استعاد عدد من الناشطين الجزائريين حريتهم، بعد أن صدرت بحقهم أحكام بالبراءة وأخرى خفضت عقوبات ثقيلة بالسجن ضدهم، على أساس تهمة «الإرهاب». وينتمي هؤلاء لـ«حركة الحكم الذاتي بمنطقة القبائل»، التي صنفتها السلطات عام 2021 «جماعة إرهابية»، وحملتها مسؤولية حرائق هائلة نشبت في القبائل بشرق البلاد في ذات العام، وخلفت عشرات القتلى ودماراً كبيراً. ووجد بوعزيز آيت شبيب، الرقم الثاني في «حركة الحكم الذاتي في القبائل» سابقاً، في انتظاره ليل الأربعاء أمام باب السجن بالعاصمة أفراد عائلته، وناشطين ومحامين، احتفلوا بنهاية سجنه. وكانت محكمة الاستئناف قد خفضت في نفس اليوم عقوبته من سنتين سجناً مع التنفيذ إلى سنتين، منها سنة واحدة موقوفة التنفيذ. وقد غطت مدة سجنه العقوبة.

الناشط الأمازيغي بوعزيز آيت شبيب (الشرق الأوسط)

كما غادرت السجن أيضاً قميرة نايت سيد، رئيسة «المؤتمر الأمازيغي العالمي»، والناشطون السياسيون حمزة لونيس، وأحمد سعيد فريد، وإسماعيل منداس، بعد النطق بحكم البراءة في حقهم. وكانت المحاكم قد أدانتهم بين عامي 2021 و2022 بالسجن لفترات تراوحت بين عامين وخمسة أعوام مع التنفيذ.

قميرة نايت سيد رئيسة «المؤتمر الأمازيغي العالمي» (الشرق الأوسط)

وحسب محامين، فقد وجهت لهم تهمة «الإرهاب» في ظروف سياسية خاصة، تميزت بتشدد الخطاب الحكومي ضد عناصر التنظيم المطالب بالحكم الذاتي، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، وخاصة في الفترة التي عاشت فيها مناطق بشرق البلاد، ومنها محافظات القبائل الأمازيغية، حرائق غير مسبوقة. وشملت لائحة الاتهام ضدهم «الانتماء إلى منظمة إرهابية، والمساس بالوحدة الوطنية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، والتحريض والسعي إلى السلطة، أو تغيير نظام الحكم بطرق غير دستورية، واستخدام وسائل تكنولوجيات الإعلام والاتصال لدعم أعمال وأنشطة، ونشر أفكار منظمة إرهابية». ونقض كل المتهمين الأحكام التي صدرت بحقهم في درجة التقاضي الأولى، وأكد دفاعهم في مرافعاتهم أن النيابة لم تقدم أي دليل يدينهم بالإرهاب، كضبط أسلحة أو متفجرات بحوزتهم، أو خطاب منسوب لهم يحرض على العنف والإرهاب. وقال محامي قميرة نايت سيد إن اتهامها بـ«الانتماء إلى تنظيم انفصالي إرهابي لا يستند لوقائع مادية»، وخصوصاً أن المنظمة غير الحكومية التي تقودها (المؤتمر الأمازيغي العالمي) تمنع قوانينها، حسبه، الانتماء إلى أي تنظيم آخر. من جهته، ذكر دفاع آيت شبيب (54 سنة) أنه قطع صلته بالتنظيم الانفصالي منذ سنوات، وذلك بسبب خلاف سياسي مع رئيسه اللاجئ بفرنسا فرحات مهني، لكنه ظل محتفظاً، حسب المحامي، بأفكاره بشأن مصير منطقة القبائل التي يعيش بها، وبكونها «تختلف سياسياً وثقافياً عن بقية مناطق الجزائر، وبالتالي تستحق أن يكون لها وضع إداري خاص»، وفق ما يؤمن به آيت شبيب. وفي نظر هؤلاء الناشطين، فإن فكرة الانفصال تعد «توجهاً سياسياً خالياً من أي عنف»، غير أن السلطات وباقي مناطق البلاد ترفض هذا الطرح بشدة وتحاربه، وتعلن تمسكها بوحدة البلاد.

فرحات مهني رئيس تنظيم «ماك» (الشرق الأوسط)

وعد مراقبون الأحكام الجديدة بخصوص «نشطاء الانفصال» بمثابة انفراجة سياسية تعكس رغبة الحكومة بتسوية هذا الملف. أما رئيس «الحكومة المؤقتة للقبائل» فرحات مهني، فما زال تحت طائلة حكم غيابي بالسجن 20 سنة مع التنفيذ، ومذكرة اعتقال دولية ضده. كما يتابع ثلاثة آخرون من نفس التنظيم يوجدون بالخارج بنفس التهم، وصدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن. يشار إلى أنه في صيف 2021 اتهمت الحكومة «ماك» وتنظيماً إسلامياً محظوراً، يسمى «رشاد»، بإضرام نيران مهولة بمنطقة القبائل، خلفت قتلى وخسائر كبيرة في الحقول والمواشي والمباني. كما اتهمت دولاً بدعم الحركتين مادياً. إلى ذلك، غادر وزير التضامن السابق، سعيد بركات، أمس (الخميس)، السجن على أثر قبول القضاء طعناً من دفاعه، يستند إلى حالته الصحية التي ساءت في الأشهر الأخيرة. واستفاد بركات (76 سنة) من «إفراج مشروط»، وهو إجراء استثنائي يتيح للسجين العودة إلى بيته، في حين تبقى عقوبته سارية حتى انقضائها. وكانت المحكمة أدانته بالسجن 10 أعوام بتهمة «الفساد»، قضى منها ثلاثة.

وزير العمل السابق محمد الغازي (الشرق الأوسط)

وبركات هو ثالث وزير من فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة يغادر السجن، بعد وزير العمل السابق محمد الغازي، وذلك بسبب المرض، ووزيرة الثقافة سابقاً خليدة تومي، التي استفادت من حكم جديد قلص مدة عقوبتها.

شاركها.
Exit mobile version