وضع النائب العام الليبي، الصديق الصور، حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في مرمى انتقادات الخصوم، بعدما أثبتت النيابة صحة واقعة اقتحام مبنى «المؤسسة الوطنية للنفط» بالعاصمة، وأمرت باحتجاز 3 مشتبه بهم.

وكانت حكومة شرق ليبيا، برئاسة أسامة حمّاد، قد كشفت عن تعرض مؤسسة النفط، الواقعة تحت سيطرة حكومة «الوحدة»، لعمليات اقتحام من قبل مسلحين نهاية الأسبوع الماضي، لكن المكلف بتسيير مجلس إدارة المؤسسة، حسين صافار، سارع بنفي الواقعة، قائلاً: «هذه الادعاءات عارية تماماً عن الصحة».

الدبيبة مستقبلاً تيتيه في لقاء سابق (حكومة «الوحدة»)

وأعلن النائب العام الليبي مساء الخميس، اعتقال 3 مشتبه بهم، لاتهامهم باقتحام مقر «المؤسسة الوطنية للنفط»، وذلك بعد يوم من تهديد حكومة حماد، المكلفة من مجلس النواب، بإعلان حالة «القوة القاهرة» على حقول وموانٍ نفطية، بعد واقعة الهجوم على مقر المؤسسة.

ويرى متابعون أن توصّل التحقيقات، التي أجرتها النيابة، إلى وجود اقتحام فعلي للمؤسسة المشرفة على النفط الذي يعد مصدر «قوت الليبيين» يزيد من أزمة الدبيبة، الذي يطالبه محتجون في طرابلس بالاستقالة، في ظل تصاعد أجواء «العصيان المدني» بالعاصمة.

ولا تحظى حكومة حماد في بنغازي (شرق) باعتراف دولي، لكن معظم حقول النفط تخضع لسيطرة القائد العام لـ«الجيش الوطني»، المشير خليفة حفتر.

وسبق أن بررت «المؤسسة الوطنية للنفط»، في بيان لها، اقتحام مقرها، بقولها إن ما جرى «لا يتعدى خلافاً شخصياً محدوداً وقع في منطقة الاستقبال»، لكن حكومة حمّاد هددت أيضاً بنقل مقر المؤسسة مؤقتاً إلى «مدن آمنة»، مثل رأس لانوف والبريقة، وكلتاهما تخضع لسيطرتها.

وقال النائب العام في بيان، إن النيابة العامة «نظرت في إثبات اقتحام مقر المؤسسة… وباشرت استجواب المقبوض عليهم عقب تسلمهم من وزارة الدفاع، فأمرت بحبس المتهمين، وطالبت وزارة الدفاع وجهات الضبط إجراء ضبط بقية المساهمين في الواقعة».

إنتاج النفط الليبي تعطل مراراً خلال أكثر من 10 سنوات من الفوضى (أ.ف.ب)

وتعطل إنتاج النفط الليبي مراراً خلال أكثر من 10 سنوات من الفوضى، بدأت في 2014 عندما انقسمت البلاد بين سلطتين متناحرتين في الشرق والغرب، بعد انتفاضة دعمها حلف شمال الأطلسي، وأطاحت بحكم الرئيس الراحل معمر القذافي في 2011.

ودافعت وزارة الدفاع بغرب ليبيا عن نفسها بعد إفادة النيابة العامة، وقالت إنها «تابعت بشكل مباشر وميداني الحادثة، التي وقعت عند مدخل المؤسسة الوطنية للنفط، واتخذت الإجراءات الفورية بالتنسيق مع النيابة»، وأوضحت أنها سارعت إلى «تسليم العناصر المعنية إلى الجهات القضائية المختصة»، كما أكدت «التزامها حماية المرافق السيادية، ودعم سلطة القانون».

جانب من الاحتجاجات المطالبة برحيل الدبيبة وحكومته في العاصمة طرابلس (إ.ب.أ)

ويواجه الدبيبة منذ نحو 3 أسابيع، مظاهرات شبه يومية في طرابلس، قصد دفع حكومته إلى الاستقالة، واحتجاجات تطالب بعزله ومحاكمته. ولذلك ينظر لاقتحام مؤسسة النفط على أنها خطوة ستدعم تهديد حكومة حمّاد بنقل مقر المؤسسة خارج العاصمة، مما يزيد من أزمات الدبيبة وحكومته.

وفي شأن آخر، ثمّن الدبيبة «جهود النائب العام وتشكيله لجنتي تحقيق في الشكاوى والمظالم المرتبطة بالمجموعات الخارجة عن القانون، وفي الوقائع الأخيرة التي شهدتها العاصمة».

ورأى الدبيبة في بيان أصدره مكتبه الجمعة، أن «هذه الخطوة تمثل دعامة أساسية لتعزيز سيادة القانون، وتؤكد جدية مؤسسات الدولة في التصدي للانتهاكات ومساءلة مرتكبيها»، معتبراً أن التحقيقات التي تجريها النيابة راهناً «مكمّلة للعملية الأمنية والعسكرية الدقيقة، التي نفذتها وزارتا الدفاع والداخلية في منطقة أبو سليم؛ والتي حققت أهدافها في استعادة النظام، وفرض هيبة الدولة، وكشف حقيقة أحداث اليوم التالي للعملية؛ وما ترتب عليها من محاولات إحداث الفوضى، وقطع الطرق، والاعتداءات بجميع أشكالها».

وانتهى الدبيبة إلى أن «تكامل الجهود بين السلطات القضائية والتنفيذية أساس متين لتعزيز الاستقرار، وبناء مؤسسات دولة القانون، التي ينشدها كل الليبيين».

وكان النائب العام قد أصدر قراراً يقضي بتشكيل لجنة تتولى التحقيق في البلاغات والشكاوى المرفوعة ضد منسوبي جهازي «الأمن المركزي» و«دعم الاستقرار»، والوحدات الأمنية المرتبطة بهما، وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان المنسوبة إليهم.

جانب من الأدلة التي تم العثور عليها في «المقبرة الجماعية» (اللواء 444 قتال التابع للدبيبة)

و«جهاز دعم الاستقرار» هو ميليشيا كان يترأسه عبد الغني الككلي، الشهير بـ«غنيوة»، الذي قتل في معسكر التكبالي، مقر «اللواء 444 قتال»، في عملية وصفتها «حكومة الوحدة» بـ«الأمنية المعقدة».

ومنذ مقتل الككلي، والأجهزة الأمنية التابعة لحكومة «الوحدة» تكشف بمقرّ نفوذه في منطقة أبو سليم عن «جرائم قتل وخطف، بالإضافة إلى مقبرة جماعية قالت إنها عثرت عليها»، يرجح أنها تضم مواطنين أُبلغ عن اختفائهم.

فيما عرضت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة» ما سمّته «اعترافات» مصوّرة لمتهم يلقب بـ«الفاكو»، وهو من ميليشيا «دعم الاستقرار»، يقرّ فيها بـ«التورط في ارتكاب جرائم قتل» 19 ليبياً، من بينهم 14 شاباً من منطقة المشاشية، كانت تتسم قبل ذلك بالغموض.

كما أصدر النائب العام قراراً بتشكيل لجنة تضطلع بتحقيق تعرض متظاهرين ورجال الأمن خلال المظاهرات في مدينة طرابلس لإصابات، وسرقات أموال أفراد ومنشآت خاصة وعامة؛ أثناء الاضطراب الذي شهدته المدينة هذا الشهر، بما في ذلك ما أُسنِد من هذه الواقعات إلى منسوبي الجهات الأمنية وغيرهم.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version