منذ أسبوعين، تعيش السيدة آمال الغمري (58 عاماً) في قلق يومي، خشية أن يصدق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على قانون «الإيجار القديم»، الذي أصدره البرلمان في 2 يوليو (تموز) الحالي، ويفرض على الملايين من ساكني نظام «الإيجار القديم» إخلاء وحداتهم خلال مهلة زمنية محددة… وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «كلما مر يوم دون توقيعه، يمنحنا أملاً أكبر في أن يرفضه أو يطالب بتعديله».

وينص القانون على إنهاء عقود «الإيجار القديم» بعد سبع سنوات للشقق السكنية، وخمس سنوات لغير السكنية، مع تشكيل لجان حصر في كل محافظة لتقسيم المناطق إلى متميزة، ومتوسطة، واقتصادية، وتحديد الزيادة في الإيجار، ليرتفع 20 ضعفاً في المناطق المتميزة، وبحد أدنى ألف جنيه (نحو 20 دولاراً)، و10 أضعاف في المناطق المتوسطة، والاقتصادية بحد أدنى 400 و250 جنيهاً على التوالي.

تتابع الغمري، التي رحل زوجها منذ شهور، ما يحدث من خلال «غروبات» للمستأجرين على السوشيال ميديا، سواء لأهالي طنطا (دلتا النيل) حيث تعيش، أو في مختلف المناطق. وتقول: «لا تستطيع الأم التي يقتصر دخلها على معاش زوجها إيجاد بديل، فضلاً عن أنها لا ترغب في أن تترك منزلها الذي عاشت فيه طيلة 35 عاماً».

البرلمان مرر قانون الإيجار القديم في جلسة 2 يوليو 2025 (وزارة الشؤون النيابية)

يشارك آمال السيدة الخمسينية 1.6 مليون أسرة تسكن في شقق إيجار قديم بمصر، ممن بات أملهم الوحيد في إعادة المداولة حول القانون المرتقب، ورفض الرئيس له وإعادته إلى مجلس النواب (البرلمان) لمناقشته من جديد.

وأثار القانون جدلاً واسعاً بين أصحاب الأملاك ممن يحصلون على أجرة قد لا تتعدى بضع جنيهات ويرغبون في استعادة شققهم، والمستأجرين الذين يتمسكون بحق البقاء في مساكنهم حتى لو كان ذلك مقابل زيادة الأجرة.

وتعهدت الحكومة بطرح بدائل سكنية للمضارين من قاطني «الإيجار القديم» قبل انتهاء مدة السبع سنوات.

ويمنح الدستور، وفق المادة 123، الرئيس مهلة 30 يوماً لإبداء موقفه من القوانين المُحالة إليه من البرلمان، إما بتوقيعه، تمهيداً لإصداره في الجريدة الرسمية ودخوله حيز النفاذ من اليوم التالي لنشره، وإما رفضه والاعتراض على بعض مواده، وفي هذه الحالة يعود القانون للبرلمان، ومن حقه إما أن يأخذ بملاحظات الرئيس ويعدل القانون، وإما أن يتمسك بمواده بشرط موافقة ثلثي الأعضاء، ليصدر دون العودة مرة أخرى للرئيس، وفق المحامي حسن شومان.

https://www.facebook.com/elham.eidarous/posts/pfbid02ydyrqPZH5wofSo3XFo5wfdHNcnj7pUFGWRZSn9qrtnLsJg9t7fKWHX7qzEkKydb1l?rdid=aLjzJNdlXPsAFZpq#

وأضاف شومان لـ«الشرق الأوسط» أن القانون لا يصدر سوى بالآلية السابقة، وبالتالي فإلى الآن، هناك فرصة لتعديل «الإيجار القديم» أو إصداره كما هو، وفق موقف الرئيس، مشيراً إلى أن «عدم الرد يعد موقفاً بالامتناع، وبه يعود القانون إلى المجلس لإصداره».

وطالب عضو مجلس النواب مصطفى بكري، عبر «إكس»، السيسي بعدم التصديق على القانون الذي وصفه بـ«الجائر»، وإعادته مرة أخرى إلى البرلمان.

وكان رئيس «اتحاد المستأجرين» والمحامي شريف الجعار، أرسل صبيحة تمرير مجلس النواب للقانون، التماساً شعبياً للرئيس لرفضه. وفي إشارة عدّها «مبشرة»، وفق وصفه لـ«الشرق الأوسط» وصل للمحامي، الثلاثاء، «رد من مؤسسة الرئاسة موقعة من الرئيس بعلم الوصول».

صورة من خطاب مسجل بـ«علم الوصول» من رئاسة الجمهورية لرئيس اتحاد مستأجري الإيجار القديم شريف الجعار (الشرق الأوسط)

وقال الجعار إنه لا يُخفي قلقه من أن يمر الأسبوعان الباقيان في المدة الدستورية للاعتراض على القانون، دون رفض الرئيس له، ومن ثم سيصدر، لكن وصول هذه الرسالة له «يحمل معاني».

ويرى نائب رئيس «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، عماد جاد، في «عدم توقيع الرئيس على المشروع حتى الآن، مؤشراً على استماعه لجميع الآراء»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «حصلت في مرات كثيرة سابقة، أن يصدر مسؤول أو جهاز تنفيذي قراراً، ويخرج الرئيس مصححاً له»، لذا «من غير المستبعد أن يرفض الرئيس القانون خصوصاً مع تهديده للسلم المجتمعي، وتأثيره على حياة الملايين».

ويرى جاد، أن «فض مجلس النواب دور الانعقاد الخامس الأسبوع الماضي، لا يعني انتهاء عمل المجلس، إذ من الممكن أن يدعو الرئيس لعقد دور انعقاد سادس في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل قد يمتد حتى ديسمبر (كانون الأول)، ما يعني وجود وقت لإعادة مناقشة القانون».

لا يزال الباب مفتوحاً أمام تعديل قانون الإيجار القديم (الشرق الأوسط)

يختلف الخبير في «مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية» عمرو هاشم ربيع، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة «القاهرة» مصطفى كامل السيد، مع جاد في تصريحين لـ«الشرق الأوسط». وقال الأول إن «من عادة الرئيس إصدار القوانين قبل أيام قليلة من مضي الشهر»، وزاد الثاني أن «الرئيس متحمس للقانون وفلسفته وهو ما يظهر في تصريحات سابقة له انتقدت الإيجار القديم والشقق المغلقة، كما أن الحكومة لا تعمل بمعزل عن الرئيس، ولا تقدم قوانين دون علمه».

الأمر ذاته يراه عضو مجلس النواب ضياء الدين، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «الواقع حتى الآن، هو أن مجلس النواب مرر قانون الإيجار القديم رغم رفض المعارضة له وتحذيرهم منه، وهو ما يجب أن نتعامل معه، بعيداً عن الأمنيات».

“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}

شاركها.
Exit mobile version