صاحبة السمو تشهد إطلاق مبادرة وطنية موحدة لتعزيز الرفاه الرقمي لليافعين في قطر خلال قمة وايز 12
الدوحة – قنا
شهدت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، اليوم، فعالية المائدة المستديرة التي ترأستها سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، حيث تم الإعلان عن تشكيل فريق عمل معني بتوحيد الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز السلامة الرقمية لدى الشباب في قطر، وذلك خلال انعقاد أعمال مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم /وايز12/.
ويعكس فريق العمل – بفضل اشتماله على عدد من القادة في قطاعات التعليم والصحة والشباب والرياضة والثقافة – رؤية وطنية واضحة وموحدة لمواجهة التحديات الرقمية التي قد تؤثر على الأطفال والشباب، وتتيح لهم فرص استخدام التكنولوجيا بما يخدم التنمية البشرية والرفاه الاجتماعي.

ويعد تشكيل فريق العمل جزءا من مبادرة دولية تعنى بالتعليم، وتنظمها مؤسسة قطر مرة كل عامين. ويبحث المؤتمر في نسخته لعام 2025 كيفية الحفاظ على القيم الإنسانية في النظم التعليمية، ولا سيما في ظل التطورات المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويشير ذلك إلى أن معالجة الإدمان الرقمي لدى الأطفال والمراهقين أصبحت أولوية وطنية لحمايتهم على المستويين المحلي والدولي.
وخلال ترؤسها الاجتماع، قالت سعادة الشيخة هند بنت حمد آل ثاني نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر: “على مدار آلاف السنين كان الطفل يتخذ من البيئة المحيطة به مصدرا للتعلم حيث ينمو الطفل ويتطور. في السنوات الخمس عشرة الماضية، ظهرت بيئة جديدة للتعلم – وهي بيئة افتراضية بعيدة عن الواقع. وما كان يوما ما أداة للتواصل، أصبح بيئة يعيش فيها معظم أطفالنا اليوم”.
وتابعت سعادتها: “كلما ارتفع عدد الساعات التي يقضيها الأطفال في العالم الرقمي، يتراجع منسوب النوم والتركيز والتنظيم الانفعالي لديهم. لكن هناك على المحك ما هو أعمق مما تظهره هذه البيانات، حيث كانت العملية التعليمية تتم من خلال الأفعال والمشاهدة والتجربة وارتكاب الأخطاء. وكانت مصادر التعلم تستمد من المعلم والأسرة والمجتمع. أما اليوم، فقد أصبحت الهواتف الذكية والذكاء الاصطناعي مصادر للتعلم الفوري بشكل متقن ودون عناء”.
وأضافت سعادتها: “ما نحتاجه اليوم في مواجهة ما نعيشه هو الاستجابة المشتركة والشاملة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، والتكامل بين التخصصات، وصياغة الاستراتيجية الفاعلة؛ فالتكنولوجيا ليست مجرد أداة وليست أيضا عدوا؛ إنها نقمة ونعمة في الوقت نفسه. لذا، يجب أن نسأل أنفسنا: هل نحن من يقوم بتشكيل مستقبل التكنولوجيا، أم هي التي تقوم بتشكيل مستقبلنا؟ وبأي ثمن؟”.
وختمت سعادتها قائلة: “لطالما تميزت قطر بمسيرة طويلة في تحقيق التوازن بين الابتكار دون التفريط في التقاليد. كذلك ارتكزت مجتمعاتنا تاريخيا على الحكمة في التكيف مع التغيير. نحن حريصون اليوم أيضا على مواصلة هذا الإرث عبر الجمع بين: الرؤى العلمية، والابتكار في التعليم، ومشاركة الأسرة في صياغة الحلول التي تتماشى مع العصر الرقمي”.
وقد شهد الاجتماع نقاشات تمحورت حول قدرة المنظومة الرقمية في قطر على تحقيق التوازن بين الفرص التي تتيحها التكنولوجيا والاستخدام الأخلاقي والمسؤول لها، بما يحافظ على صحة ورفاه فئة الشباب في البلد، وذلك عبر وضع السياسات المصممة للتقليل من استخدام الهواتف خلال ساعات الدوام المدرسي، وتعزيز مشاركة الأسرة والمجتمع المحلي، وتحسين المعرفة الرقمية.
في معرض حديثها خلال هذه المائدة المستديرة، أكدت سعادة السيدة لولوة بنت راشد بن محمد الخاطر وزير التربية والتعليم والتعليم العالي، على الدور المحوري للقطاع الخاص وأولياء الأمور، إلى جانب الحكومات، في حماية الرفاه الرقمي للأطفال والمراهقين، مشددة على ضرورة اتباع “نهج متعدد القطاعات” لمعالجة هذه المسألة.
وقالت: “وفقا لعدة بحوث دولية، فإن الطلاب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 8 و18 سنة، يقضون ما معدله سبع ساعات ونصف إلى ثماني ساعات في اليوم على الأجهزة الرقمية – وهو ما يعادل ساعات الدوام المدرسي”، ولفتت إلى أنه “مهما كانت طبيعة التدابير المتخذة داخل المدارس، فبدون رقابة كافية على استخدامهم للتكنولوجيا خارج ساعات الدوام المدرسي، سوف لن تتغير هذه النتائج”.
وأشارت إلى أن “الواقع التكنولوجي يجعل الشكوك أرجح كفة من اليقين، والأسئلة المطروحة تتعدى الإجابات المقترحة، حتى من قبل الخبراء. وهذا يخبرنا الكثير بشأن التحديات التي نواجهها على ضوء التطور المتسارع الذي يشهده مجال التكنولوجيا”.
من جهتها، سلطت سعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي وزير التنمية الاجتماعية والأسرة، الضوء على أهمية دور الأسرة، والمقاربة الشاملة التي ستعنى بها لجنة السلامة الرقمية للأطفال والنشء، قائلة: “إن هذا التحدي لا يقتصر على دولة قطر فحسب، بل هو تحد يواجه العالم بأسره”.
وأضافت سعادتها: “وافق مجلس الوزراء على إنشاء لجنة للسلامة الرقمية للأطفال والنشء، ومن المقرر أن تساهم اللجنة في الحماية من التحديات التي تتسبب بها التكنولوجيا. من هذا المنطلق، سنحرص على أن تغطي هذه المقاربة قطاعات متعددة شاملة للجميع”.
وخلصت سعادتها إلى القول: “نتطلع أن تسهم مخرجات النقاش الذي عقدناه اليوم واستكشفنا فيه أفكارا وتصورات مختلفة، سواء من مؤسسة قطر أو من الجهات المشاركة، في دفع هذه النقاشات قدما وفي توجيه مسار جهودنا المشتركة”.
كما أكدت سعادة الدكتورة حنان محمد الكواري، التي سبق لها أن شغلت منصب وزير الصحة العامة، خلال الاجتماع أن “البيئات الرقمية أصبحت في عصرنا الحالي تمثل إحدى أكبر العوامل تأثيرا على الصحة النفسية للشباب”.
وأضافت قائلة: “لكي يحقق الشباب أقصى استفادة من التطور التكنولوجي، ينبغي دعمهم ليستفيدوا من كل ما تقدمه التكنولوجيا من فرص وتسخيرها لصالح نموهم وتطورهم. إلا أن العديد من التقارير الحديثة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أضحت تنبه من المخاطر التي قد تنجم من عدم حماية الصحة النفسية للشباب”.
واختتمت سعادة الدكتورة قائلة: “توفر الأدوات الرقمية للأطفال والشباب فرصا مهمة للتعلم والتواصل الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، يواجه جزء كبير من الشباب أنماطا من الاستخدام لا يستطيعون التحكم بها”.
وتميزت النقاشات بطرح جملة من الأفكار والتصورات القائمة على الأدلة ذات الصلة بالآثار الناجمة عن الإفراط في استخدام الإنترنت وتأثيره على الأعصاب والرعاية الصحية والتعليم. ولتوضيح ذلك، قام ثلة من الخبراء من جامعة حمد بن خليفة وجامعة نورث كارولينا وجامعة كامبريدج بتقديم نتائج أبحاثهم.
وقدمت مؤسسة قطر شواهد من تجارب ومشاريع أولية طبقتها عبر مدارسها من مرحلة الروضة حتى الصف الثاني عشر للحد من استخدام التكنولوجيا الرقمية، وقد أظهرت النتائج فعالية هذه التجارب. كما طرحت وجهات نظر دينية من الفاتيكان ومعهد “يقين” للبحوث الإسلامية، بوصفها أدوات تسهم في تحقيق التنمية الشاملة وتعزز دور الأسرة في توفير الشعور بالانتماء والمغزى الداعم لحياة الإنسان.
كما حضر الاجتماع عدد من مزودي التكنولوجيا والهيئة التنظيمية من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والوكالة الوطنية للأمن السيبراني، ومركز مدى، وشركة “أريد”. وذلك لضمان تعاون فعال بين القطاعين العام والخاص، وتمهيد تطبيق سياسات وتدابير تعزيز الرفاه الرقمي عند الأطفال.

