> بعد شهرين على عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، تظل ملامح سياسته الأميركية اللاتينية وإمكانيات تحقيق أهدافها، موضع ترقب. وكأمثلة، هناك انتظار معرفة خطوات الإدارة الجديدة تجاه كوبا وفنزويلا، وتطورات ملف الهجرة والحملة المعلنة على التنظيمات الإجرامية التي لا يكفّ الرئيس الأميركي عن اتهامها بإغراق سوق الولايات المتحدة بالمخدرات الممنوعة.

وليس واضحاً بعد مآل الحرب التجارية المفتوحة مع المكسيك، وما إذا كانت واشنطن قد اكتفت بما أثمرته مباحثات وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو في بنما لانتهاء ما تعده واشنطن «السيطرة الصينية» على القناة، وما الدور الذي ستلعبه الأنظمة التي أعلنت تحالفها مع «العهد الترمبي» مثل النظامين الأرجنتيني والسلفادوري.

ترقّب كبير أيضاً ما زال يخيّم على العلاقات مع البرازيل، حيث يقيم ترمب صلات وطيدة مع عائلة الرئيس اليميني السابق جايير بولسونارو، الذي جرّده القضاء مؤخراً من حق الترشّح في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وفي المقابل، اختار الرئيس البرازيلي الحالي لويس أيناسيو لولا، جانب الحذر حتى الآن في مواقفه من سياسات ترمب التي لم تفتح أي معركة تجارية مع بلاده بعكس ما فعلت مع المكسيك.

وهنا يقول الخبراء في العلاقات بين واشنطن وحكومات أميركا اللاتينية إن العامل الرئيس الذي سيحكُم السياسة الأميركية اعتباراً من الآن مع بلدان المنطقة هو الدور الصيني ومدى تغلغله فيها. ولا شك في أن أسلوب ترمب وخطابه الأميركي اللاتيني يخرجان كلياً عن المألوف الدبلوماسي في علاقات واشنطن مع جيرانها.

ومن الواضح أن «عقيدة ترمب» بشأن أميركا اللاتينية تنطلق من مقتضيات سياسته الداخلية، إذ يطرح ترمب أمام ناخبيه -وبخاصة قاعدته الشعبية اللاتينية اليمينية التي لعبت دوراً حاسماً في وصوله إلى البيت الأبيض- وعوداً تكاد تكون حربية لكنها مجرد خطابية في الجوهر -في مسائل التصدي للملفات الإقليمية الشائكة مثل كوبا وفنزويلا والمخدرات والهجرة. وهو حريص على أن تكون على تعارض تام مع سياسات أسلافه الديمقراطيين، ولكن غالباً في الظاهر وليس في المضمون.

هذه السياسة الأميركية «الجديدة» إزاء الجوار الأميركي اللاتيني، في حُلتها الترمبية، وانحيازها الفاضح إلى جانب الأنظمة اليمينية المتطرفة والشعبوية، تزيد من مخاوف المراقبين بشأن مستقبل الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان في المنطقة، بعد عقود من الإنجازات التي سجلتها غالبية البلدان الأميركية اللاتينية في هذه المجالات.

وإذ تقبِل عدة بلدان في المنطقة على انتخابات عامة هذه السنة والتي تليها، يتخوّف كثيرون من حملات انتخابية تنطلق تحت شعارات شعبوية متطرفة مثل «المكسيك أولاً» و «البرازيل أولاً»، وبتمويل خارجيّ سخيّ -خصوصاً في البلدان التي ما زالت أنظمتها الديمقراطية هشة، أو تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية حادة.

ويزيد من خطورة تداعيات هذه السياسة إزاء المنطقة أن البلدان الأميركية اللاتينية ما زالت تتلمّس -بصورة منفردة- طريقتها الذاتية للتعامل مع «الهجمة الترمبية»، والرد على التهديدات والشروط التي تفرضها، وليس في الأفق ما يؤشر إلى احتمال التوافق قريباً على موقف إقليمي مشترك، على الأقل من العناوين الكبرى لهذه الهجمة.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version