قبل 5 أشهر، وقَّع الرئيس الوسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون معاهدة بشأن الدفاع المتبادل والتعاون، مما أدى إلى تعميق العلاقات بين البلدين المتجذرة منذ ما قبل الحرب الباردة.

ووفق تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، نشر كيم، خلال الأيام الماضية، جنوداً لمساعدة جهود موسكو الحربية في أوكرانيا.

بدأت القوات الكورية الشمالية في الوصول إلى الشرق الروسي في وقت سابق من هذا الشهر مبحرة على متن سفن تابعة للبحرية الروسية، وفقاً لوكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية. وقالت الوكالة إن هناك 3 آلاف جندي كوري شمالي على الأراضي الروسية في الوقت الحالي، ومن المتوقَّع أن يصبح عددهم 10 آلاف بحلول ديسمبر (كانون الأول).

في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن كوريا الشمالية تستعد لإرسال 12 ألف جندي للقتال إلى الجانب الروسي، ونفت موسكو وبيونغ يانغ هذه المزاعم، ولم يظهر أي دليل قاطع على أن القوات الكورية الشمالية دخلت ساحة المعركة حتى الآن.

تمتلك كوريا الشمالية أحد أكبر الجيوش في العالم؛ حيث يبلغ تعداده نحو 1.2 مليون جندي، لكنها لم تخض صراعاً كبيراً منذ الحرب الكوريتين بين عامي 1950 – 1953. ولعقود من الزمان، ادعت بيونغ يانغ أنها تعزز جيشها لردع الحرب في شبه الجزيرة الكورية.

ووفق الصحيفة، فإن إرسال قوات كوريا شمالية إلى الجبهة الأوكرانية من شأنه أن يمثل أول تدخل كبير لها في حرب خارجية. إليكم ما يجب أن تعرفوه عن العلاقات العسكرية المتنامية بين كوريا الشمالية وروسيا:

كيف تساعد كوريا الشمالية روسيا؟

التقى كيم وبوتين مرتين منذ العام الماضي، ووقَّعا معاهدة في بيونغ يانغ، يونيو (حزيران). وقد اعتمد بوتين على كيم لتجديد مخزوناته المتضائلة من الأسلحة.

قال مسؤولون دفاعيون من كوريا الجنوبية إن كوريا الشمالية أرسلت أكثر من 13 ألف حاوية شحن من قذائف المدفعية والصواريخ المضادة للدبابات والصواريخ الباليستية قصيرة المدى «KN – 23» إلى روسيا، منذ أغسطس (آب) 2023. كما أرسلت بيونغ يانغ فنيين وضباطاً لمساعدة الروس في تشغيل أسلحتها (كوريا الشمالية) وجمع البيانات حول أداء صواريخها خاصة ضد أنظمة الدفاع الجوي الغربية.

قالت وكالة الاستخبارات الوطنية في كوريا الجنوبية، يوم الجمعة الماضي، إن السفن البحرية الروسية نقلت 1500 من قوات العمليات الخاصة الكورية الشمالية إلى مدينة فلاديفوستوك الساحلية الروسية بين 8 و13 أكتوبر (تشرين الأول).

وأضافت أن القوات انتقلت بعد ذلك إلى عمق الداخل؛ إلى مدن أوسورييسك وخاباروفسك وبلاغوفيشتشينسك. وقد تم منحهم زياً عسكرياً روسياً وأسلحة وهويات مزورة حتى يتمكنوا من التظاهر بأنهم أشخاص من شرق سيبيريا؛ حيث يحمل سكان بوريات وياكوت الأصليون ملامح وجه آسيوية.

ونشرت كوريا الجنوبية أيضاً صوراً التقطتها الأقمار الاصطناعية تُظهِر ما سمته تحركات سفن تابعة للبحرية الروسية بالقرب من ميناء كوري شمالي ومئات الجنود الكوريين الشماليين المشتبه بهم، وهم يتجمعون في أوسورييسك وخاباروفسك، يوم الأربعاء الماضي. وقالت وكالة الاستخبارات الوطنية في كوريا الجنوبية: «من المتوقَّع أن يتم نشر القوات على الخطوط الأمامية بمجرد إكمال تدريبهم».

وأضافت أن كوريا الشمالية مستعدة لإرسال المزيد من القوات إلى روسيا، مشيرة إلى حركة الطائرات الروسية للنقل المتكررة بين بيونغ يانغ وفلاديفوستوك.

ماذا تريد كوريا الشمالية وروسيا؟

يريد بوتين التغلب على الخسائر الفادحة التي تكبدتها روسيا على الخطوط الأمامية في أوكرانيا. وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن: «هذا مؤشر على أنه قد يكون في ورطة أكبر مما يدركه معظم الناس. ذهب في وقت مبكر للحصول على أسلحة من جمهورية كوريا الشمالية، ثم من إيران، والآن يقوم بالتحرك للحصول على المزيد من العسكر».

كانت كوريا الشمالية واحدة من الدول القليلة التي دعمت علناً الغزو الروسي. وقد وفَّر هذا الدعم لكيم نفوذاً نادراً لرسم مسار جديد للعلاقات الخارجية بعد انهيار مفاوضاته مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. وضمن الدعم العسكري الذي قدمه كيم لبوتين استخدام موسكو لحق حق النقض في مجلس الأمن الدولي ضد أي محاولة جديدة تقودها الولايات المتحدة لفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية وتقويض الجهود الرامية إلى فرض العقوبات القائمة.

كما قال مسؤولون من كوريا الجنوبية إن كوريا الشمالية تتلقى النفط من روسيا، وهو ما من شأنه أن يساعدها في الحفاظ على موقفها المواجه تجاه الولايات المتحدة وحلفائها. ولكن من غير الواضح ما إذا كان بوتين سيذهب إلى حد مساعدة كوريا الشمالية في التغلب على العقبات التكنولوجية في برامجها النووية والصاروخية.

وعلى الرغم من أنها أجرت 6 تجارب نووية وأطلقت كثيراً من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، فإن كوريا الشمالية لم تتقن بعد التكنولوجيات التي تمكِّن صواريخها من الوصول إلى أهداف في الولايات المتحدة. ويقول بعض المحللين إن كوريا الشمالية بإرسال قوات لمساعدة روسيا كانت تحاكي المسار الذي سلكته كوريا الجنوبية قبل عقود من الزمان. وعززت سيول تحالفها مع واشنطن، من خلال إرسال ما يقرب من 320 ألف جندي إلى حرب فيتنام، وهي أكبر فرقة أجنبية قاتلت إلى جانب القوات الأميركية. وفي المقابل، ساعدت الولايات المتحدة في تحديث الجيش الكوري الجنوبي المتهالك. كما ساعدت في تحفيز النمو الاقتصادي لحليفتها من خلال القروض.

كيف استجاب العالم؟

نفت موسكو وبيونغ يانغ وجود صفقة أسلحة، أو تقارير عن وجود قوات كورية شمالية في روسيا. وكان أقوى رد فعل من جانب كوريا الجنوبية التي واجهت عدوانية متزايدة من جانب الشمال؛ فقد اعتبرت سيول أن العلاقات العسكرية المتنامية بين موسكو وبيونغ يانغ «تهديد أمني خطير» وانتهاك لقرارات الأمم المتحدة المتعددة التي تحظر التعاون العسكري لأي دولة عضو مع كوريا الشمالية.

واتهم مكتب الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، أمس، بيونغ يانغ بـ«دفع شبابها إلى حرب غير مبررة كمرتزقة». وحذر من أنه قد يتخذ «تدابير مضادة على مراحل» للرد على «التواطؤ العسكري» المتزايد بين موسكو وبيونغ يانغ. وقال مسؤول كوري جنوبي كبير، أمس، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن مثل هذه الخطوات قد تشمل توريد الأسلحة الدفاعية والهجومية إلى أوكرانيا.

حتى الآن، اقتصرت سيول على دعمها المباشر لأوكرانيا بالمساعدات الإنسانية والمالية والمعدات العسكرية غير الفتاكة، مثل أجهزة الكشف عن الألغام.

ويقول المسؤولون الكوريون الجنوبيون إن كوريا الشمالية تأمل من خلال إرسال قوات إلى القوات الروسية في أوكرانيا أن تفوز في المقابل بدعم روسيا العسكري، مثل المساعدة في برنامجها النووي وتحديث أنظمة الأسلحة التقليدية القديمة. وسوف تكون هذه المساعدة من موسكو بالغة الأهمية إذا بدأت كوريا الشمالية حرباً مع الجنوب. ووفقاً لتشا دو هيون، المحلل البارز بمعهد «أسان» للدراسات السياسية في سيول، فإن تعميق العلاقات العسكرية مع بيونغ يانغ «يعني أن روسيا تنظر الآن إلى تطوير كوريا الشمالية للأسلحة النووية ليس كمشكلة يجب حلها، ولكن كشيء يمكنها قبوله».

قُتل وجُرح أكثر من 600 ألف جندي روسي منذ شن بوتين الغزو الكامل لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version