No Exit‪)‬)

استنساخ الوجودي

سارتر بنجاح

وضع جان – بول سارتر مسرحية «لا خروج» سنة 1944 حيث تم تقديمها على الخشبة في فرنسا والولايات المتحدة في العام ذاته.

هي حكاية ثلاثة أشخاص يدخلون الجحيم معتقدين أنها نار وعذاب. يفاجأون بأنها ليست كذلك، بالنسبة إليهم على الأقل.

هي شخصيات لها ذنوبها الدنيوية بلا شك لكنها لم تكن تعرف بعضها بعضاً قبل أن تجد نفسها في غرفة رحبة دَخلوها بمعية وصيف يطلعهم على القوانين ويجيب عن بعض أسئلتهم ثم يتركهم يتحدّثون عما فعلوه في حياتهم على الأرض، مما تسبب الآن في دخول غرفة لا يستطيعون مغادرتها ولا نوافذ فيها. كل من الرجل والسيدتين لديه ما يرويه وما سيتذكّره مما يعتبره ذنوباً وآثاماً اقترفها في حياته.

بعد عشر سنوت قامت المخرجة الفرنسية جاكولين أودري بتحقيق نسخة سينمائية عن المسرحية مدفوعة بمنهجها المنضوي على نقل الأعمال الأدبية (روائية أو مسرحية) إلى الشاشة.

أودري كانت أول مخرجة أنثى تحقق نجاحات تجارية بعد تحرير فرنسا من النازية. وما قامت به حيال «لا مخرج»، هو إضافة شخصيات متعددة ومشاهد متوالية تسبق التمحور حول الشخصيات الثلاث.

كذلك من الاختلافات قيامها بالاستغناء عن الأجواء الداكنة للمسرحية. ففي المسرحية (كما شاهدها هذا الناقد مصوّرة بكاميرا) داكنة وتبدأ في حوار بين رجلين هما المذنب والوصيف.

بعد عشر سنوات أخرى تصدّى الكاتب البريطاني هارولد بينتر للمسرحية. مشاهدة الفيلم تكشف عن اتجاه ثالث في رصف الأجواء، فبينما المسرحية تدور في جو داكن، كما سبق القول، وبينما نسخة أودري معالجة بتوسع وتمييز بصري بعيداً عن شروط المسرح، جاءت نسخة بينتر أمينة للمسرحية.

الاختلاف أن المخرج لهذا الإنتاج هو فيليب لاثروب، الذي عمد إلى أسلوب تجريبي بلقطات مؤطرة أحياناً أو بلقطات «كلوز أب» مائلة لأبطال الفيلم.

في سنة 1962 استهوت المسرحية المخرج البولندي تاد دانياليوفسكي، فحقق عنها فيلماً بعنوان «الخاطئون يذهبون إلى الجحيم» (Sinners Go to Hell). هنا نجد نوعاً من الصراع بين أمانة النص والرغبة في كسر قوانين المسرح باستخدام أسلوب الفلاشباك.

بين كل هذه الاستنساخات تبقى نسخة المخرجة أودري (الصورة) الأكثر جودة فنية وذات ابتكار ما يساعد الفيلم على محو الحواجز بين قوانين المسرح وقوانين السينما.

شاركها.
Exit mobile version