عمّان- انطلقت في العاصمة الأردنية عمّان اليوم الثلاثاء، جولة جديدة من المباحثات الثلاثية بين الأردن وسوريا والولايات المتحدة الأميركية، تناولت الأوضاع في محافظة السويداء وسبل دعم وإعادة بناء سوريا على أسس تضمن أمنها واستقرارها وسيادتها.

وجمعت المباحثات نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا سفير الولايات المتحدة في تركيا توم براك، بحضور ممثلين عن مؤسسات معنية من الدول الثلاث.

اشتباكات ومحادثات

وتأتي هذه المحادثات في ظل الإعلان عن وقف إطلاق نار هش في السويداء بعد اشتباكات عنيفة استمرت أسبوعا بين مجموعات محلية درزية وعشائر بدوية، أسفرت عن مئات القتلى، مع استمرار خروقات أمنية رغم اتفاقات التهدئة التي أعلنتها الحكومة السورية.

وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير إن الأحداث في السويداء وجنوب سوريا تشكل تهديدا كبيرا للأردن، لافتا في حديثه للجزيرة نت إلى أن استمرار النزاعات سيعوق عودة السوريين إلى بلادهم، خاصة من مناطق الجنوب.

وأضاف أن سيطرة إسرائيل على أجزاء من الجنوب السوري قد تقضي على الحدود الأردنية-السورية، وتفتح الطريق لحدود إسرائيلية مباشرة مع الأردن، أو نشوء دويلات متعددة في الجنوب.

وحذر أبو طير من أن انهيار النظام السوري ليس في مصلحة الأردن، إذ سيؤدي إلى تفكك سوريا وانهيار الأمن، مع توسع الاحتلال الإسرائيلي، وسط غياب فرص حقيقية لتطبيع العلاقات السورية-الإسرائيلية حاليا.

من جهته، أوضح الكاتب جميل النمري أن الاجتماع الثلاثي في عمّان يركز على ملف السويداء، لكن التطورات الأخيرة تضع الأزمة السورية بأكملها على طاولة النقاش، وأشار النمري في تصريحات له إلى أن “اللقاء يأتي استكمالا للاجتماع السابق الذي تُوج بوقف شامل لإطلاق النار في السويداء، ويتوقع حضور عدد من وجهاء الطائفة الدرزية إلى عمان”.

وأضاف النمري أن التطورات في شمال شرق سوريا، حيث انعقد مؤتمر طالب بمؤتمر وطني شامل لبحث مستقبل سوريا الجديد وقضايا مثل اللامركزية والدستور وتشكيل الجيش، تلقي بظلالها على الاجتماع، وأن دمشق ردت بغضب معتبرة المؤتمر تحالفا طائفيا وانفصاليا يهدد وحدة البلاد، بينما أعلنت حكومة الشرع الانسحاب من مؤتمر باريس المنظم مع الجانب الكردي.

 

احتواء الأزمة

وبحسب مراقبين يبقى الاجتماع الثلاثي في عمّان محطة مهمة في مسار الجهود الإقليمية والدولية لاحتواء الأزمة السورية، وتنسيق خطوات إعادة البناء بما يحفظ وحدة سوريا وأمنها واستقرارها.

ودخل اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء، برعاية إقليمية ودولية، حيز التنفيذ في 21 يوليو/تموز الماضي، وذلك بعد اندلاع اشتباكات دامية بين مجموعات درزية محلية وعشائر بدوية في المحافظة بدأت في 13 يوليو/تموز.

وحاولت قوات الأمن السوري التدخل لفض النزاع، إلا أن المواجهات تصاعدت سريعا وتحولت إلى صراع مباشر بين وزارتي الداخلية والدفاع من جهة، والفصائل الدرزية التي اتهمتها الحكومة بنصب كمائن لعناصر الأمن من جهة أخرى.

عقب ذلك، جرت جهود مكثفة لاحتواء الأزمة، تمخضت عن اتفاق يقضي بانسحاب القوات الأمنية من السويداء، إلا أن الاشتباكات تجددت لاحقا بين الفصائل المسلحة ومسلحي العشائر.

في المقابل، أعلنت العشائر “النفير العام” بحجة حماية عشائر البدو، بعد تداول أنباء مكثفة على وسائل التواصل الاجتماعي عن انتهاكات واسعة ضد مدنيي العشائر من قبل فصائل مسلحة عقب انسحاب الأجهزة الأمنية.

أحداث دامية

كما شهدت المواجهات، خاصة في بدايتها، تدخلا إسرائيليا تحت ذريعة “حماية الدروز”، شمل قصفا في السويداء وهجمات على دمشق في 16 يوليو/تموز.

ورغم صمود اتفاق وقف النار فإنه تعرض لعدة خروقات تم التعامل معها، فيما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل ما لا يقل عن 814 شخصا بينهم 34 امرأة و20 طفلا وستة من الكوادر الطبية (من بينهم 3 نساء)، واثنان من الإعلاميين، إضافة إلى إصابة أكثر من 903 بجروح متفاوتة خلال الفترة من 13 إلى 24 يوليو 2025.

وشملت الحصيلة عمليات قتل خارج القانون، وقصفا متبادلا، وهجمات جوية إسرائيلية، وكان الضحايا من المدنيين والعشائر المسلحة وأفراد قوات الأمن التابعة للحكومة الانتقالية.

شاركها.
Exit mobile version