ذهب (صورة تعبيرية)

الدوحة – قنا

لصياغة الذهب في قطر، تقاليد عريقة توارثها الصاغة القطريون كابرا عن كابر، وحافظت عليها نساء قطر من جيل إلى جيل باستخدامها في المناسبات والأعياد. واشتهر عدد من الأسر القطرية بصياغة الذهب، وتقديم أبهى الأشكال والتصاميم، التي لم يزدها مرور الزمن إلا بريقا ولمعانا رغم ظهور آخر التصميمات والصيحات لأرقى الماركات العالمية في هذا المجال.

ونظرا لقيمته المادية عبر العصور، فإن بريق هذا الفلز الأصفر، لم يخب أبدا، وبقي وفيّا لمقولة (الذهب زينة وخزينة).

وقال السيد محمد الصايغ، الباحث في التراث في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إنه ينتمي إلى ” الصايغ ” إحدى العائلات المشهورة في قطر بصياغة وتجارة الذهب ، مشيرا إلى أن تصاميم وأشكال الحلي النسائية، كانت مستمدة من البيئة القطرية، من قبيل (السوار/الدملج) الذي كانت فيه نقوش مثل حبات الهيل، وسميّ تبعا لذلك بـ/حب الهيل/، بالإضافة إلى أن بعض القطع أو الطبعات التي تستخدم في الذهب من الأشكال الهندسية أو الزخرفية، أو من الورود والنباتات في البيئة القطرية، فمثلا كانت بعض الأقراط تسمى المشموم.

وأوضح أن المصوغات الذهبية كانت هي أساس الاقتناء واللبس عند القطريات في الماضي، لما يتميز به الذهب من قيمة مادية وجمالية تزيينية عالية على مدى العصور، فهو يمثل إضافة مهمة للشكل العام للملابس في المناسبات أو في الأيام العادية أحياناً، ومن ثم تفنن الصائغ القطري والخليجي في صياغة قطع ذهبية تميزت باقتنائها ولبسها المرأة القطرية والخليجية في الأعياد والمناسبات والأفراح.

وكشف الباحث التراثي محمد الصايغ، أنه بصدد وضع اللمسات الأخيرة لكتابه عن صياغة الذهب في قطر، من أجل توثيق هذه الصياغة التقليدية في البلاد، مع تضمينه التصميمات القديمة للحلي مرفوقة بالصور وما طرأ عليها من تغيرات من أجل إغناء الأرشيف الوطني والمحافظة على هذا الإرث الثقافي.

وأكد أن الطرق التقليدية في صياغة الذهب، لا تزال سارية إلى وقتنا الحاضر، مستعرضا هذه الخطوات من الألف إلى الياء، انطلاقا من صهر الذهب (إذابته) وتحويله إلى قضبان وأسلاك، مرورا بمرحلة التشكيل وما يرافقها من تلوين القطع الذهبية بمواد كيميائية عوضا عن الأحجار الكريمة التي لم تكن موجودة قديما في قطر. وتبعا لذلك، استخدم الصاغة الصبغات الكيميائية التي تعطي نفس لون هذه الأحجار الكريمة، فضلا عن ذكره لبعض الوسائل والآلات اليدوية التي كان يستخدمها الصاغة في ورشهم، من قبيل (كوبيات) مصنوعة من عظام الجمل.

وعن استغلال اللؤلؤ واستخدامه في الحلي الذهبية، أوضح الصايغ، أنه كان يتم دمج الاثنين معا، الذهب واللؤلؤ، لافتا في الوقت نفسه إلى أن الصاغة قديما كانوا أيضا يغوصون على اللؤلؤ أو عملوا طواشين، مؤكدا أن الذهب الخليجي هو أصفى العيارات، لأنه لا يتم مزجه إلا بنسب قليلة بالمعادن الأخرى مثل النحاس، لافتا في الوقت نفسه إلى أن مزج الذهب بالنحاس، هو من أجل إعطائه صلابة أكثر، وسهولة في تشكيله.

وأكد أن الإقبال على التصميمات التراثية في الذهب مستمر، لافتا إلى أن بعض التصميمات والقطع من قبيل المرتعشة ولوح السعد وحب الهيل والكف والشميلات والبناجر والمضاعد والصويرات والخْوَص والخصور والملتفت والمطال والخواتم، ما زال الإقبال عليها قائما خصوصا في مناسبات الزواج (ليلة الحناء) أو ما يسبقها كـ (الخطبة) أو المناسبات التراثية (القرنقعوه ـ النافلة..) أو المناسبات الوطنية كاليوم الوطني أو المناسبات الدينية كعيدي الفطر والأضحى.

وأشار إلى أن بعض السيدات وربات البيوت يحببن أن يتميزن بما يرتدينه من حلي ذهبية، حيث إنهن كنّ يقترحن على الصائغ بعض الأشكال أو التغييرات فيما يطلبنه، حيث إن أشكال وتصاميم الذهب تحكي ذوق السيدات، كما أنها من السبل التي تحيلنا على تاريخ صياغة الذهب، وشاهدة على إتقان الصائغ القطري ومهارته وحرصه في الحفاظ على هذا التراث النفيس الذي يستقي نفاسته من نفاسة الذهب.

وأشاد محمد الصايغ بما تقوم به الجهات المختصة في دعم الصاغة وتجار الذهب، بتجميعهم في مكان واحد (سوق الذهب)، ما من شأنه أن يسهل على الزبائن قصد محلاتهم وتوفير الجهد والوقت عليهم.

شاركها.
Exit mobile version