الدوحة – قنا

تفتح زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى قبرص، آفاقا أرحب للعلاقات بين البلدين وبدء مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي، ومن المنتظر أن تحدث هذه الزيارة نقلة نوعية في العلاقات الثنائية القوية والمتينة القائمة بين البلدين على جميع المستويات، وبنحو يخدم الأهداف والمصالح المشتركة للبلدين، وذلك بالنظر إلى الحرص الشديد من الجانبين على الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى متقدم.

وتعود العلاقة القطرية – القبرصية، إلى عام 2001، واستمرت في التطور إلى أن توجت بافتتاح سفارتي البلدين في العاصمتين الدوحة ونيقوسيا، حيث تم افتتاح السفارة القبرصية بالدوحة في 2004، والسفارة القطرية بنيقوسيا في 2007، كأول سفارة خليجية بالجمهورية القبرصية.

وشهدت العلاقات بين الدوحة ونيقوسيا تطورا ملحوظا ترجمتها الزيارات المتبادلة لقيادتي البلدين على مختلف المستويات، كان من أهمها زيارة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لجمهورية قبرص عام 2010، والتي أسفرت عن توثيق وتطوير العلاقات الثنائية وتم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات الهامة بين البلدين، وكذلك زيارة فخامة الرئيس ديميتريس خريستوفياس رئيس جمهورية قبرص الأسبق للدوحة عام 2009، وزيارة فخامة الرئيس نيكوس أناستاسياديس رئيس جمهورية قبرص السابق لدولة قطر عام 2014 على رأس وفد رسمي وتجاري رفيع المستوى، ضم عددا من الوزراء وأكثر من 60 شخصية من رجال الأعمال وممثلين عن كبرى الشركات الوطنية والخاصة في قبرص، كما استقبل سمو أمير البلاد المفدى، في نوفمبر 2023، فخامة الرئيس نيكوس خريستودوليدس رئيس جمهورية قبرص، وهو ما يعكس عمق العلاقات النابعة من اهتمام البلدين وحرصهما على تطويرها.

وتأتي زيارة سمو الأمير المرتقبة، بعد مرور 23 عاما على تأسيس العلاقات المشتركة، امتدادا للعلاقات المتينة والمتنوعة في كافة المجالات لتشكل نقلة نوعية أخرى في مسيرة البلدين.

وتصنف العلاقات الثنائية بين دولة قطر وجمهورية قبرص بالممتازة على كافة المستويات، حيث يرتبط البلدان بالعديد من اتفاقيات التعاون في مختلف المجالات.

ويشهد قطاع الإنشاءات، نموا ملحوظا بين الجانبين، حيث ساهمت شركات قبرصية في بناء وتشييد العديد من مشاريع البنية التحتية الكبرى في دولة قطر، ومن أهمها تشييد استاد المدينة التعليمية التابع لمؤسسة قطر، أحد ملاعب كأس العالم FIFA قطر 2022، كما تسير الخطوط الجوية القطرية انطلاقا من مطار لارنكا الدولي 14 رحلة ركاب أسبوعيا في فصل الصيف، و7 رحلات ركاب أسبوعيا في فصل الشتاء.

وفي ديسمبر 2021، وقع تحالف مكون من قطر للطاقة وإكسون موبيل، اتفاقية مع حكومة جمهورية قبرص، للاستكشاف والتنقيب والمشاركة بالإنتاج في المنطقة رقم 5 الواقعة جنوب شرق جزيرة قبرص، وهذه هي ثاني منطقة استكشاف لقطر للطاقة في جمهورية قبرص، حيث تم توقيع اتفاقية للاستكشاف والتنقيب والمشاركة بالإنتاج عام2017 في المنطقة رقم 10 لنفس التحالف، والتي أثمرت عن اكتشاف حقل غاز /غلاوكوس/ الذي تم الإعلان عنه في فبراير 2019، والذي يقدر حجمه بما يتراوح بين 5 و8 تريليونات قدم مكعبة من الغاز بناء على المعطيات الأولية.

وبموجب الاتفاقية، تمتلك قطر للطاقة حصة تبلغ 40 بالمئة في المنطقة رقم 5، بينما ستمتلك إكسون موبيل حصة تبلغ 60 بالمئة وستكون المشغل في المنطقة.

كما أن هناك تعاونا ثقافيا وتعليميا بين دولة قطر وجمهورية قبرص، من أبرز هذا التعاون، العمل على تحقيق الاعتراف الكامل بين الجامعات والمعاهد في البلدين، خاصة أن دولة قطر تعترف بجامعة قبرص ومعهد التكنولوجيا القبرصي، بالإضافة إلى مشاركة العديد من المثقفين من الجانبين في ندوات ومعارض ومؤتمرات تقام في كل من الدوحة ونيقوسيا.

ووفقا لبيانات المجلس الوطني للتخطيط، التي حصلت عليها وكالة الأنباء القطرية /قنا/، فإن صادرات دولة قطر لقبرص تركزت في زيوت نفط وزيوت متحصل عليها من مواد معدنية قارية، وبولميرات إثيلين بأشكالها الأولية، وأنابيب ومواسير وخراطيم ولوازمها، وخرائط من جميع الأنواع، بما في ذلك خرائط الجدران ومصورات المساحة، وغيرها، بينما تمحورت واردات دولة قطر من قبرص حول آلات وأجهزة صناعة الألبان، ومحاليل طبية وأدوية تحتوي على مضادات حيوية، ومنتجات وسلع أخرى.

ويتوقع أن تعزز الزيارة توسيع التعاون بين الدوحة ونيقوسيا خاصة في المجال الاقتصادي لتفتح آفاقا جديدة للتعاون بين البلدين، بما ينعكس إيجابا على التبادل التجاري والاستثماري وعلاقات التعاون والشراكة بين قطاعات الأعمال في البلدين.

وتشهد العلاقات بين البلدين منذ تأسيسها تطورا سريعا في كافة المجالات، خاصة في مجالات الطاقة والخدمات والسياحة، إذ إن قطر تحرص دائما على توسيع دائرة علاقاتها الدولية وتنويع مجالات ومواقع الاستثمارات الخارجية، وكذلك مد جسور التعاون البناء والمثمر مع كافة شعوب ودول العالم.

ولدى الدولتان مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تنظم العلاقات بينهما وتغطي التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري والفني والتعليمي والقانوني والصحي والسياحي، وكذلك الطاقة وتحلية مياه البحر والقطاع المصرفي والمالي وتشجيع وحماية الاستثمارات المتبادلة والنقل الجوي وتجنب الازدواج الضريبي، الأمر الذي من شأنه تحفيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات.

وفي نوفمبر من العام الماضي وقعت حكومة دولة قطر وحكومة جمهورية قبرص مذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، وتهدف المذكرة إلى تمتين رغبة الطرفين في توسيع أواصر الصداقة، وتشجيع وتعزيز التعاون في المجالات التعليمية والعلمية بين البلدين، تحقيقا للأهداف والغايات ذات الاهتمام المشترك.

وتقع جمهورية قبرص في شرق حوض البحر الأبيض المتوسط وهي ثالث أكبر جزيرة فيه بعد صقلية وسردينيا، وتبلغ مساحتها تسعة آلاف ومائتين وخمسين كيلومترا مربعا، وعدد سكانها أكثر من 1.26 مليون نسمة، وتتمتع بموقع استراتيجي بين القارات الثلاث الأوروبية والآسيوية والإفريقية، كما أن عضويتها في الاتحاد الأوروبي تجعلها بوابة واسعة لطائفة متنوعة من الأنشطة في العديد من المجالات التجارية والسياحية والاقتصادية. وتصنف قبرص على أنها من الدول ذات الدخل المرتفع، ويعد الأداء الاقتصادي القبرصي من الأفضل بين العديد من اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي.

ويقوم الاقتصاد القبرصي بشكل أساسي على السياحة والخدمات، حيث يعمل العديد من القبارصة في مجال الخدمات والقطاع الزراعي، كما أن هناك فرصا واعدة للنمو في العديد من القطاعات الأخرى في الجزيرة منها: النفط والغاز والنقل البحري، والسياحة، ومشاريع التنمية واسعة النطاق والتعليم والصحة والبحوث والطاقة المتجددة.

شاركها.
Exit mobile version