سارعت الدوريات الرياضية الأميركية إلى الانخراط في سوق المراهنات المُشرّعة التي تدرّ مليارات الدولارات، لكن توقيف مدرب ولاعب في دوري كرة السلة (إن بي إيه) ضمن تحقيقين فيدراليين واسعين يُظهر الثمن المحتمل للتعاون مع صناعة القمار.

أُوقف مدرب بورتلاند ترايل بليزرز، تشونسي بيلابس، النجم السابق لفريق ديترويت بيستونز وعضو قاعة مشاهير «إن بي إيه»، لدوره المزعوم في تنظيم ألعاب بوكر غير قانونية يُقال إنها مرتبطة بعصابات الجريمة المنظمة التابعة للمافيا.

ساعدت شهرة بيلابس في جذب اللاعبين إلى ألعاب بوكر عالية المخاطر استخدمت «تقنيات غش متطورة»، من بينها آلات خلط قادرة على قراءة البطاقات، وكاميرات خفية، وأوراق لعب مزودة برموز شريطية.

كما وُجّهت إلى لاعب ميامي هيت، تيري روزيير، تهمة التلاعب بأدائه لصالح المراهنين، فيما وُجّهت إلى اللاعب والمدرب المساعد السابق ديمون جونز تهم في القضيتين، من بينها توفير معلومات داخلية للمراهنين حول الإصابات وغيابات اللاعبين بين ديسمبر (كانون الأول) 2022 ومارس (آذار) 2024.

واتُّهم روزيير، الذي نفى ارتكاب أي مخالفة، بإبلاغ شركائه في المؤامرة بأنه سيخرج من مباراة في مارس 2023 مبكراً بسبب إصابة مزعومة، حين كان لا يزال ضمن صفوف شارلوت هورنتس، ما أتاح لهم المراهنة على أدائه بناءً على تلك المعلومات.

وقال مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، كاش باتيل، إن الأمر يتعلق بـ«منظومة إجرامية تشمل (إن بي إيه) وعصابة لا كوزا نوسترا»، واصفاً حجم الاحتيال بأنه «مذهل».

لكن بالنسبة لمن تابعوا كيف أصبحت الدوريات الأميركية متشابكة بشكل متزايد مع صناعة المراهنات الرياضية المتزايدة بقوة، فإن الأمر ليس مفاجئاً بالضرورة.

وقال الدكتور لوك كلارك، أستاذ علم النفس ومدير مركز أبحاث القمار في جامعة بريتيش كولومبيا في فانكوفر: «القمار عبر الهواتف الذكية يخلق إمكانية وصول هائلة؛ حيث يمكن لأي منا الوصول إلى تطبيق مراهنات في أي مكان خلال ثوانٍ».

وأضاف: «أنا أدرس علم نفس ألعاب القمار وأضرارها، وأفكر كثيراً في كيفية تطبيع القمار في الرياضة، وكيف أن المراهنة على مباراة قد تضيف إلى الإثارة أو تعزز من شعور الانتماء لدى المشجعين».

وتابع: «عادة ما نفكر في ذلك من منظور المشجع… لكن في هذه القصة الأخيرة حول توقيفات (إن بي إيه)، يتحول التركيز إلى الرياضيين أنفسهم».

وشرح أنهم «يؤدون وظائفهم في بيئة أصبحت مشبعة بفرص المراهنة خلال فترة قصيرة جداً… أصبحت الفرق شريكة لشركات المراهنات، والدوريات الكبرى كلها لديها شراكات، ويمكن للاعبين أن يحصلوا على رعاية من هذه الشركات».

وأردف: «وطرق إدماج معلومات المراهنات في البث الرياضي، من خلال التعليق وتحديثات نسب الفوز… تجعل اللاعبين والمدربين في موقع مكشوف جداً».

وكانت المراهنات الرياضية محظورة في معظم الولايات الأميركية حتى عام 2018، وكانت الدوريات الاحترافية حريصة على النأي بنفسها عن عمليات المراهنات غير القانونية والمواقع الخارجية.

لكن قبل 7 سنوات، ألغت المحكمة العليا قانوناً فيدرالياً صدر عام 1992 كان يحظر عملياً المراهنات الرياضية التجارية في معظم الولايات.

وكان مفوض «إن بي إيه»، آدم سيلفر، من بين المؤيدين لهذا التغيير، إذ كتب في مقال رأي بصحيفة نيويورك تايمز عام 2014 أنه يعتقد أن المراهنات الرياضية «يجب أن تخرج من الظل إلى النور حيث يمكن مراقبتها وتنظيمها بشكل مناسب».

لذا، ليس من المستغرب أن سيلفر، إلى جانب مسؤولي دوريات أخرى، سارعوا إلى اقتطاع حصتهم من السوق.

وتُقدّر جمعية الألعاب الأميركية (إيه جي إيه)، التي تدافع عن الصناعة وتتابع تأثيرها الاقتصادي، أن إيرادات المراهنات الرياضية التجارية حتى أغسطس (آب) 2025 بلغت 10 مليارات دولار، بزيادة قدرها 18.9 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

لكن بالنسبة لدوري كرة السلة، فإن لوائح الاتهام التي كُشف عنها الخميس تُلطّخ ما كان ينبغي أن يكون أسبوع انطلاق الموسم الجديد، الذي يأتي في ظل صفقة حقوق بث إعلامي جديدة تمتد لـ11 عاماً وتبلغ قيمتها 77 مليار دولار.

وأعرب لاعبو الدوري عن صدمتهم من توقيف بيلابس وروزيير، لكنهم سرعان ما تحوّلوا إلى الحديث عن مشكلة الإساءة عبر الإنترنت من قبل المراهنين المحبطين.

فانتشار مراهنات «الاحتمالات الخاصة»، التي يراهن فيها الجمهور على أحداث داخل المباراة مثل عدد النقاط أو التمريرات الحاسمة التي سيحققها اللاعب، أو حتى تفاصيل دقيقة مثل ما إذا كان سينجح في أول محاولة ثلاثية له، غيّر طريقة تفاعل المشجعين، رغم أنه يفتح الباب أيضاً أمام التلاعب بالنظام.

وقال المونتينيغري نيكولا فوتشيفيتش، لاعب ارتكاز شيكاغو بولز: «نشعر بذلك كثيراً عندما ندخل أرض الملعب».

وتابع: «في السابق كنت تسمع (فوك، حقق الفوز). الآن تسمع (رهاني يعتمد على 10 متابعات)».

وشرح: «بصراحة، هذا يزعجني، لأنه إهانة للعبة».

أمّا نجم بوسطن سلتيكس، غايلن براون، فدعا رابطة الدوري إلى بذل المزيد لمساعدة اللاعبين على التعامل مع هذا الواقع الجديد «إنه يخلق خطاباً سلبياً حول اللعبة واللاعبين عندما يكون المال متورطاً».

من جهته، قال نجم غولدن ستايت ووريرز، ستيفن كوري، الخميس، إنه لا يزال واثقاً من أن «نزاهة اللعبة بخير».

لكن زميله آل هورفورد شدد على أن الدوري «يجب أن يفعل المزيد لحماية اللاعبين وتحسين الوضع».

من جهته، قال مفوض الدوري آدم سيلفر، الجمعة، إنه شعر «بقلق بالغ» بعد توقيف روزيير وبيلابس.

قال في مقابلة مع «أمازون برايم»: «رد فعلي الأولي كان أنني شعرت بقلق بالغ».

وأضاف: «لا يوجد ما هو أهم بالنسبة للدوري وجماهيره من نزاهة المنافسة».

“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}

شاركها.
Exit mobile version