قتلت قوات الأمن الباكستانية 4 إرهابيين ينتمون إلى الجماعات البلوشية الانفصالية في بالوشستان، على أثر تبادل طويل لإطلاق النار مع الجماعات المسلحة.

وقع تبادل إطلاق النار في منطقة «جورى جاهول» في مدينة شامين بإقليم بالوشستان. وقال المتحدث باسم «قوات مكافحة الإرهاب» إن القتلى متورطون في هجوم على مقر قوات حرس الحدود في منطقة «مسلم باغ». وتمكنت القوات من مصادرة كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر من الإرهابيين.

تجدر الإشارة إلى أن هجمات الانفصاليين البلوش على المنشآت العسكرية آخذة في الارتفاع بإقليم بلوشستان، حيث تدور حركة تمرد رئيسية منخفضة الحدة.

وتنفّذ قوات الأمن الباكستانية غارات عسكرية منتظمة ضد الجماعات المسلحة، التي تعمل الآن انطلاقاً من الأراضي الإيرانية.

مواطنون ينتظرون دورهم للحصول على طعام مجاني يوزعه المتطوعون أثناء هطول الأمطار خارج مخيم للنازحين داخلياً بالمنطقة الجنوبية في باكستان (أ.ب)

ويعتقد خبراء الأمن والاقتصاد الباكستانيون الآن أن استمرار أنشطة الجماعات المسلحة في شمال غربي وجنوب غربي البلاد يمكن أن يزعزع استقرار باكستان على المستويين الاقتصادي والسياسي.

يقول أحد خبراء الاقتصاد: «عادة، عندما نتكلم عن عدم الاستقرار السياسي الذي يسبب تدهوراً في حالتنا الاقتصادية، فإننا نتكلم عن التنافس بين (الرابطة الإسلامية الباكستانية وحركة الإنصاف) من جهة، والمؤسسة العسكرية الباكستانية من جهة أخرى. وخطابنا العام يتجاهل ببساطة حقيقة أن تصاعد وتيرة العنف في الشمال الغربي والجنوب الغربي سوف يؤثر بشكل كبير على اقتصادنا الوطني».

ويضيف: «ربما نحن أكثر تركيزاً على شاشات قنوات الأخبار الخاصة بنا؛ لنتمكن من التفكير بطريقة أخرى في كيف أثَّرت بيئتنا الأمنية على قدرتنا الاقتصادية، وكيف ستؤثر على ظروفنا الاقتصادية في المستقبل».

ليس من المستغرب أن يتحدث الزعماء السياسيون الباكستانيون الآن من منطلق التوصل إلى الإجماع بين الأحزاب السياسية على الفصل بين الاقتصاد والسياسة. ومؤخراً، تحدّث كل من رئيس الوزراء شهباز شريف، والرئيس السابق آصف علي زرداري، عن تجنب القرارات قصيرة الأمد القائمة على النفعية السياسية، والتركيز على اتخاذ القرارات بشأن الاقتصاد، استناداً إلى معايير اقتصادية بحتة.

ينبع هذا التفكير من تجربة الحكومات السابقة والحكومة القائمة في التعامل مع القرارات السيئة التي اتخذها أسلافهم، والتي اتخذت على أساس النفعية السياسية. يؤكد الخبراء الاقتصاديون «أن الأزمة الحالية في الاقتصاد الباكستاني يمكن أن تُعزى جزئياً إلى السلوك المالي غير المسؤول للحكومات المتعاقبة. وقد أعطت كل إدارة أولوية للمكاسب السياسية قصيرة الأجل على الاستدامة الاقتصادية طويلة الأجل، مما أسفر عن الوضع الراهن. وبدأت المشكلات الظهور، خلال العام الأخير من ولاية حكومة حركة الإنصاف، مع ارتفاع التضخم وزيادة العجز المالي.

سعت الحكومة إلى الحصول على مساعدة من «صندوق النقد الدولي» من خلال حزمة الإنقاذ، لكن عندما أصبحت الإطاحة بعمران خان أمراً لا مفر منه، نسفت حكومة حركة الإنصاف الاتفاق بالإعلان عن دعم غير مموّل للطاقة، تاركة المسؤولين الوافدين يواجهون العواقب، كما يؤكد تحليل للظروف الاقتصادية من قِبل خبير اقتصادي شاب. «ومع ذلك، كان الوضع مشابهاً عندما تولت حركة الإنصاف السلطة عام 2018، فقد ورثوا عجزاً مالياً هائلاً بلغ نحو 20 مليار دولار، فضلاً عن أزمة عملة من الحكومة السابقة التي كانت تابعة لحزب الرابطة الإسلامية الباكستانية. ورغم وعود وزير المالية الحالي، فقد بدت الحكومة الحالية غير واثقة من إدارة الاقتصاد، وقد تفاقم الوضع بسبب اقتصاداتها الزائفة».

تكمن المشكلة في أنه حتى لو توصلت كل القوى السياسية في المجتمع إلى تفاهم يُسمى «ميثاق الاقتصاد»، كما أطلق عليه زعماء الائتلاف الحاكم، فإن هذا من شأنه أن يحل مشكلاتنا جزئياً. وبوسعنا أن نقول إنه بعد أن يوقِّع الجميع على مثل هذا الميثاق، يمكننا أن نتوقع أن تكف الحكومات السياسية في المستقبل عن ارتكاب الأخطاء المتعمدة التي قد تتسبب في مشكلات للحكومات التالية. ومع ذلك لا يمكننا بهذه الفكرة أن نغض الطرف عن كوابيسنا الأمنية النابعة من إحياء نشاط المتشددين في منطقتنا.

يرى الخبراء الاقتصاديون المستقلون الباكستانيون أنه لا يمكن فصل المشكلات الاقتصادية في باكستان عن مشكلاتها الأمنية. وأكثر من التوترات الحزبية والسياسية، والتوترات القائمة بين حركة الإنصاف والمؤسسة العسكرية الباكستانية، فإن التهديد الأمني الناجم عن حركة «طالبان» والانفصاليين البلوش سوف يحدد مستقبلنا الاقتصادي. بيد أن هناك مخاوف كبيرة من أن سوء إدارة الأوضاع السياسية الداخلية يمكن أن يزيد من عدم الاستقرار السياسي والأمني.

شاركها.
Exit mobile version