتقنيات الاستشعار عن بعد ومراقبة الأرض، ومعزز بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وبذلك انضمت السلطنة رسميا لمجال تكنولوجيا الفضاء.

ويعد هذا هو أول قمر صناعي بصري متقدم للحوسبة بالذكاء الاصطناعي طُوّر محليا، كما أنه الأول في كوكبة أقمار صناعية تهدف إلى تزويد عُمان بقدرات متطورة لرصد الأرض، ويُبرز هذا الإنجاز التزام السلطنة بالابتكار التكنولوجي والحلول المعتمدة على البيانات من أجل التنمية الوطنية.

عُمان أطلقت أول قمر صناعي من خارج أراضيها يختص بتقنيات الاستشعار عن بعد ومراقبة الأرض (العمانية)

 

وتسعى السلطنة لترسيخ مكانتها على خارطة الفضاء العالمية عبر مبادرات مبتكرة ومشاريع طموحة تهدف إلى تعزيز قدراتها في علوم وتكنولوجيا الفضاء. وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية عُمان 2040 التي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع قائم على الابتكار والمعرفة.

ويُعد “مركز مستوطنة الفضاء” في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أحد أبرز هذه المشاريع، يمتد على مساحة 20 ألف متر مربع، ويهدف إلى محاكاة الظروف الفضائية لإعداد رواد الفضاء قبل رحلاتهم، وتوفير بيئة للعلماء والباحثين لإجراء تجاربهم في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.

كما يوفر المهام التناظرية التي تحاكي تأثيرات العيش في الفضاء على الصحة النفسية والفيزيولوجية لرواد الفضاء، حيث يخوض المتطوعون تجربة العزلة لفترات طويلة لإجراء مهام تجريبية فضائية.

شاركها.
Exit mobile version