يقول الأكاديمي الأميركي والت ستيف إن التطرف وجماعات الضغط والتدخلات الأجنبية، وقبل ذلك مشكلة هيكلية أعمق، جميعها ترجح أن يبقى الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من دون حل.

ويتساءل ستيف، وهو أستاذ السياسة الخارجية بجامعة هارفارد الأميركية وكاتب عمود في مجلة فورين بوليسي، عن السبب في فشل الجهود المختلفة لإنهاء هذا الصراع، في حين أن جميع الصراعات التي جرت في القرن العشرين وجدت حلولا، وتعامل أطرافها بعد الحروب في إطار علاقات طبيعية، مثل أميركا مع ألمانيا واليابان، وأميركا وفيتنام، والصراعات الداخلية في أيرلندا وجنوب أفريقيا.

وأجاب ستيف -في مقال له بالمجلة- قائلا إن هناك خمسة أسباب يعتبرها الأهم في استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

مشكلة هيكلية عميقة

توجد في قلب هذا الصراع “أهداف غير قابلة للتجزئة”، إذ يريد كل من الفلسطينيين والإسرائيليين العيش في قطعة الأرض نفسها والسيطرة عليها، ويعتقد كل جانب أنها ملكه بحق، وكل طرف لديه أساس لمطالبته، ويعتقد بشدة أن موقفه يجب أن يتفوق على موقف الطرف الآخر، وهذه مشكلة هيكلية عميقة.

من الصعب تسوية هذا النزاع إذا تعذر تقسيم القضية -أو القضايا- المطروحة بطريقة مقبولة لكلا الطرفين، إضافة إلى الوضع المعقد والمتنازع عليه للقدس، وهي موقع مقدس لـ3 ديانات رئيسية.

وعلى الرغم من وجود عديد من المقترحات لتقاسم الأرض خلال القرن الماضي، فإن الأصوات التي تدعو إلى حل وسط قد غرقت أو تم تهميشها من قبل أولئك الذين يريدون كل الأراضي المتنازع عليها.

المشكلة الأمنية

بالنظر إلى المشكلة الأولى، إلى جانب صغر حجم الأراضي المتنازع عليها، يواجه الجانبان معضلة أمنية شديدة.

فقد أدرك القادة الصهاينة منذ البداية أنه سيكون من المستحيل إنشاء دولة يسيطر عليها اليهود مع أقلية عربية كبيرة، ناهيك عن أغلبية عربية.

وأدى هذا الاعتقاد إلى أعمال “تطهير عرقي” خلال الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، ومرة أخرى في عام 1967 عندما استولت إسرائيل على الضفة الغربية. ومن الطبيعي أن كلا من الفلسطينيين المطرودين وجيران إسرائيل العرب كانوا غاضبين مما حدث وحريصين على عكس النتائج.

وقد أعطت قلة عدد سكان إسرائيل وجغرافيتها الضعيفة قادتها حافزا قويا لجعلها أكثر أمنا من خلال توسيع حدودها. ولسوء الحظ، فإن الاحتفاظ بالضفة الغربية واستيطانها، مع السيطرة أيضا على قطاع غزة، يعني أن ملايين الفلسطينيين سيكونون تحت السلطة الإسرائيلية بشكل دائم، مما يؤدي في الواقع إلى المشكلة الديموغرافية التي سعى مؤسسو إسرائيل إلى تجنبها.

“إسرائيل الكبرى”

السعي إلى تحقيق هدف “إسرائيل الكبرى” سيجبر قادتها على منح العدد المساوي لعدد الإسرائيليين تقريبا من الرعايا الفلسطينيين حقوقا سياسية كاملة، وإيجاد عذر آخر لطرد البقية، أو إقامة نظام فصل عنصري يتعارض مع التزام تل أبيب المزعوم بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

وكما كتب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق شلومو بن عامي عام 2006، “لا يمكن التوفيق بين الديمقراطية والدولة اليهودية والتوسع الإقليمي”.

وهذا الأمر يترك الخيار الأقل سوءا، إذ يمكن لإسرائيل التخلي عن جزء كبير من الأراضي التي تسيطر عليها الآن والسماح للفلسطينيين بإقامة دولة خاصة بهم. وكان هذا الهدف هو السياسة المعلنة لإدارات الرؤساء الأميركيين السابقين بيل كلينتون وجورج بوش وباراك أوباما والآن جو بايدن.

صعوبة حل الدولتين

ومع ذلك، فإن المعضلة الأمنية تعقد جهود التفاوض على “دولتين لشعبين”، إذ يصر المفاوضون الإسرائيليون على أن أي كيان (أو دولة) فلسطينية مستقبلية يجب أن تكون منزوعة السلاح بشكل فعال، مع احتفاظ إسرائيل بسيطرة كبيرة على حدودها ومجالها الجوي لضمان عدم قدرة هذه الدولة على تهديدها بشكل خطير. لكن مثل هذا الترتيب لن يقبله الفلسطينيون أبدا.

وعلى الرغم من أنه من الممكن تخيل ترتيبات يمكن أن تحسن شعور كل جانب بالأمان وتساعد على تشجيع المصالحة في نهاية المطاف، فإن الأمن المطلق هدف لا يمكن الوصول إليه.

وللأسف، فإن ما حل بالإسرائيليين من قبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وما حل بالفلسطينيين من قبل إسرائيل، سيجعل من الصعب تحقيق حل الدولتين في المستقبل المنظور.

التدخلات الأجنبية

تم تأجيج الصراع بين الجانبين واستدامته من قبل مجموعة من الأطراف الثالثة (بريطانيا، أميركا، والاتحاد السوفياتي، وإيران، والدول العربية) التي كانت تدخلاتها ذات مصلحة ذاتية وأدت إلى نتائج عكسية. وقد جعلت تدخلات كل هذه الأطراف الوضع أسوأ، وفق الكاتب.

شاركها.
Exit mobile version