استغلت عائلات ضحايا «المقابر الجماعية» بمدينة ترهونة (90 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طرابلس) زيارة أجراها موسى الكوني، النائب بالمجلس الرئاسي، إلى هناك، لمطالبته بـضرورة القبض على المتورطين في تلك الجرائم، و«القصاص منهم».

والتقى الكوني، خلال زيارته إلى ترهونة مساء (الأحد) أهالي الضحايا، الذين تُتهم ميليشيا «الكانيات» بقتلهم ودفنهم في «مقابر جماعية» قبل «تحرير» المدينة من قبضتهم في الخامس من يونيو (حزيران) 2020.

الكوني يزور ترهونة (المجلس الرئاسي)

وقال أحمد الغرياني، محامي عائلات ضحايا «المقابر الجماعية» في تصريح صحافي: إنهم «يعولون على القضاء الليبي في محاسبة الجناة، وإخضاعهم للمحاكمة»، مشيراً إلى أن هذه «الحقوق لا تسقط بالتقادم».

وطالبت أسر الضحايا، المجلس الرئاسي بتبني «مشروع العدالة الانتقالية، لمحاسبة الجناة المتورطين في قضايا القتل والخطف والتغييب القسري»، مشيرين إلى أن هذه «المقابر تعدّ أكبر شاهد ودليل على جرائم القتل، وتعذيب المدنيين».

ودعت العائلات الكوني، إلى «تشكيل نيابة ومحكمة تختص بالجرائم التي تعرضت لها مدينة ترهونة للقصاص من المجرمين بتطبيق العدالة التي ستساهم في نجاح مشروع المصالحة الوطنية».

وتواجه ميليشيا «الكانيات» اتهامات بتصفية مئات من الأسرى الذين وقعوا في قبضتها؛ انتقاماً لمقتل آمرها محسن الكاني، وشقيقه عبد العظيم، ودفنهما في «مقابر جماعية» على أطراف المدينة.

وتكوّنت «الكانيات» من 6 أشقاء وأتباعهم، وكانت تتمتع بقوة عسكرية مطلقة في المدينة قبل عام 2020، وقد بثّ عناصرها الرعب في صفوف السكان المحليين، بينما قُضي بشكل منهجي على الأصوات الناقدة، حتى أن أقاربهم لم يسلموا من بطشهم، وذهبوا إلى حد استخدام «الأسود» لبث الرعب في ترهونة.

واستهل الكوني زيارته إلى ترهونة، بتفقد «المقابر الجماعية»، والأوكار التي اتخذتها عصابة «الكانيات» سجوناً لضحاياهم، كان في استقباله آمر «اللواء 444 قتال» العقيد محمود حمزة، وسط حراسة أمنية مشددة من عناصره.

موسى الكوني النائب بالمجلس الرئاسي الليبي يزور أوكاراً اتخذتها ميليشيا «الكانيات» سجوناً في ترهونة غرب ليبيا (المجلس)

وفي ما يعرف بسجن «الزراعة»، استمع الكوني، إلى شرح من أهالي الضحايا، والسجناء السابقين الذين كانوا شهود عيان على «عمليات التعذيب، والقتل، والتنكيل بجثث الضحايا»، بحسب المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي.

وعبّر الكوني عن «أسفه» لما أسماه بـ«الجرائم البشعة» التي تعرّض لها المدنيون العزل من قِبل العصابات الإجرامية أثناء هيمنتها على المدينة، وأثنى على «الجهود التي تبذلها الفرق المختصة»، للبحث على المفقودين بـ«المقابر الجماعية»، لتسليم رفاتهم إلى ذويهم بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة.

وفي منتصف أغسطس (آب) 2022، أعلن النائب العام الليبي، الصديق الصور، فتح 280 قضية تتعلق بتلك المقابر، لافتاً إلى إحالة 10 قضايا منها إلى المحاكم، وتوجيه تهم القتل والتعذيب والخطف والإخفاء القسري والسطو المسلح والسرقة إلى 20 متهماً، لكن لا تزال القضية مفتوح.

ورفض الصور، حينها، استغلال القضية لـ«أغراض سياسية وإعلامية»، وقال: إن «ما يعنينا بالدرجة الأولى هم أسر الضحايا المتابعين مع مكتب النائب العام، ولا يهمنا من يريد الاستفادة من القضية لخدمة أغراض سياسية أو إعلامية»؛ مشدداً على أن ملف المقابر الجماعية في ترهونة يحمل كل «معاني الإبادة».

الكوني، الذي ينتمي إلى الجنوب الليبي، وعد عائلات ضحايا «المقابر الجماعية» «بأخذ مطالبهم مأخذ الجد، للقبض على الجناة، بالتنسيق مع الجهات الأمنية في الداخل، والتواصل مع الدول التي تربطها مع ليبيا اتفاقيات تسليم المجرمين لمثولهم أمام المحاكم المختصة».

ونقل المكتب الإعلامي للمجلس الرئاسي عن الكوني، تأكيده بأنه «سيدعم هذه المطالب، وسيعمل بالتنسيق مع النائب العام على دفع الأجهزة ذات العلاقة القبض على المجرمين»، لافتاً إلى استمرار الكشف على هوية المفقودين من قِبل الهيئة المختصة، والعمل على تذليل الصعوبات التي تعيق تقديم الخدمات للمواطنين في عديد المجالات.

بعض من سجون ميليشيا «الكانيات»… (المجلس الرئاسي)

كما التقى الكوني، خلال الزيارة أعيان وحكماء ترهونة الذين أكدوا أن «ملف المقابر الجماعية من الملفات المهمة التي تحتاج إلى وقفة جادة من الجهات ذات العلاقة بالقبض على المجرمين في الداخل والخارج ومثولهم أمام المحاكم المختصة، واستمرار الكشف عن هوية المفقودين وتسليم رفاتهم إلى ذويهم».

واستعرض الحكماء، والأعيان أمام الكوني، المشاكل والصعوبات التي تعيق تقديم الخدمات للمواطنين في عديد المجالات لا سيما البنية التحية، والتعليم، والصحة.

وأكد الكوني العمل على تذليل الصعوبات التي تواجهها المدينة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة؛ حتى تتمكن المرافق الخدمية من أداء المهام الموكلة لها خدمة للمواطنين.

وفور انتهاء الحرب التي شنّها «الجيش الوطني» على طرابلس العاصمة مطلع يونيو (حزيران) 2020، عثر المواطنون في مدينة ترهونة على مقابر، ضمت مئات الجثث من مختلف الأعمار، كما أظهرت مقاطع فيديو عمليات الكشف وانتشال عشرات الجثث لأشخاص بعضهم مكبل اليدين، بينهم أطفال، من مواقع بصحراء ترهونة، وحاوية حديدية، وبئر معطلة بالقرب من المدينة؛ الأمر الذي أحدث ردود فعل محلية ودولية واسعة.

وفي زيارة أجراها إلى ترهونة، في الثامن نوفمبر (تشرين الأول) الماضي، كريم خان، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، عبّر عن «بالغ دهشته» من كثرة «المقابر الجماعية» وحجم «الجرائم والانتهاكات»، التي اتُّهمت ميليشيا «الكانيات» بارتكابها هناك، ووصف المشاهد حينها بـ«المروعة»، وسط مطالبات عائلات الضحايا «بسرعة محاسبة القتلة».

شاركها.
Exit mobile version