بيت لحم- يشتد الحصار والخناق على مدينة بيت لحم حيث كنيسة المهد، في الوقت الذي يتعرض قطاع غزة لعدوان إسرائيلي وحرب إبادة منذ أكثر من 78 يوما، مما دفع الطوائف المسيحية لإلغاء احتفالاتها بأعياد الميلاد.

كما تعيش مدينة القدس حيث كنيسة القيامة حالة عسكرة شديدة، وحصارا للبلدة القديمة بشكل يعيق حركة المسيحيين فيها.

وتحتفل الطوائف المسيحية التي تسير حسب التقويم الغربي في أنحاء العالم بأعياد الميلاد يوم الأحد 24 ديسمبر/كانون الأول الجاري، في حين تحتفل الطوائف التي تعتمد التقويم الشرقي في السابع من يناير/كانون الثاني المقبل.

وأعلنت بلديتا رام الله وبيت لحم، ووزارة السياحة الفلسطينية إلغاء احتفالات هذا العام، في وقت تشير المعطيات الرسمية إلى انعدام السياحة الداخلية والخارجية بفعل الحصار الإسرائيلي، ووفق هيئة مقاومة الجدار والاستيطان يحيط الاحتلال بيت لحم بـ46 بوابة حديدية، ويغلق 30 شارعا بالسواتر الترابية، وتتمركز قواته على حواجز قليلة مفتوحة جزئيا.

حاجز عسكري يربط بيت لحم بالقدس، حيث يمنع دخول أو خروج أي شخص (الجزيرة)

رسالة إلى العالم

يقول المفكر المسيحي، مؤسس ورئيس‏ ‏جامعة دار الكلمة في بيت لحم، متري الراهب إن “الكنائس المسيحية وبلدية بيت لحم أعلنت عن إلغاء كافة الاحتفالات المتعلقة بعيد الميلاد، وأضاف في حديثه للجزيرة نت “لا يمكن الاحتفال في زمن تتعرض فيه غزة لعدوان غير مسبوق وتطهير عرقي ممنهج، في ظل اغتيالات للأطفال وقتل للنساء، واستيطان يستشري كالسرطان في الجسم الفلسطيني بالضفة”.

وتابع الدكتور أن “كل المدن الفلسطينية محاصرة، وهناك حالة من عدم السلام في أرضنا المقدسة، عيد الميلاد هو عيد السلام، لكن فلسطين تفتقد للسلام والعدالة والحرية، لذلك تقتصر الاحتفالات على الشعائر الدينية، وهي مهمة في هذا الوقت كي تعطي الإنسان الأمل والقوة”.

ويقارن المفكر الفلسطيني بين ولادة المسيح وأطفال غزة، مضيفا “رسالة الميلاد هي رسالة فلسطينية بامتياز، فالعائلة المقدسية اضطرت أن تترك مدينتها الناصرة شمالي فلسطين، وتذهب إلى الجنوب حيث بيت لحم ومولد السيد المسيح طفل المغارة في مزود (حوض)، حيث لم يكن لهما موضع في المنزل” موضحا “هذا حال كثيرين من أطفالنا في غزة يولدون اليوم في الخيام والعراء”.

ويمضي في التشبيه “في قصة الميلاد نسمع عن الطاغية الملك هيرودوس (74 قبل الميلاد-4 قبل الميلاد) الذي كان يأمر بقتل أطفال بيت لحم، وهذا ما يفعله نتنياهو بأطفال فلسطين”.

ويضيف الراهب “قصة الميلاد هي قصة فلسطينية معبرة، تؤكد أن الله مع الحق والعدالة وشعبنا في غزة والضفة الغربية وضد العدوان”، وقال إن رسالة مسيحيي فلسطين لمسيحيي العالم هي “بيت لحم أعطت العالم المسيح، وعلى العالم أن يعطي فلسطين العدالة والسلام”.

3-بيت لحم كنيسة المهد في موسم أعياد سابق – الجزيرة نت
بيت لحم استقبلت نحو 3.5 ملايين سائح في مواسم سابقة (الجزيرة)

إشغال بنسبة صفر

يشير الناطق باسم وزارة السياحة والآثار الفلسطينية جريس قمصية إلى أن المدن الفلسطينية في الضفة، بما فيها مدينة بيت لحم، تعيش حصارا مشددا منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة “حيث يمنع دخول أو خروج أي شخص”.

وذكر قمصية أن حركة الطيران الإسرائيلي شبه متوقفة، “مما يعني عدم وصول سياح من الخارج، وتوقفت السياحة الوافدة الأجنبية، وأصبحت المدينة بلا سياح أو حجاج”.

وتابع أن “أجواء من الحزن والألم تخيم على نفوس المؤمنين، الذين ينتظرون الميلاد كبارقة أمل، وفرصة للصلاة من أجل السلام في العالم”، وأضاف أن “الميلاد هذا العام يأتي في ظرف حزين جدا نتيجة هذا العدوان على غزة، وبالتالي كان قرار الكنائس في فلسطين بالاقتصار على المراسم الدينية وإلغاء الاحتفالات”.

وبالمقارنة مع عام 2019، حيث كانت الأوضاع مستقرة إلى حد ما، يقول الناطق الإعلامي إن بيت لحم استقبلت نحو 3.5 ملايين سائح، في حين استقبلت عام 2023 مع بداية عودة السياحة مع انتهاء جائحة كورونا (كوفيد-19) نحو 2.3 مليون سائح.

أما عن العام الحالي، فأشار إلى أن التوقعات كانت تدور حول 3.5 ملايين سائح، وصل منهم نحو 2.5 مليون سائح، وكان يتوقع وصول نحو مليون سائح في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الجاري، لكن عدوان الاحتلال أوقف حركة السياحة بالكامل.

وأشار إلى أن نسبة إشغال الفنادق في بيت لحم، وسعتها نحو 10 آلاف سرير، كانت في الظروف العادية تصل إلى 100%، لكنها اليوم 0%، مما كبد قطاع السياحة نحو 2.5 مليون دولار يومياً.

شجب واستنكار

ندد مجلس رعوي كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك برام الله الجمعة بلقاء رؤساء الكنائس المسيحية في القدس بالرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، يوم الخميس، وهو لقاء يعقد دوريا كل عام قبيل عيد الميلاد ورأس السنة.

وأضاف المجلس في بيانه “في ظل المجازر التي تنتهك بحق شعبنا الفلسطيني في غزة، والصمت العالمي المخزي، يقوم رؤساء الكنائس المسيحية في القدس بزيارة للرئيس الإسرائيلي في ديوانه، تحت حجج واهية وأعذار شائنة”.

وتابع المجلس “نحن، كمجلس رعوي كنيسة رام الله للروم الملكيين الكاثوليك، وكجزء من الشعب الفلسطيني الأصيل، الذي ناضل ويناضل من أجل تحرير بلاده وعاصمتها القدس، نستنكر ونشجب مثل هذه اللقاءات التي لا تعبر عنا، ولا تمت لنا بصلة”.

ويقدر تعداد مسيحيي فلسطين بنحو 2.3 مليون نسمة أغلبيتهم المطلقة تقيم خارج فلسطين، منهم نحو 45 ألفا فقط في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 بينهم 40 ألفا في الضفة، و4 آلاف في القدس، ونحو ألف في قطاع غزة،  في حين يقيم نحو 114 ألفا داخل أراضي الـ48.

شاركها.
Exit mobile version