وفي “بنان”، كان الناس يقفون حول مظلته التقليدية كما لو أنهم يكتشفون سرًا قديمًا أخفته اليابان طويلًا يلتقطون الصور، يسألون عن الورق، عن البامبو، عن الزيت الذي يحمي المظلة من المطر، وعن المدة التي تستغرقها صناعتها, وفي كل سؤال كان كووتارو يبتسم ويفتح نافذة صغيرة على عالمه الذي يمزج بين الدقة والخيال بين التراث والابتكار، وبين ما ورثه عن الأجيال وما يحاول أن يضيفه إلى هذا الإرث.

والمظلة اليابانية التقليدية، أو “واغاسا”، لا تُصنع في يوم أو يومين، بل تحتاج إلى ما يقارب أسبوعين كاملين من العمل المتواصل، حيث تُقطع أوراق الورق الياباني الفاخر بقوالب دقيقة، ثم تُلصق يدويًا على هيكل مصنوع من البامبو الطبيعي، ويستخدم غراءً منزليًا يُحضَّر خصيصًا للعملية، ثم يبدأ الجزء الأكثر حساسية في الحرفة، تغطية الورق بزيت بذور الكتان وتركه تحت الشمس لحين يجف الزيت، ويتحول الورق إلى سطح قادر على مقاومة المطر.

فكووتارو لا يرى التقاليد شيئًا ثابتًا بل يراها كائنًا حيًّا يستطيع أن يكبر ويتغيّر ويستجيب للعصر، شرط أن يظل محتفظًا بجذوره، وهذه الفلسفة هي ما جعلته حريصًا على أن يشارك في “بنان”، لأنه يدرك أن الحرفة لا تعبر الحدود إذا بقيت منغلقة على نفسها، بل تحتاج إلى فضاءات جديدة كي تنمو وتتنفس.

شاركها.
Exit mobile version