تلقت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، خلال الأيام الثلاثة المخصصة لتسلم الطعون على نتائج الانتخابات، أكثر من 800 طعن مقدم من مرشحين خاسرين، ومن قوى سياسية معترضة على المقاعد التي حصلت عليها؛ الأمر الذي دفعها إلى مواصلة استقبال الطعون رغم قِصر المدة المحددة للبت فيها، وهي أسبوع واحد.

وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، في بيان الجمعة، أن المفوضية تواصل تسلم الطعون من مكاتبها في عدد من المحافظات، وتعمل على تدقيقها وفق الإجراءات القانونية المعتمدة، مشيرة إلى أن عدد الطعون المقدمة تجاوز حتى الآن حاجز الـ800 طعن.

وفي ظل بدء القوى الفائزة حراكاً مبكراً لتشكيل الحكومة المقبلة ضمن المدد الدستورية البالغة أربعة أشهر، يعبّر مراقبون وقوى سياسية عن مخاوف من أن تؤدي كثرة الطعون إلى إحداث تغييرات في نتائج الانتخابات.

ويأتي ذلك فيما بلغ عدد المرشحين في السباق الأخير نحو 7 آلاف و700 مرشح، ما دفع العديد منهم إلى إعلان نيتهم الطعن في النتائج، رغم أن عشرات لم يحققوا الحد الأدنى من الأصوات المؤهلة للفوز، وبعضهم لم ينل أكثر من صوت واحد.

زيارة مرتقبة لوفد أميركي

وفي وقت لا يزال فيه مصير دور المبعوث الأميركي الخاص للعراق، مارك سافيا، غامضاً، تنتظر بغداد، بالتزامن مع الحراك المحموم لتشكيل الحكومة المقبلة، زيارة وفد من الخارجية الأميركية.

ويبدو أن الانتظار سيظل سيد الموقف ريثما تتضح كيفية تعامل واشنطن مع رئيس الوزراء العراقي المقبل، وسط استمرار الغموض في الموقف الأميركي من الانتخابات العراقية الأخيرة.

أنصار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يحتفلون في ساحة التحرير عقب إعلان النتائج الأولية للانتخابات في بغداد الاثنين الماضي (د.ب.أ)

في المقابل، تبدو قوى الإطار التنسيقي الشيعي، التي أعلنت نفسها الكتلة الكبرى، منقسمة بشأن هوية المرشح لمنصب رئيس الوزراء، في وقت شكّلت فيه لجنة لتحديد مواصفات رئيس الحكومة المقبلة، وهي خطوة أثارت اعتراضات واسعة من قوى سياسية ومن الرأي العام العراقي.

ويعكس تشكيل لجنة لتحديد مواصفات رئيس الوزراء المقبل عمق الخلافات داخل القوى الشيعية الرئيسية، بينما يراعي في الوقت ذاته العاملَيْنِ الإقليمي والدولي، ممثلين بإيران والولايات المتحدة. وتُعدّ اللجنة، التي يترأسها زعيم تيار الحكمة، عمار الحكيم، خياراً وسطاً بين هذين العاملَيْنِ، لكنها تواجه صعوبة في تحديد معايير يمكن أن ترجّح كفة مرشح على آخر.

صراع داخل التيار التنسيقي

وبينما يتركّز الصراع داخل قوى الإطار التنسيقي على موازنة الأوزان الانتخابية بين محمد شياع السوداني ونوري المالكي، تتقدم الحسابات المرتبطة بالموقفَين الإقليمي والدولي إلى صدارة المشهد. ويراهن السوداني بصورة خاصة على هذا العامل، بالتزامن مع قرب وصول الوفد الأميركي، كما تزعم دائرته المقربة.

في المقابل، يعول المالكي على ثقله التاريخي داخل العملية السياسية، وعلى شبكة علاقات نسجها أخيراً مع قوى مؤثرة، أبرزها الحزب الديمقراطي الكردستاني وزعيمه مسعود بارزاني، كما تقول مصادر من ائتلاف «دولة القانون».

ويستند المالكي في هذا المسار إلى امتعاض بارزاني من عدم وفاء السوداني بالتزامات حكومته تجاه الكرد، خصوصاً ملف الرواتب.

كما يراهن المالكي على علاقته الوثيقة بزعيم حزب «تقدم»، محمد الحلبوسي، الذي أصبح رقماً سنياً صعباً، فيما تشهد علاقته مع السوداني فتوراً ملحوظاً، وهو ما يرى فيه أنصار المالكي عاملاً يعزز فرصه في سباق رئاسة الحكومة. لكن المشهد لا يقتصر على السوداني والمالكي، إذ دخلت أسماء جديدة إلى بورصة الترشيحات، ما يزيد من تعقيد عملية الحسم داخل الإطار.

اقرأ أيضاً

«ظاهرة الحلبوسي»… استراتيجية الفوز بعد إقصاء

هل يؤخر صراع المصالح داخل «الكتلة الأكبر» تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؟

شاركها.
Exit mobile version