❖ وفاء زايد

– مزودو الألعاب الإلكترونية يتحملون المسؤولية القانونية عن الأضرار


أكد قانونيون مسؤولية الوالدين والأسرة في متابعة أبنائهم خلال ممارستهم للألعاب الإلكترونية في العالم الافتراضي، سواء بمجالستهم أو التواصل معهم باللعب أو تبادل الحديث معهم، أو تقمص أدوار لاعبين عبر الإنترنت بهدف إيجاد بيئة مناسبة للاستفادة من التكنولوجيا والخيال الهادف بإشراف الأسرة.


 وقالوا في لقاءات لـ «الشرق» إنّ التكنولوجيا الذكية تستخدم الذكاء الاصطناعي والبرامج المتنوعة والتطبيقات الحاسوبية من أجل الترويج لألعاب افتراضية موجهة للأطفال، وتتطلب مهارة للتعامل معها إلا أنّ كثيرين يندفعون بتهور وراء الألعاب دون وعي بمخاطرها وتأثيرها السلبي.


وأوضحوا أنّ الخيال الافتراضي وجد في عالم التقنية من أجل ابتكار المفيد للبشرية الذي يوفر لهم الراحة والخدمة الجيدة، ومن أجل إيجاد بيئة تفاعلية كأنها حقيقية، إلا أنّ نقل الأطفال من واقع بيئي إلى عالم افتراضي مليء بالحروب والعنف والكراهية والقتال من خلال ألعاب وأصوات وصور فيديو ومحادثات ومغامرات سلبية، يتنافى مع الطفولة.


وأكدوا أنّ قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية شدد العقوبة بحق منتهكي الخصوصية الإلكترونية ومروجي التطبيقات الذكية التي لا تستند لمواقع أو لمصادر موثوقة، كما غلظ قانون حماية المستهلك عقوبة مزود ومروج السلعة الإلكترونية إذا أثرت سلباً على الأطفال.



– تأثيرات سلبية


وأوضح المحامي محمد ماجد الهاجري أن التأثير السلبي للألعاب الإلكترونية الخطرة يتسبب في ضرر للأطفال وأسرهم بشكل رئيسي، كما يؤثر على المجتمع بشكل عام، حيث يُعد الأطفال ركيزة أساسية للمجتمعات وهم مستقبلها. وأشار إلى أن المسؤولية عن ترويج هذه الألعاب الإلكترونية المؤذية تقع بشكل أساسي على المزود، الذي يُعتبر مسؤولاً قانوناً عن الضرر الناجم عن استخدام السلعة واستهلاكها. وتنص المادة 16 من قانون حماية المستهلك على أن المزود يُسأل عن الضرر الناتج عن استخدام السلعة واستهلاكها، فضلاً عن عدم توفير الضمانات المعلن عنها أو المتفق عليها مع المستهلك. بشكل عام، قد تقع المسؤولية المدنية على جميع الأطراف المعنية استناداً إلى قواعد المسؤولية التقصيرية إذا تسببت تلك السلع في ضرر مباشر بسبب أفعالهم. كما تنص المادة 199 من القانون المدني على أن كل خطأ يسبب ضرراً للآخرين يلزم مرتكبه بتعويض الضرر.


وأشار المحامي إلى أن المادة 269 من القانون الجنائي تنص على أن كل شخص يعرض للخطر شخصاً لم يبلغ السادسة عشرة من عمره يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين، وبالغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين. كما تنص المادة 305 من القانون الجنائي على معاقبة كل شخص يحرض أو يساعد طفلاً على الانتحار بالحبس لمدة لا تتجاوز 10 سنوات. ووفقاً لقانون الأحداث القطري لسنة 1994، تنص المادة 25 على معاقبة كل من يحرض طفلاً على الانحراف بالحبس لمدة لا تتجاوز سنة، وبغرامة لا تتجاوز ألف ريال.


وأوضح المحامي محمد ماجد الهاجري أن الألعاب الإلكترونية الفردية، خاصة تلك التي تحتوي على محتوى عنيف مثل ألعاب القتال، تشكل خطراً كبيراً، حيث تزيد من مستويات العنف لدى الأطفال، وتشجعهم على تقليد المعارك باستخدام أسلحة بيضاء أو نارية، مما يعرضهم وأسرهم للخطر. كما تساهم هذه الألعاب في ترسيخ العنف والعدوانية بين الأطفال، وتشجعهم على القتل وتعلمهم الحقد والكراهية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يصبح الطفل جزءاً من اللعبة، مما يجعله عرضة للإثارة والتوتر المستمر، ويؤدي إلى عزله عن المجتمع وواقعه، وضعف تفاعله مع أسرته، مما يؤثر سلباً على الترابط الاجتماعي ويجعل الطفل متمرداً على القيم المجتمعية. كما أن هذه الألعاب تؤثر سلباً على التحصيل الأكاديمي للأطفال.


وأخيراً، أشار المحامي إلى أن خطر الألعاب الفردية يزداد عندما يلعب الأطفال مع آخرين لفترات طويلة. فكلما زاد الوقت الذي يقضيه الطفل في هذه الألعاب، زادت مخاطر الإدمان والعزلة الاجتماعية. ويزداد الخطر بشكل أكبر في حال اللعب بدون رقابة من الوالدين.


– دور الرقابة المجتمعية


بدروه، قال المحامي عبدالله المطوع إنّ الرقابة المجتمعية ضرورة في متابعة الألعاب الإلكترونية التي تطرح في سوق الألعاب العالمية وأنّ كل ما يمارسه غيرنا ليس بالضرورة أن يكون مفيداً لمجتمعنا العربي الذي تحكمه ضوابط وأخلاقيات وقواعد سلوكية لا نحيد عنها.


فالألعاب الإلكترونية هي برامج افتراضية تعيش في خيال إلكتروني لا واقع فيها سوى الإثارة والتشويق والخيال الجامح والقصة الخرافية وتدور حول أفكار الشجار والانتقام والقتال والعنف والبطولات الوهمية، وتعبر عنها برسومات كارتونية قادمة من الفضاء أو من كوكب آخر لا صلة لها بالواقع.


وأوضح أنّ قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية يجرم بعقوبات مشددة كل من يروج لألعاب خطرة بالحبس والإبعاد والغرامة وإزالة الحساب وحجب الموقع الإلكتروني، منوهاً أنّ السبب الأول وراء إدمان الصغار على الألعاب الافتراضية هي الإهمال وعدم المتابعة الجادة من الأسرة، وتوافر الهواتف المحمولة والبرامج الإلكترونية والتطبيقات في أيدي الصغار بدون رقابة.


– الأسرة خط الدفاع الأول


كما أكد المحامي محسن الحداد أنّ الرقابة الأسرية هي خط الدفاع الأول عن الأبناء حينما يتعاملون مع التقنيات الحديثة، لأنّ الوالدين متواجدان باستمرار داخل المنزل وهما يتابعان الأبناء خلال اللعب أو التعامل مع هواتفهم المحمولة طوال اليوم، مضيفاً أنه لا يطلب من الآخرين حماية أطفالهم أو الانتباه لهم لأنّ رعاية الصغير وإيلاء الاهتمام بأحواله الاجتماعية مسؤولية الطرفين.


وقال: من الضروري أن يعرف الوالدان العلاقة الإلكترونية التي يتفاعل بها الأبناء مع الوجه الآخر من التكنولوجيا، وعدم إلقاء المسؤولية على المجتمع أو المحيطين بهم، فالبيت هو الحاضن الأول للطفل، كما لابد من معاقبة الطفل حين يخالف إرشادات الوالدين كحرمانه من الجوال أو منع الألعاب الإلكترونية عنه كعقوبة لحين الالتزام بما يطلبه الوالدان منه.


وأكد مسؤولية الوالدين والأسرة في ممارسة دورها المهم في متابعة الأبناء ، وأنه عليهم تعريف أطفالهم بأهمية الألعاب الجماعية التعاونية سواء داخل المنزل أو إلحاقهم بالمراكز الشبابية ، والجلوس معهم لتعريفهم بها أو ممارستها معهم ، مضيفاً أهمية تخصيص الوقت يومياً للعب مع الأطفال أو سرد الحكايات لهم وتجنيبهم الانعزال في الغرف أو التواصل مع آخرين من الغرباء أو ممارسة ألعاب لا يعرف مصدرها.


– الإدمان التكنولوجي


وقال المحامي أحمد موسى أبو الديار إنّ صناعة الترفيه ثورة في عالم المغامرات والألعاب والتطبيقات الذكية والتي يفترض في الإنسان أن يستفيد منها في إثراء ذاته وفكره ويطور من مهاراته فيها، إلا أنّ البعض يعمد إلى استغلال الأطفال من خلال ألعاب مؤذية تحمل في طياتها أفكاراً هدامة أو تطبيقات خبيثة تحذب الطفل لعالم مجهول أو برامج إلكترونية تقوم على سرقة بيانات الصغار وحساباتهم التفاعلية بهدف الإضرار بهم.


وأضاف أنّ الجلوس الطويل أمام الألعاب الافتراضية التي يمارسها طفل بمفرده أو مع أطفال آخرين من كل العالم، يؤدي إلى الإدمان التكنولوجي والانسياق وراء المخاطر دون وعي، والتشتيت وعدم التركيز وغياب الضوابط وعدم احترام القواعد وبالتالي ينساق عقل الطفل وراء المغريات التي تسقطه في فخ التأثير السلبي.


ونوه بضرورة أن تتواجد الأسرة في كل وقت من خلال التفاعل مع أطفالها ومعرفة البرامج التي يلعبون عليها أو يشاركون أقرانهم فيها حتى تكون له بمثابة المنقذ في الوقت المناسب.

شاركها.
Exit mobile version