الدوحة – قنا

تُعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية منصة عالمية كبرى، تجمع قادة وممثلي الدول الأعضاء، لمناقشة القضايا الدولية الملحة، واتخاذ القرارات، وتبادل الرؤى بشأن السلم والأمن الدوليين، وحقوق الإنسان، والتنمية المستدامة. 


وانطلاقا من أهمية هذا المحفل الدولي، يحرص حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، “حفظه الله ورعاه”، على المشاركة فيه سنويا، مؤكدا مواقف دولة قطر الثابتة والتزامها بدعم الأمن والسلام العالميين، والعمل المشترك من أجل التنمية والرفاه لجميع الشعوب، وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات الراهنة.


ويعكس الحضور المؤثر لسموه في هذا الحدث العالمي، الذي يُعد بمثابة قمة دولية بامتياز، المكانة المرموقة لدولة قطر على الساحة الدولية، ودورها الفاعل في دعم الحوار والوساطة وحل النزاعات بالطرق السلمية، فضلا عن شراكاتها المثمرة مع المجتمع الدولي في مختلف المجالات السياسية، والاقتصادية، والتنموية، والإنسانية. 


على أرض الواقع، أثبتت دولة قطر نجاحها في لعب دور الوسيط في عدة نزاعات إقليمية ودولية، مثل وساطتها في دارفور، والصراع في السودان، ثم عملية السلام في أفغانستان، التي استضفتها الدوحة، والتوسط في اتفاق الدوحة حول لبنان عام 2008، وحل النزاع الحدودي بين جيبوتي وإريتريا، والجهود الدؤوبة التي بذلتها في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فضلا عن دعمها المستمر للمشاريع التنموية في الدول النامية عبر مؤسسات مثل مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، إلى جانب إسهاماتها في تعزيز الأمن الغذائي من خلال استثمارات استراتيجية في قطاع الزراعة والأمن الغذائي العالمي، ما يعكس التزامها العملي والفعلي بقضايا التنمية المستدامة وسلام الشعوب.


وفي هذا الإطار، أكد عدد من المسؤولين والأكاديميين والمحللين السياسيين، في تصريحات لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، أن مشاركة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى في الدورات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، بانتظام، تجسد التزام دولة قطر الراسخ بتعزيز الحضور الدبلوماسي الفاعل على الساحة الدولية، وحرصها على إيصال رسائلها السياسية من أعلى منبر متعدد الأطراف.


وشددوا على أن حضور سمو الأمير المفدى، بانتظام في اجتماعات الأمم المتحدة، يعكس استراتيجية قطر المتوازنة التي ترتكز على الدبلوماسية النشطة والحياد البناء، ما مكّن الدولة من لعب دور الوسيط الدولي الموثوق، منوهين إلى أن خطابات سموه، حملت رسائل واضحة تدعو إلى التهدئة والحلول الدبلوماسية، ودعم القضية الفلسطينية، وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات العالمية، وهو ما يعكس رؤية قطر الشاملة التي تجمع بين دعم قضايا السلام والتنمية، ورفض التصعيد العسكري، والتأكيد على حلول سلمية مستدامة للنزاعات.


وتوقعوا أن تواصل دولة قطر تعزيز مكانتها العالمية من خلال التزامها القوي بالقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة، وتوظيف قوتها الناعمة في تحقيق الأمن والاستقرار، بالإضافة إلى دعمها المستمر للدول النامية وقضايا التنمية، مع التركيز على القضية الفلسطينية كقضية مركزية في سياساتها الخارجية.


وفي هذا السياق، أكد سعادة السيد ناصر بن عبد العزيز النصر، رئيس الدورة السادسة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة والممثل السامي السابق لتحالف الحضارات، أن دولة قطر تضطلع بدور محوري داخل منظومة الأمم المتحدة، وأصبحت عنصرا رئيسيا في قضايا السلام والتنمية على الصعيد الدولي.


وأشار سعادته، إلى أن خطابات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت شاملة وواضحة، وجسدت التزام دولة قطر الدائم بالسلام وتعزيز التعاون الدولي، بما يعكس حضورها المؤثر في مختلف القضايا العالمية.


ولفت إلى أن خطابات سموه حملت رسائل بالغة الأهمية في ظل التحديات الدولية الراهنة، من تصاعد النزاعات وتداعيات التغير المناخي، إلى استمرار أزمات الأمن الغذائي والصحي، مؤكدًا أن أبرز هذه الرسائل تمثل في الدعوة إلى التهدئة، والتمسك بالحلول الدبلوماسية الوقائية، ورفض منطق القوة في حل النزاعات، لا سيما في المناطق التي تشهد أزمات وصراعات متفاقمة.


وأضاف سعادة السيد ناصر بن عبد العزيز النصر أن مضامين رسائل سمو الأمير المفدى أمام الدورات السنوية للجمعية العامة تؤكد إيمان قطر العميق بأهمية العمل متعدد الأطراف، وتعزيز دور الأمم المتحدة كمنصة جامعة لتحقيق السلام والتنمية المستدامة، إلى جانب التزامها الدائم بدعم قضايا العالم النامي، خاصة في مجالات التنمية والتعليم وتمكين الشباب، وهي أولويات عززتها قطر بمبادرات ومؤسسات وطنية رائدة.

من جانبها، أكدت الدكتورة نافجة صباح البوعفرة، أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة قطر، أن حرص حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، على المشاركة شخصيا وبانتظام في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوية، يعكس التزام دولة قطر بتعزيز الحضور الدبلوماسي الفاعل، وحرصها على إيصال رسائلها السياسية إلى العالم. 


وذكرت البوعفرة أن خطابات سموه أمام اجتماعات الدورات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، تجسد نهج السياسة الخارجية القطرية القائم على توثيق العلاقات متعددة الأطراف والتفاعل المباشر مع القضايا الدولية، لافتة إلى أن هذا الحضور يكرّس مكانة قطر كدولة ذات دور موثوق في مجالات الوساطة وحل النزاعات، بالإضافة إلى مساهماتها في الجهود الإنسانية والتنموية والإغاثية.


ومضت إلى القول في سياق متصل: “إن دولة قطر تحرص من خلال مثل هذه المشاركة على إيصال رسائل متعددة تعكس التزامها بمبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وحرصها على توسيع حضورها كصوت مسؤول يسعى إلى صياغة حلول جماعية للتحديات العالمية”. 


وذكرت أن العالم يشهد حاليا تحولات عميقة بفعل الحروب والأزمات المناخية، وتفكك سلاسل الإمداد، وتنامي النزعات القومية، ما يستدعي إعادة بناء النظام الدولي على أسس تراعي توازنات القوة.


بدوره، أفاد الدكتور أحمد محمد غيث الكواري، المستشار القانوني والخبير في العلاقات السياسية والدولية، بأن المشاركة المرتقبة لدولة قطر في أعمال الدورة الـ80 للجمعية العامة خلال سبتمبر المقبل، تمثل امتدادا طبيعيا لنهجها الثابت في السياسة الخارجية القائم على الاستقلالية والدبلوماسية النشطة والوساطة البنّاءة. 


وبين الكواري أن القيادة القطرية ستركز في خطابها على التأكيد بأن الحوار هو السبيل الوحيد لحل النزاعات، ورفض التدخلات العسكرية والانقسامات الأيديولوجية، مجددا موقفها الثابت تجاه القضية الفلسطينية والمطالبة بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.


وأضاف أن دولة قطر ستسلط الضوء على قضايا العدالة المناخية وأمن الطاقة، واستثماراتها في الطاقة النظيفة، فضلا عن الدعوة لإصلاح النظام الدولي متعدد الأطراف وتطوير آليات مجلس الأمن ليكون أكثر عدالة وتمثيلًا للدول النامية، مبرزا دورها كوسيط دولي موثوق حقق نجاحات عديدة. 


وشدد المستشار القانوني والخبير في العلاقات السياسية والدولية، على أن السياسة القطرية في الوساطة تقوم على الحياد النشط وربط التحركات بقرارات مجلس الأمن، مؤكدًا أن نجاحاتها الدبلوماسية هي ثمرة استثمار طويل في العمل الهادئ البعيد عن الضجيج.


من ناحيته، أوضح الدكتور الحواس تقية، الباحث بمركز الجزيرة للدراسات، أن حرص حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، على المشاركة بانتظام في دورات الجمعية العامة، يعبر عن التزام دولة قطر بمبادئ الأمم المتحدة وقوانينها التي تساوي بين الدول في الحقوق والواجبات، وهو ما يعزز قوة الدولة وحمايتها من محاولات العزل أو التضييق. 


ولفت تقية، إلى أن الحضور الشخصي لسموه، يتيح فرصا بروتوكولية فريدة للقاء قادة الدول واتخاذ قرارات استراتيجية مباشرة، إضافة إلى تأكيده المستمر على احترام مبدأ المساواة بين الدول، وتسوية النزاعات بالوسائل القانونية، ودعم القضية الفلسطينية وفق القرارات الأممية. 


وأكد أن سمو أمير البلاد المفدى، يبرز في خطاباته أمام اجتماعات الدورات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، إسهامات قطر في الوساطات الناجحة التي عززت مبادئ الأمم المتحدة، مثل الوساطة بين الكونغو ورواندا، والوساطة بين حماس وإسرائيل، وهي جهود تخدم الأمن القطري وتعزز شبكة علاقاته الدولية القائمة على الثقة والاحترام.


واتفق المتحدثون في الختام، على أن استمرار هذا الحضور القوي لدولة قطر في الدورات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، يعكس استراتيجيتها القائمة على الحضور الفاعل والمبادر، وتوظيف قوتها الناعمة في خدمة السلم والأمن الدوليين، والتأكيد على القضايا ذات الأولوية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والتنمية المستدامة، ودعم الدول النامية، في إطار التزام ثابت بالقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة.

شاركها.
Exit mobile version