رفعت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني، تصنيف الكويت السيادي طويل وقصير الأجل إلى «إيه إيه -/ إيه – 1» من «إيه +/ إيه -1» مع الإبقاء على النظرة المستقبلية «مستقرة».
ويأتي هذا القرار ليُترِجم الزخم الإصلاحي الذي تشهده البلاد، لا سيما بعد تطبيق قانون التمويل والسيولة في مارس (آذار) 2025. ترى الوكالة أن هذا القانون قد خفَّف القيود الصارمة على الموازنة، وفتح الباب أمام ترتيبات تمويل شاملة، كان أولها إصدار سندات دولية بقيمة 11.25 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وهي الأولى للكويت في سوق رأس المال منذ عام 2017. هذه الإصدارات، التي تمت تغطيتها بأكثر من 2.5 مرة، تهدف إلى تنويع مصادر التمويل الحكومي وتعزيز استدامة الأوضاع المالية.
وكانت الكويت أصدرت في مارس الماضي، مرسوماً بقانون يمهد الطريق أمام البلاد، لإصدار ديون دولية للمرة الأولى منذ 8 سنوات بسقف 30 مليار دينار، كما يتيح إصدار أدوات مالية بآجال استحقاق تصل لـ50 عاماً.
وقالت الوكالة في بيان لها: «نتوقَّع أن تواصل حكومة الكويت تنفيذ حزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية، التي تركّز بشكل أساسي على تنويع الاقتصاد، وتحديث البنية التحتية، وتنويع مصادر الإيرادات لتعزيز الاستدامة المالية».
الرصيد التاريخي
على الرغم من المستويات المرتفعة المتوقعة للعجز المالي الذي قد يبلغ متوسطه 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بين عامَي 2025 و2028 (في ظل توقعات أسعار نفط منخفضة نسبياً)، تظل الأصول المالية الضخمة للكويت بمثابة درع ائتمانية حصينة. وتُقدر «ستاندرد آند بورز» أن الأصول السائلة للحكومة ستبلغ في المتوسط نحو 534 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة نفسها، وهو ما يضعها ضمن أقوى النسب على مستوى جميع الدول المُصنَّفة.
وتعود هذه القوة إلى الحجم الهائل للأصول المتراكمة في الهيئة العامة للاستثمار منذ عام 1953. ومن المتوقع أن تستمر الحكومة في تمويل العجز عبر مزيج من إصدارات الديون السنوية والسحب من صندوق الاحتياطي العام.
تسريع الإصلاحات
تعكس الترقية أيضاً الثقة في جهود الكويت المستمرة لتعزيز الإيرادات غير النفطية واحتواء النفقات. وتشمل الإصلاحات المالية الرئيسية العمل على تطبيق ضريبة انتقائية، وإعادة تسعير الخدمات الحكومية وعقود تأجير أراضي الدولة، وترشيد الدعم، بالإضافة إلى جهود لترشيد نمو أجور القطاع العام. كما أشارت الوكالة إلى أن حل عمل «مجلس الأمة»، على الرغم من أنه قد يؤثر على الضوابط والتوازنات، فإنه قد يسرع وتيرة تنفيذ الإصلاحات الحكومية، التي كانت تتعثر بسبب الجمود السياسي المتكرر، مؤكدة على استمرار زخم الإصلاح تحت إشراف مجلس الوزراء والأجهزة الرقابية المختلفة.
النمو مدعوم بالمشروعات والتحول الديمغرافي
تتوقَّع الوكالة تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ليبلغ متوسطه 2 في المائة على مدى السنوات الـ4 المقبلة (2025 – 2028)، وذلك بعد انكماش لعامين متتاليين؛ بسبب تخفيضات إنتاج النفط التزاماً بحصص «أوبك».
وسيكون الدافع لهذا النمو هو تخفيف قيود التمويل، والزيادة المعتدلة في إنتاج النفط، والاستثمارات الرأسمالية واسعة النطاق. وتشمل المشروعات الكبرى تطوير المنطقة الاقتصادية الشمالية وميناء مبارك الكبير، بالإضافة إلى مشروعات الإسكان، حيث يسهم قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الإسكان وتطوير المدن السكنية الجديدة في دعم نمو قطاع الإنشاءات والعقارات. وعلى الرغم من التوسع الاقتصادي المتوقع، فإن الوكالة حذَّرت من أن نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سيظل ثابتاً إلى حد كبير، مما يشير إلى أن النمو يرتكز حالياً بشكل أكبر على زيادة المعروض من العمالة بدلاً من المكاسب التكنولوجية والإنتاجية.
الاستقرار النقدي… وتوقعات المستقبل
توقعت «ستاندرد آند بورز» أن يظل سعر صرف الدينار الكويتي مربوطاً بسلة عملات غير معلنة (يهيمن عليها الدولار)، بدعم من الاحتياطات الأجنبية الضخمة. كما توقعت أن يظل التضخم معتدلاً عند نحو 2.4 في المائة، بفضل الدعم الحكومي السخي للسلع الأساسية والطاقة. وفيما يتعلق بآفاق التصنيف، أشارت النظرة المستقرة إلى أن استمرار الزخم الإصلاحي وقوة الميزانيات العامة والخارجية سيدعمان التصنيف الحالي، بينما يعتمد أي رفع مستقبلي على نجاح الإصلاحات في تطوير أسواق رأس مال محلية ونمو اقتصادي غير نفطي مستدام.


