أبدى محمد عون، وزير النفط والغاز بحكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، قلقه من تجدد دعوات متكررة لتعطيل إنتاج النفط في البلاد، وقال إن «الشعب سيكون المتضرر الأول إذا تم ذلك؛ سواء عبر فقد العملاء المستوردين للنفط، أو تأثر محطات الكهرباء، هو ما يعني أن الأوضاع ستكون مريرة».

وحذَّر عون في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من التداعيات السلبية لإغلاق أي موانئ أو حقول، ورأى أنها «لن تكون هينة باعتبار أن ليبيا تنتج الآن كميات كبيرة، تلامس مليون و200 ألف برميل يومياً من النفط، بالإضافة إلى إنتاج 2.7 مليار قدم مكعب من الغاز في اليوم، يصدّر منها 300 مليون قدم كعب يومياً».

وتابع عون موضحاً: «عندما يتوقف ضخ النفط الخام سيتعطل بالتبعية إنتاج الغاز أيضاً، وهذا سيؤثر على محطات الكهرباء بالبلاد، أي أن الشعب سيكون مستهدفاً بهذا القرار، ومتأثراً به قبل شريحة المستوردين، الذين قد يجدون بديلاً آخر».

حقل بترول في مدينة راس لانوف شمال ليبيا (أ.ف.ب)

كما أوضح عون أن تكرار التهديد بإيقاف النفط «يعرضنا لاحتمال فقدان العملاء المستوردين له إلى غير رجعة، وذلك لتخوفهم من عدم الاستقرار في الإمدادات، وقدرتنا على الإيفاء بالعقود والعودة لإعلان (القوة القاهرة)، مما سيضطرهم للبحث عن بدائل، بالرغم من استمرار أزمة الطاقة العالمية جرَّاء الصراع الراهن بأوكرانيا».

وكانت حكومة «الاستقرار» المكلفة من مجلس النواب قد هددت في بيان لها «بمنع تدفق النفط والغاز ووقف تصديرهما»، عبر اللجوء للقضاء، واستصدار أمر بإعلان «القوة القاهرة»، لحين استكمال الإجراءات القضائية بـ«فرض الحظر الإداري على إيرادات المؤسسة الوطنية للنفط».

وعبر بيانها الذي نشرت منه نسخة باللغة الإنجليزية على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أرجعت الحكومة، التي يترأسها أسامة حماد، قرار الحجز الإداري بداعي إنفاق حكومة «الوحدة الوطنية» المليارات بشكل مبالغ فيه، وفي غير أوجه الصرف الضرورية التي تتطلبها الظروف التي تمر بها البلاد.

وأعلن 73 نائباً من مجلس النواب في بيان الأحد الماضي تأييدهم لمساعي حكومة «الاستقرار»، اللجوء للقضاء بهدف الحجز على إيرادات وعوائد النفط، ومنع وصولها لحكومة «الوحدة»، لكن عدداً ممن تضمن البيان أسماءهم تبرأوا منه، وقالوا إنه تم الزج بها دون علمهم.

نواب يعلنون تأييدهم مساعي حكومة «الاستقرار» اللجوء للقضاء بهدف الحجز على إيرادات وعوائد النفط (المجلس)

ونفى النائب صالح إفحيمة، صلته بالبيان، معتبراً في تصريح نقلته وسائل إعلام محلية، أن الهدف من وراء هذا البيان «تصفية حسابات سياسية، وليس محاربة الفساد كما جاء فيه». مضيفاً أن «الفساد كل لا يتجزأ، ومحاربته تتطلب الحديث عنه بصرف النظر عن مصدره»، وبالتالي فإنه يرفض أن يستخدم اسمه في «معركة سياسية ليس من ورائها الصالح العام».

وبالرغم من استبعاد العديد من المراقبين قدرة حكومة «الاستقرار» على تنفيذ قرار حجز إيرادات النفط، بسبب وجود أغلب المؤسسات المالية في العاصمة طرابلس، وتنسيقها مع حكومة «الوحدة الوطنية»، فإن عون دعا للانتباه بأن تكرار التهديدات بوقف الضخ «يقلق الدول المستوردة حتى لو كانت شقيقة وصديقة». مذكّراً بأن النفط الليبي يشكل المصدر الرئيسي للدخل في البلاد، ولذلك فالجميع سيتخوف من عدم الوفاء بالالتزامات، وقد يتخذ قراره على ضوء ذلك… وبالطبع فإن الدول المشاركة معنا في الإنتاج، مثل إيطاليا وفرنسا مقابل حصصهما، سيتأثران بهذا الإيقاف».

وسبق أن تكررت عملية إغلاق الحقول والموانئ، سواء بشكل كلي أو جزئي، خلال سنوات العقد الماضي في ظل ما شهدته ليبيا من اضطرابات أمنية وصراعات سياسية، حيث دأبت قوى متعددة قبلية ومسلحة على وقف ضخ النفط، أو التهديد بذلك في إطار المساومات، والضغط لتحقيق مكاسب سياسية ومالية.

في سياق ذلك، أشار عون إلى أن عملية إغلاق الموانئ والحقول ثم فتحها تتطلب عمليات صيانة لمعالجة مشاكل فنية خاصة بالأنابيب، وبالطبع فإن تكلفة هذه العملية التي تتحملها خزينة الدولة عالية.

وانتهى عون بالتأكيد على ضرورة تحييد عمليات إنتاج وتصدير النفط والغاز عن أي خلافات، تتعلق بتوزيع الإيرادات، مشدداً على ضرورة «الحرص أولاً على توفر الإيرادات باستمرار الإنتاج، كونها قوت الليبيين الذي لا ينبغي المقامرة به».

شاركها.
Exit mobile version