“كل شيء كان مجنونا وفوضويا ومرتجلا”، هذا ما خلصت إليه صحيفة “يديعوت أحرونوت” في تحقيق
لها عن يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. لم تكن الأوامر واضحة، وغالبية الضباط الكبار لم يكونوا يعرفون ما
يحصل فعليا على الأرض.

بدا الجيش الإسرائيلي وقياداته في أشد لحظات الضعف والارتباك وبلا رد فعل تقريبا، و”بسبب العمى على
الأرض، لجأ الضباط إلى بث التلفزيون وكذلك لشبكات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها قنوات تليغرام، والتي تضمنت
صورا ومقاطع فيديو لما يحدث، ومن خلال المعلومات في مواقع التواصل أدرك الجيش أنه كان “حدثا واسع
النطاق”، وفق ما ورد في تحقيق يديعوت أحرونوت.

كانت الأوامر قد صدرت لمقاتلات “إف-16″ و”أف-35” بالإقلاع دون أوامر واضحة ودون أن يعرف
طياروها طبيعة المهام الموكلة لهم، “فبقيت تتجول في السماء دون توجيه ضربات، ولجأ مشغلو المسيّرات
للدخول على مجموعات واتساب لمعرفة الأهداف التي يجب استهدافها”.

صدرت التعليمات للوحدات القتالية أيضا بإطلاق النار على السيارات المتوجهة إلى غزة، حتى لو كان هناك تخوف من
وجود رهائن فيها، وكان ذلك أمرا بتنفيذ “بروتوكول هانيبال”، دون تسميته بشكل مباشر.

في آخر ذلك “السبت الأسود”، بدأت إسرائيل تحصي خسائرها، وبدأت المقاومة تفصح عن بعض تفاصيل عمليتها
ونتائجها. وكانت المشاهد الميدانية والمقاطع المصورة وما نقله الإعلام الإسرائيلي تبيّن ما حصل بدقة.

يكتب الصحفي الإسرائيلي جدعون ليفي في صحيفة هآرتس عن ما حدث: “رأت إسرائيل صورا لم ترها في حياتها،
سيارات عسكرية فلسطينية تقوم بدوريات في مدنها، وراكبو درجات هوائية من غزة يدخلون بواباتها، هذه الصور
يجب أن تمزق عباءة الغطرسة.. الغطرسة الإسرائيلية هي وراء كل الذي يحدث
..”.

في ساعة متأخرة من يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كانت الحكومة الإسرائيلية تعقد جلسة صاخبة وسط حالة من
الإحباط والغضب والاتهامات المتبادلة والمشادات، بدا اللواء أهارون هاريفا محرجا، وقد كان الفشل
الاستخباراتي هو موضع الانتقاد الرئيسي، ولم يكن تقييمهم بعيدا عن ما نشرته المقاومة تباعا في ذلك اليوم،
وأبرزته وسائل الإعلام العالمية.

في ذلك الوقت، كانت العمليات ما زالت تجري في عمق المستعمرات وعلى مسافة 45 كيلومترا بعد أن تم خلال الساعات
الأولى من الصباح اقتحام المقار العسكرية الإسرائيلية الشديدة التحصين، بينها 8 ثكنات عسكرية، وسقط أكثر من
1200 قتيل إسرائيلي، بينهم جنود وضباط في مهاجعهم، وتم سر أكثر من 150، بينهم ضباط برتب عالية، وكانت أعداد
القتلى والجرحى والمفقودين والأسرى تتزايد باستمرار، وتتزايد معها وطأة “السبت الأسود”.

طالت جلسة الحكومة الإسرائيلية على وقع حدة المشادات الكلامية وتبادل الاتهامات بين أعضائها حول الارتباك
والفشل في استيعاب الهجوم، احتد وزير السياحة حاييم كاتس في وجه وزيرة الاتصالات غاليت ديستال، وطالب
“بتوجيه ضربة لم يسبق لها مثيل منذ 50 عاما”، في حين قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش “يجب
أن نوجه ضربة قاسية ولا نراعي كثيرا الإسرائيليين المختطفين”.

ردت إسرائيل بعملية “السيوف الحديدية” وتشكيل مجلس حرب واستدعاء أكثر من 300 ألف جندي من الاحتياط،
وقصف وحشي استهدف الأطفال والمدنيين، وطال المستشفيات والكنائس، وعملية برية واسعة مسكونة بهاجس الفشل
العسكري الكبير يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي ويخيم عليها ذعر ذلك “السبت الأسود”، في وقت يقول
فيه الصحفي جدعون ليفي “إن جيشا أمضى سنوات يطارد الأطفال ليس مستعدا للقتال”.

شاركها.
Exit mobile version