يقول القنصل العام الأفغاني في بيشاور، محب الله شاكر، إن الوقت قد حان لعودة المواطنين الأفغان إلى وطنهم، وأشاد بالدعم الذي تقدمه باكستان للاجئين الأفغان منذ أكثر من 4 عقود، موضحاً أن الحكومة، التي تقودها حركة «طالبان»، مستعدة لتسهيل عودة مواطنيها إلى بلادهم. وفي حديثه إلى الصحافيين في مدينة بيشاور الباكستانية، أشار إلى أن لجنة خاصة شُكلت من قبل السلطات الأفغانية للإشراف على عملية العودة إلى الوطن.

يرافق رجال الشرطة الباكستانية حافلات تحمل لاجئين أفغاناً من مخيم بمنطقة بانجباي على مشارف كويتا يوم 16 أبريل 2025… وكانت باكستان حددت آخر مارس الماضي موعداً نهائياً لترحيل 800 ألف أفغاني يحملون «بطاقة المواطن الأفغانية»… (أ.ف.ب)

وأضاف أنه جرى إنشاء مخيمات في أفغانستان لاستقبال العائدين، مع توفير وسائل النقل والمرافق الأساسية لضمان الانتقال السلس. وأكد أن «المواطنين الأفغان لن يواجهوا أي صعوبات خلال عملية العودة».

ترحيل 800 ألف أفغاني

وكانت الحكومة الاتحادية الباكستانية قد أعلنت في بداية شهر مارس (آذار) الماضي أنها بصدد إلغاء 800 ألف «بطاقة مواطن أفغاني». وهذا الإلغاء هو المرحلة الثانية من برنامج الترحيل الذي أجبر بالفعل 800 ألف أفغاني آخرين لا يحملون وثائق هوية على عبور الحدود. وكانت البلاد تستضيف ملايين الأفغان منذ نحو 5 عقود.

مهاجرون أفغان في طريق العودة عبر ممر تورخام (متداولة)

وقد عاد مئات الآلاف منهم إلى بلدهم خلال السنوات القليلة الماضية، ولكن لا يزال هناك أكثر من 2.1 مليون شخص يعيشون في خيبر بختونخوا وغيره من الأقاليم الباكستانية. وكانت باكستان قد حددت يوم 31 مارس الماضي موعداً نهائياً لعودة جميع الأفغان المقيمين بصورة غير قانونية، وكذلك أولئك الذين يحملون «بطاقة مواطن أفغاني» إلى بلادهم، في خضم ازدياد حوادث الإرهاب في البلاد.

مسؤولون من الشرطة يستجوبون اللاجئين الأفغان قبل مغادرتهم إلى بلدهم بمخيم في منطقة بانجباي على مشارف كويتا يوم 16 أبريل 2025 (أ.ف.ب)

ويعدّ العام الماضي الأكثر دموية في باكستان منذ نحو عقد من الزمن، حيث فقد أكثر من 1600 شخص حياتهم في هجمات؛ نحو نصفهم من أفراد قوات الأمن، وفق «مركز البحوث والدراسات الأمنية» ومقره العاصمة الباكستانية إسلام آباد.

طلاب أفغان يرتدون الزي التقليدي يحضرون فصلاً دراسياً بمدرسة حكومية في قندهار بأفغانستان يوم 16 أبريل 2025… ومع بداية العام الدراسي الجديد فرضت وزارة التعليم في حكومة «طالبان» قواعد لباس محددة على الطلاب (إ.ب.أ)

وتتهم باكستان حكومة «طالبان» بالفشل في القضاء على المسلحين الباكستانيين الذين يحتمون بالأراضي الأفغانية، وهي تهمة تنفيها حكومة «طالبان». وقد دعت حكومة «طالبان» مراراً وتكراراً إلى عودة الأفغان «بكرامة» إلى بلادهم، وقد حث رئيس الوزراء، حسن آخوند، الدولَ التي تستضيف الأفغان على عدم إجبارهم على الخروج.

وفي حديثه لوسائل الإعلام، الخميس، عقد شاكر مقارنة تاريخية، قائلاً إن باكستان تعاملت مع اللاجئين بروح الأخوة نفسها التي أظهرها «الأنصار» ناحية «المهاجرين» في صدر الإسلام.

مواطنون أفغان طُردوا من باكستان بطابور للتسجيل لدى وصولهم إلى مخيم «عمري» للاجئين في مهمند دارا على حدود تورخام بإقليم ننغارهار بأفغانستان يوم 15 أبريل 2025 (رويترز)

وأشار إلى أن الأطفال الأفغان «كانوا يدرسون جنباً إلى جنب مع الطلاب الباكستانيين»، وأن الأفغان «يتمتعون بحرية الحركة الكاملة خلال إقامتهم في البلاد»، لكنه قال إن «الوقت قد حان لعودتهم إلى وطنهم». وكشف شاكر عن أن القائد الأعلى لـ«طالبان»، هيبة الله أخوندزاده، قد أكد على أن أفغانستان الآن تنعم بالسلام وأنها مستعدة لاستقبال مواطنيها من جديد.

شاحنات تنقل مواطنين أفغان طُردوا من باكستان، متوقفة بينما ينتظر اللاجئون التسجيل في مخيم عمري للاجئين في مهمند دارا، على حدود تورخام، إقليم ننكرهار، أفغانستان، 15 أبريل نيسان 2025 (رويترز)

وأضاف: «أكد القائد الأعلى نفسه أن حقبة الصراع قد ولّت».

وقال إنه من المقرر تخصيص أراضٍ في ولايتي كونار وننغارهار، مع توفير فرص عمل في قطاعَي الزراعة والأعمال التجارية.

وقال القنصل العام الأفغاني، لوكالة «أسوشييتد برس»: «ستظل باكستان دائماً دولة شقيقة»، مضيفاً: «لكن علينا الآن أن نعيد بناء بلدنا بالعزيمة نفسها التي أظهرها شعبنا خلال الأوقات الصعبة».

ووفق البيانات التي حصلت عليها وكالة «جيو نيوز»، فإن عدد اللاجئين الأفغان في باكستان حالياً نحو 2.1 مليون لاجئ أفغاني بين مسجل وغير مسجل.

وتذكر مصادر في وزارة شؤون الولايات والمناطق الحدودية أن هناك 1.4 مليون لاجئ أفغاني مسجلون بصورة قانونية، بينما يحمل 800 ألف مواطن أفغاني آخرين «بطاقة مواطن أفغاني»، لكن إقامتهم تعدّ الآن غير قانونية.

ومع ذلك، تزعم الحكومة في إسلام آباد أن العدد الإجمالي للاجئين الأفغان في باكستان يبلغ 3 ملايين لاجئ. ومن المقرر إعادتهم جميعاً هذا العام بموجب خطة ترحيل الرعايا الأجانب غير القانونيين.

4 فئات

ينقسم المواطنون الأفغان المقيمون في باكستان منذ عقود إلى 4 فئات:

تتألف الفئة الأولى من المواطنين الأفغان الذين فروا إلى باكستان بسبب عدم استقرار الأوضاع في بلدهم، ثم مُنحوا رسمياً صفة «لاجئ». في عام 2007، أصدرت باكستان «بطاقة إثبات التسجيل (PoR)» لهؤلاء اللاجئين، الذين يبلغ عددهم الآن نحو 1.3 مليون شخص. وأصدرت الحكومة هذه البطاقات مرة واحدة فقط، وتجددها بصفة دورية، وتنتهي صلاحيتها الحالية في 30 يونيو (حزيران) 2025.

أما الفئة الثانية، فإنها تشمل المواطنين الأفغان الذين حصلوا على «بطاقة المواطن الأفغاني (ACC)». وقد حصل نحو 800 ألف شخص على هذه البطاقات في عام 2016، ويجري الآن إعادتهم إلى وطنهم في جزء من جهود الترحيل الحكومية.

وتضم الفئة الثالثة المواطنين الأفغان الذين فروا إلى باكستان بعد استيلاء حركة «طالبان» على السلطة عام 2021. وقد مُنح هؤلاء الأفراد حق اللجوء بموجب «البروتوكولات الدولية». وفي حين زعمت الحكومة الباكستانية في البداية أن هناك 600 ألف أفغاني وصلوا بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، فإن «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)» تشير إلى أن 200 ألف مواطن أفغاني فقط سُجلوا بصورة رسمية.

وتشمل الفئة الرابعة المواطنين الأفغان غير المسجلين الذين يفتقرون إلى كل من «بطاقة إثبات التسجيل (PoR)» و«بطاقة المواطن الأفغاني (ACC)»، وغير المسجلين «طالبي لجوء» من تدفق 2021. وتشمل هذه الفئة أيضاً أولئك الذين تزوجوا في باكستان وحصلوا على بطاقات هوية وطنية مزورة. وعلى مدى العامين الماضيين، شرعت «الهيئة الوطنية لقاعدة البيانات والتسجيل» بباكستان في إلغاء هذه الهويات المزورة عبر حملة التحقق والتجديد الوطنية، وتصنف الآن هؤلاء الأفراد «مقيمين غير قانونيين» في البلاد.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version