الانزعاج الاجتماعي أمرٌ شائعٌ جداً يُمكننا أن نجده في أي مكان تقريباً، مثل إجراء مفاوضات الرواتب، أو المحادثات القصيرة التي تتخللها فترات صمت مُحرجة كثيرة.

وقالت تيسا ويست، عالِمة النفس الاجتماعية، في تقرير لشبكة «سي إن بي سي»، إن كل شخص تقريباً سيجد نفسه في مرحلة ما في تفاعلٍ يُشعره بعدم الارتياح، خصوصاً في العمل، حيث تظهر هذه المواقف يومياً.

وقالت: «يتبع معظم الناس نهجاً بسيطاً لتهدئة الانزعاج: نبتسم بأقصى ما نستطيع، ونضحك (حتى عندما لا يكون هناك شيء مُضحك)، ونبذل قصارى جهدنا لإقناع الآخرين: التفاعل معي إيجابي. أنا لطيف».

ولكن هل أنت لطيف أكثر من اللازم في العمل؟

مشكلة اللطف المُفرط

هناك مفارقة مُحزنة، إذ إننا كلما حاولنا استخدام اللطف لإخفاء انزعاجنا، اكتشف الناس حقيقتنا.

يُجيد البشر التقاط المشاعر، التي تتسرَّب من خلال سلوكياتنا غير اللفظية، مثل نبرة الصوت. ونعتقد أننا نُحسن إخفاء قلقنا بالإكثار من المجاملات، ولكن عندما تُقال هذه المجاملات بابتسامات مصطنعة، لا أحد يصدقها.

كثيراً ما نُسيطر على انزعاجنا بتقديم ملاحظات عامة جداً، لا تُجدي نفعاً. كتلك العبارات الكلاسيكية مثل «أحسنت!»، وفي كثير من الحالات، يكون هذا الثناء غير مستحق.

المبالغة في ردود الفعل الإيجابية تُشير إلى أنك لا تُولي اهتماماً. وبمرور الوقت، يُصبح الشخص المُتلقي غير واثق بك. يحتاج إلى معلومات مُحددة تُساعده بالفعل على تحسين عمله.

ماذا تفعل بدلاً من ذلك؟

يعمل كثير من الناس في بيئات يكون فيها اللطف المُفرط هو القاعدة. إليك 3 أشياء يُمكنك القيام بها لتغيير هذه الثقافة إلى بيئة تُقدَّر فيها ردود الفعل الصادقة والمفيدة.

1- تساءل عن «ثقافة اللطف»

اسأل نفسك: هل يستمتع جميع مَن حولي بهذه الثقافة المفرطة في اللطف، أم أنهم يفعلون ذلك لأن الجميع يفعلونه؟

تُعدُّ الأعراف الاجتماعية دافعاً رئيسياً للسلوكيات، وكلما أسرع الوافدون الجدد في تبني هذه الأعراف، أُدركوا أنهم «متأقلمون».

إذا لاحظ الوافد الجديد أن الجميع يُغدقون عليه المديح بعد عرض تقديمي دون المستوى، فسيفعل الشيء نفسه.

إذا لم يُشكِّك أحد في هذا السلوك صراحةً، فستكون النتيجة ما يُطلق عليه علماء النفس الاجتماعي «الجهل التعددي»، يفترض الجميع أن الآخرين يُقدمون تعليقات لطيفة للغاية لمجرد رغبتهم في ذلك، لكن في الخفاء.

ابدأ حواراً حول التغيير. تعرَّف على مشاعر الناس الحقيقية تجاه ثقافة اللطف. وإحدى طرق القيام بذلك هي اقتراح بدائل.

قبل العرض التقديمي التالي، على سبيل المثال، يمكنك أن تسأل الناس: «كيف ستشعر لو كتب كلٌّ منا 3 أشياء محددة يُمكنه تحسينها، و3 أشياء محددة يجب عليه بالتأكيد الاحتفاظ بها في نهاية العرض التقديمي؟».

2- كن دقيقاً ومحدداً

من الطبيعي أن نعتمد على السلوكيات لتكوين انطباعات وافتراضات. على سبيل المثال، قد نحكم على شخص يتأخر باستمرار بأنه كسول. لكن الانطباعات غالباً ما تكون عامة جداً بحيث لا تكون مفيدةً، حتى لو كانت إيجابية.

احرص على تقديم ملاحظات محددة ومبنية على السلوك. كلما تمكَّنت من تحديد المشكلة بدقة أكبر كانت الملاحظات أكثر فائدة.

وينطبق الأمر نفسه على الثناء. إذا أخبرت شخصاً ما بدقة بما قدَّمه جيداً أو لماذا كان عمله ممتازاً، فستبدو أكثر صدقاً وستكون ملاحظاتك أكثر أهمية.

3- ابدأ بخطوات صغيرة ومحايدة

قد يبدو الأمر أشبه بالقفز من جرف، والانتقال من ثقافة ملاحظات لطيفة للغاية إلى ثقافة صادقة.

ابدأ بخطوات صغيرة، كاختيار موضوعات عادية، لكنها لا تزال محل اهتمام الناس. الهدف هو بناء مهارة تلقي الملاحظات من دون إثارة غضب أحد.

بهذه الطريقة، بمجرد أن تخوض غمار الأمور الأصعب، تكون معايير الصدق قد بدأت بالتغير.

خلال عملك على تغيير الثقافة المحيطة بك، تحلَّ بالصبر. فالمعايير تستغرق وقتاً طويلاً لتتشكَّل، ووقتاً طويلاً لتتغير.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version