في ظل التوجهات الاستراتيجية الطموحة لدولة قطر، وخاصةً في إطار “رؤية 2030″، أصبحت *مكاتب إدارة المشاريع (PMO) عنصراً حاسماً في ضمان نجاح تحويل الخطط الكبرى إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع. يؤكد *سامة خليفة، شريك الاستشارات الإدارية في قطر، أن هذه المكاتب لم تعد رفاهية إدارية، بل ضرورة حيوية لمواكبة التسارع الكبير في تنفيذ المشاريع التنموية والاقتصادية.  

ويشير خليفة إلى أن الدور الأساسي لـ مكاتب إدارة المشاريع لا يقتصر على المتابعة والرقابة فحسب، بل يمتد ليكون جسراً يربط بين التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ العملي، عبر آليات منهجية تضمن الكفاءة والشفافية وتحقيق الأهداف ضمن الجدول الزمني والميزانية المحددة.  

يأتي هذا التصريح في وقت تشهد فيه قطر طفرة في المشاريع الكبرى، خاصةً في قطاعات البنية التحتية والطاقة والاقتصاد الرقمي، مما يزيد من الحاجة إلى تبني أفضل الممارسات العالمية في إدارة المشاريع لضمان العوائد الاستثمارية المُثلى.  

واكد قائلًا:” في بيئة عمل تتسارع فيها المتغيرات وتزداد فيها التحديات، أصبحت مكاتب إدارة المشاريع حجر الزاوية في تحويل الاستراتيجيات إلى واقع ملموس. فهي لا تكتفي بإدارة الجداول الزمنية والميزانيات، بل تسهم بفعالية في مواءمة المشاريع مع الأهداف الوطنية والاستراتيجية للمؤسسات، وتعزز الحوكمة، وتقلل من المخاطر التنظيمية، وتسرّع من وتيرة الإنجاز.  وقد أظهر استطلاع أجرته بي دبليوسي الشرق الأوسط بالتعاون مع معهد إدارة المشاريع (PMI) أن المؤسسات التي تمتلك مكاتب إدارة مشاريع ناضجة وعالية الأداء تحقق تحسينات كبيرة في الإيرادات ورضا وجذب العملاء والحوكمة الإدارية بمقدار 2.5 مرة أكثر مقارنةً بالمؤسسات الأخرى، مما يؤكد الدور الحيوي لهذه المكاتب في تحقيق نتائج ملموسة ومستدامة. وتبرز أهمية هذا الدور حاليا في دولة قطر بشكل خاص في دعم تحقيق أهداف رؤية قطر الوطنية 2030 واستراتيجية التنمية الوطنية الثالثة والانتقال بها إلى مرحلة التنفيذ.

تتدرج مكاتب إدارة المشاريع في الدور الذي تلعبه في الشركات والمؤسسات من مكتب يضم كافة مدراء المشاريع ويكون مسؤولاً عن إدارة تنفيذ هذه المشاريع بشكل مباشر إلى دور رقابي يضع السياسات اللازمة لإدارة المشاريع ويدعم تنفيذها دون الإدارة المباشرة لخطط التنفيذ وبرامج العمل، وهي تسعى في جميع أدوارها لتعزيز مبادئ الحوكمة الفاعلة من خلال ضمان الالتزام بالمعايير المؤسسية وتعزيز الشفافية والمُساءلة. كما تشجع المكاتب الناجحة القادة على الاستماع إلى ملاحظات فرق العمل واجتهاداتهم، مما يسهم في تحسين عملية اتخاذ القرار وتعزيز بيئة عمل ديناميكية قائمة على التحسين المستمر. وقد أظهر الاستطلاع المشار إليه أن 75% من مكاتب إدارة المشاريع عالية الأداء تَعتبر الإدارة العليا شريكاً استراتيجياً، مما يساهم في تحسين عملية اتخاذ القرار وتعزيز بيئة العمل التعاونية، وهذا يتواءم أيضاً مع تطلعات رؤية قطر 2030 التي تركز على بناء مؤسسات حكومية فعالة تعتمد على مبادئ الشفافية والمساءلة لتعزيز التنمية المستدامة.

ومع ازدياد نضج الممارسات في مكاتب إدارة المشاريع فإنها تساهم بشكل أكبر في رفع جودة تنفيذ المشاريع من خلال تطبيق أفضل الممارسات في إدارة المخاطر، مما يساعد في التنبؤ بالمشكلات قبل وقوعها ويساهم في ضمان نجاح المشاريع. وقد أصبح اعتماد مكاتب إدارة المشاريع على الأدوات الرقمية ضرورة لتعزيز الكفاءة، حيث توفر التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات وأتمتة التقارير رؤية دقيقة حول أداء المشاريع، مما يساعد في اتخاذ قرارات استراتيجية مبنية على البيانات. في هذا السياق، تؤيد 84% من مكاتب إدارة المشاريع عالية الأداء استخدام نهج قائم على البيانات في اتخاذ القرارات وتحديد أولويات المشاريع. وعلى الرغم من هذا التقدم التكنولوجي، يظل العنصر البشري العامل الرئيسي في نجاح المشاريع، إذ تعتمد المكاتب عالية الأداء على بناء الثقة والعلاقات داخل المؤسسة لتحقيق النتائج التي تستهدفها.

بناءً على ذلك، سيظل دور مكاتب إدارة المشاريع محورياً في مساعدة المؤسسات على التكيف مع التغيرات السريعة والمتطلبات المتزايدة في بيئات العمل المتغيرة. هذه المكاتب لن تكون فقط وسيلة لتنفيذ المشاريع، بل ستساهم بشكل فاعل في تحقيق التميز من خلال المتابعة المستمرة للأداء وتحليل البيانات لتوجيه اتخاذ القرارات الاستراتيجية وضمان استدامة النجاح على المدى الطويل.

شاركها.
Exit mobile version