شككت مصر في الرواية الإثيوبية الخاصة باكتمال مشروع «سد النهضة»، في وقت تستعد فيه أديس أبابا لتدشين «السد» رسمياً في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وقال وزير الري المصري، هاني سويلم، إن «السد الإثيوبي لم يكتمل»، وأضاف، في تصريحات متلفزة، أن إعلان أديس أبابا موعد افتتاحه «يخالف الواقع»، مشيراً إلى أن «إثيوبيا لم تنتهِ من تركيب توربينات (السد) كاملاً، وأن ما يعمل حتى الآن ما بين 5 و6 توربينات بشكل تبادلي من بين 13 توربيناً».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، «تدشين مشروع (السد) رسمياً في سبتمبر المقبل»، ودعا، في كلمة أمام برلمان بلاده، الأسبوع الماضي «حكومتي مصر والسودان للمشاركة في هذا الحدث».

وهناك خلاف بين مصر وإثيوبيا حول مشروع «سد النهضة»، الذي أقامته أديس أبابا على رافد نهر النيل الرئيسي، حيث تطالب دولتا المصب (مصر والسودان) باتفاق قانوني ملزم ينظم عمليات «ملء وتشغيل السد».

وعدّ وزير الري المصري، السد الإثيوبي «مشروعاً غير شرعي»، وقال، مساء الخميس، إن «(السد) بُني بشكل غير شرعي خارج الأطر القانونية المتعارف عليها دولياً»، منوهاً بأن أديس أبابا «خرقت بوضوح اتفاق (إعلان المبادئ) الموقع في عام 2015 من خلال الملء الأحادي وتشغيل (السد) دون التوصل لاتفاق قانوني ملزم مع دولتي المصب مصر والسودان».

ووقعت مصر وإثيوبيا والسودان في مارس (آذار) 2015 اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن «سد النهضة»، تضمن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث؛ من بينها، التزام إثيوبيا بـ«عدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وزير الري المصري خلال متابعة المنظومة المائية في بعض المحافظات المصرية (الري المصرية)

وشدّد الوزير سويلم على أن «بلاده لن تقبل بأي عبث بأمنها المائي»، وقال إن «مصر تتابع جميع تطورات (السد) بدقة باستخدام الأقمار الصناعية والبيانات التحليلية، بما يسمح بتقدير كميات المياه المخزنة والتصرفات الإثيوبية»، مشيراً إلى ما وصفه بـ«التحركات العشوائية» من الجانب الإثيوبي «التي لا تستند لمبررات فنية».

وكان آبي أحمد، أشار أمام برلمان بلاده، إلى أن «سد النهضة لن يسبب ضرراً لمصالح مصر والسودان»، وأبدى استعداد بلاده «لمواصلة الحوار مع الجانب المصري»، معتبراً المشروع «فرصة للتعاون الإقليمي وليس للصراع»، غير أن وزير الري المصري قال إنه «يتحدى رئيس الوزراء الإثيوبي أن يترجم تصريحاته بعدم إضرار دولتي المصب إلى اتفاق ملزم يتعهد فيه بعدم التسبب في أي ضرر لمصر».

وأعلنت مصر توقف مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن «السد» خلال العام الماضي، بعد جولات مختلفة على مدار 13 عاماً؛ وذلك نتيجة لغياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي، حسب وزارة الري المصرية.

ووفق وزير الري المصري الأسبق، محمد نصر علام، «بات مشروع السد الإثيوبي واقعاً رغم عدم اكتمال تشغيل جميع التوربينات»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإشكالية ليست إعلان أديس أبابا افتتاح (السد) دون الانتهاء من تشغيله كاملاً، وإنما في المخاطر التي يشكلها على الأمن المائي لدولتي المصب مصر والسودان».

وأوضح علام أن «كميات المياه التي يتم تخزينها في بحيرة (السد) تخصم من حصة مصر السنوية»، مشيراً إلى أن «دولتي المصب لم تشعرا بأضرار ملء (السد) خلال السنوات الأخيرة نتيجة لتزامنها مع سنوات الفيضان المرتفع».

رئيس الوزراء الإثيوبي خلال تفقد أعمال الإنشاءات بـ«سد النهضة» في أغسطس الماضي (قناته على تلغرام)

وتعتمد مصر على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، وتحصل على حصة مياه سنوية تبلغ 55.5 مليار متر مكعب، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب «الري المصرية».

ويرجح علام «تأثر دولتي المصب هذا العام من عمليات ملء وتشغيل السد الإثيوبي، في ظل توقعات تشير إلى بداية دورة سنوات الجفاف على منابع النيل»، لافتاً إلى «حتمية التوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، حتى لا تقع أضرار على مصر والسودان».

ويرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن «الجانب الإثيوبي انتهى من اكتمال بناء (السد) إنشائياً العام الماضي»، غير أنه أشار إلى أن «هناك شواهد عديدة على عدم اكتمال الجانب الإثيوبي من المشروع، منها عدم تركيب جميع توربينات (السد)»، إلى جانب «الاكتفاء بسعة تخزينية عند 64 مليار متر مكعب على عكس ما تعلن الحكومة الإثيوبية عند نسبة 74 مليار متر مكعب».

وسبق أن أعلن آبي أحمد في مارس الماضي «اكتمال بناء وملء بحيرة سد النهضة، مع وصول السعة التخزينية للمياه إلى 74 مليار متر مكعب».

وباعتقاد شراقي فإن إعلان الجانب الإثيوبي تدشين «السد» قبل اكتماله يعد «تصريحاً سياسياً، هدفه طمأنة الداخل الإثيوبي، وسط تساؤلات داخلية عن نتائج مشروع (السد)»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الجانب الإثيوبي قال إن الهدف من إقامة (سد النهضة) هو توليد الكهرباء، ولأغراض تنموية لم يشعر بها الداخل الإثيوبي حتى الآن».

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version