الانتخابات التركية

أنقرة – قنا

يعتقد بعض المتابعين والمحللين للشأن التركي أن أصوات 4 من ضمن 81 ولاية تركية لن يشكل فارقا مهما في ميزان صناديق الاقتراع يوم 14 من مايو الحالي، فيما يرى آخرون أن الأمر مختلف تماما في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المقررة الأحد المقبل، معتبرين أنه في حال ضمن مرشح رئاسي أو حزب أصوات الولايات التركية الأربع، فإنه سيكون قاب قوسين من الفوز بالانتخابات في البلاد.

ويرجع هذا الأمر إلى قوة هذه الولايات الأربع من حيث عدد السكان وعدد المقاعد في البرلمان، فولاية إسطنبول بمفردها لها 98 نائبا في البرلمان من أصل 600 نائب، الأمر الذي يوضح مدى أهمية هذه الولاية وجيرانها من حيث الأهمية في المارثون الانتخابي الذي دخل مرحلة الأمتار الأخيرة وسط منافسة غير مسبوقة بين الأحزاب والمرشحين.

ويحق لقرابة 64 مليونا و113 ألفا و941 ناخبا داخل تركيا وخارجها التصويت في الانتخابات المقبلة، من بينهم 4 ملايين و904 آلاف و672 مؤهلا للمشاركة للمرة الأولى قد ينضم إليهم 47 ألفا و523 ناخبا (سيدخلون سن الانتخاب) في حال عدم حسم الاستحقاق الرئاسي من الجولة الأولى والذهاب إلى الثانية.

وتتكون تركيا من 81 ولاية تقع في 7 مناطق انتخابية، لكل منها حصة مختلفة من المقاعد البرلمانية الـ600 في البرلمان التركي، تتوزع على النحو التالي:

(1) منطقة بحر مرمرة وتضم 11 ولاية، بينها إسطنبول، ولها 170 مقعدا، (2) منطقة وسط الأناضول وتضم 13 ولاية ولها 97 مقعدا، (3) منطقة بحر إيجة وتضم 8 ولايات ولها 75 مقعدا، (4) منطقة البحر المتوسط وتضم 8 ولايات ولها 74 مقعدا، (5) منطقة البحر الأسود وتضم 18 ولاية ولها 66 مقعدا، (6) منطقة جنوب شرق الأناضول وتضم 9 ولايات ولها 65 مقعدا، (7) منطقة شرق الأناضول وتضم 14 ولاية ولها 53 مقعداً.

وتتصدر إسطنبول وأنقرة وإزمير وبورصة، وهي الولايات الأربع السالفة الذكر، قائمة عدد المقاعد البرلمانية المخصصة للولايات، بـ98 نائبا لإسطنبول و36 لأنقرة و28 لإزمير و20 لبورصة، 17 لأنطاليا، 15 لأضنا، 15 لقونيا، وتتفاوت بقية الولايات من نائب واحد حتى 14 نائبا، علما بأن الولايات الـ11 التي ضربها الزلزال في فبراير الماضي، مخصص لها 96 مقعدا موزعة على النحو التالي: أضنا 15 نائبا، وغازي عنتاب 14، وشانلي أورفا 14، وديار بكر 12، وهاتاي 11، وقهرمان مرعش 8، وملاطية 6، وأديامان 5، وإيلازيغ 5، وعثمانية 4، وكيليس 2.

ويرى الدكتور محمد عاكف كيرججي عميد كلية العلوم السياسية في جامعة أنقرة، أن المدن والأقاليم ليست لها أهمية، ولكن المهم هو عدد السكان، حيث إن نسبة (النصف + 1) من الأصوات ستحدد الفائز بالانتخابات الرئاسية.

أما فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية، فيقول كيرججي لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن هناك عدة مسائل فنية متعلقة بها، ويتضمن ذلك نسبة الأصوات وعدد الأحزاب التي تطرح قائمة مرشحيها وأسمائهم، إذ أن بعض الأحزاب وبالأخص أحزاب المعارضة تنسحب لصالح أحزاب أخرى، وعليه فإن لدينا أكثر من 10 إلى 20 ورقة اقتراع مختلفة تتم طباعتها لمناطق مختلفة، لأن كل حزب لا يدخل الانتخابات في كل مدينة ولذلك فهي عملية معقدة.

ومن جانبه، يقول فراس رضوان أوغلو الكاتب الصحفي المختص في الشؤون التركية والإقليمية، في حديث لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن الولايات الكبرى معروفة وهي ثلاث أهمها إسطنبول وبعدها أنقرة وأزمير، وباقي المدن تقريبا متساوية الأطراف، معتبرا أن الصراع الحقيقي الآن هو أن الائتلاف الحاكم يحاول استعادة إسطنبول بشكل كبير.

وأضاف أن ذلك يتضح من الانتقادات الموجهة إلى رئيس ولاية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وهو من حزب الشعب الجمهوري، أي من المعارضة، بعد الأداء الخاطئ والسيئ والاندفاع نحو التشكيك في أدائه المهني في الفترة الماضية، “إذ هناك فعلا محاولة لاستقطابها، هذا الأمر ستلعب فيه بعض الأحزاب الأخرى دورا كبيرا، ربما أتوقع نوعا ما احتمالية عودة بلدية إسطنبول إلى حضن الائتلاف الحاكم بسبب بعض الأخطاء التي قام بها أكرم إمام أوغلو”.

 

ويؤكد رسول طوسون، الكاتب والنائب البرلماني السابق، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن الولايات التركية الكبرى مثل أنقرة، إسطنبول، أزمير سوف تحدد الفائز في هذه الانتخابات، وأن البعض سواء في الداخل أو الخارج يظن أن فوز حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات البلدية في تلك البلديات قد جعل للمعارضة قاعدة قوية في تلك المدن.

وأضاف أن هذا أمر غير دقيق، لأن حزب الشعب الجمهوري قد فاز في رئاسة البلديات فقط بينما في المدن المنضوية تحت تلك البلديات فاز بها حزب العدالة والتنمية، وهو ما يجعل عدد أصوات الحزب الحاكم في المجالس البلدية أكثر من عدد أصوات المعارضة، موضحا أن المعارضة قوية في أزمير فقط.

وتوقع طوسون أن يكون هناك إقبال كبير على التصويت في تلك الانتخابات لأن الاستقطاب الذي حدث بين الأطراف المتنافسة سوف يؤدي إلى زيادة إقبال الناخبين ومن بينهم المتشددون وكذلك القلقون من عدم الاستقرار في تركيا خلال المرحلة المقبلة.

من جانبه يرى الدكتور علي باكير، خبير الشأن التركي وأستاذ العلاقات الدولية والأمن والدفاع بمركز ابن خلدون في جامعة قطر، أن كل أصوات الناخبين مهمة في هذه الانتخابات بغض النظر عن مكان إقامتهم أو انتمائهم الإيديولوجي أو السياسي، لأن كل طرف سوف يسعى إلى تأمين قاعدته الأساسية أولا إضافة إلى الحصول على أكبر قدر من الأصوات من خارج الكتلة الانتخابية التابعة له، وبالتالي فإن التنافس سوف يكون حادا داخل المدن الكبرى والولايات الرئيسية وخارجها في الأرياف والقرى والمناطق البعيدة.

ويضيف باكير في حديث لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن أحزاب المعارضة تراهن في الحصول على أكبر قدر من الأصوات في المناطق الساحلية إضافة إلى المدن الرئيسية مثل إسطنبول وأنقرة، فيما يراهن حزب العدالة والتنمية بالحصول على أكبر عدد من الأصوات من الداخل التركي وهو قلب الأناضول إضافة إلى المدن الكبرى.

وأشار باكير إلى أن الناخب في الانتخابات الرئاسية قد لا يلتزم بالتوجهات الحزبية للحزب الذي ينتمي له، حيث يخرج كثير من الناخبين عن إطار انتمائهم الضيق للحزب ويقومون بالتصويت بخلاف تفضيلات الحزب ويستندون إلى تفضيلاتهم الشخصية سواء ما يتعلق بأيديولوجيا المرشح الرئاسي، أو برنامجه، أو توجهاته أو انتماءاته، وبالتالي في الانتخابات الرئاسية هامش المناورة بالنسبة للناخب أعلى من الانتخابات البرلمانية والتي يبدو الأمر فيها مختلفا، حيث عادة ما يكون فيها التزام من الناخب بتوجهات حزبه.

ويصف الدكتور سعيد الحاج الباحث في الشأن التركي، المدن الكبرى مثل أنقرة وإسطنبول وأزمير بأنها “خزان انتخابي كبير”، مؤكدا تأثيرها في معادلة الانتخابات الرئاسية، ولكنه يرى أن تأثيرها الأكبر في الانتخابات البرلمانية.

وأوضح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن المدن الكبرى متوازنة على مستوى القاعدة الانتخابية للأطراف المتنافسة وليس بها حضور طاغ لأحد الأطراف عن الآخر، فيما مدن الأناضول والمدن الأخرى في تركيا الأصغر حجما بعضها محسوب على هذا الطرف أو ذاك وبالتالي فإن دورها أيضا مهم في المعادلة الانتخابية.

ويتفق ليفينت كمال الصحفي والباحث التركي على أهمية دور الولايات والمدن الكبرى في نتائج الانتخابات التي تشهدها تركيا، قائلا في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: بالطبع، ستؤثر في النتائج بشكل خطير على حوالي عشرين مدينة كبيرة، والتي تضم ما يقرب من نصف سكان البلاد، لا سيما النتائج في إسطنبول وأنقرة ومدن أخرى مثل إزمير وشانلي أورفا وكارس وأغري وموغلا وبورصة ستعكس النتيجة، ومع ذلك، لا ينبغي مقارنة هذا الوضع برئاسة البلديات، فدوافع تفضيل التصويت للناخبين هذه المرة مختلفة للغاية.

شاركها.
Exit mobile version