يفصل الولايات المتحدة والعالم 16 شهراً عن إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، الا ان المنافسة مشتعلة بين المرشحين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ليس فقط للحصول على أصوات الناخبين لكن أيضا للحصول على تبرعاتهم للحملات الانتخابية.

وتتصدر حملتيا الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترمب السباق للحصول على الأموال السياسية وإقناع المانحين الكبار ودعوة القاعدة الشعبية التي تتبرع بالدولارات الصغيرة، ثم التباهي لوسائل الإعلام بما أمكن جمعه من أموال، للبرهنة على قوة استراتيجية الحملة الانتخابية، وتأكيد اتجاهات الناخبين وتفضيلاتهم.

وتشير بعض التقديرات انه من المتوقع أن تكون الحملات الانتخابية للعام 2024 هي الأعلى والأكثر كلفة في التاريخ الاميركي، لتتجاوز مبلغ 4.1 مليار دولار التي تم جمعها وإنفاقها عامي 2019 و2020 من جانب 149 شخصًا تقدموا إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية طالبين للترشح لسباق الرئاسة. وخلال انتخابات عام 2020، أفاد فريق ترمب بتلقي مساهمات وتبرعات تزيد عن 744 مليون دولار، فيما أعلنت حملة بايدن جمع وإنفاق أكثر من مليار دولار في تلك الانتخابات.

* استراتيجية التخويف

يستغل دونالد ترمب الملاحقات القضائية ضده، ولائحة الاتهامات والمثول أمام المحاكم، ليكسب مزيداً من التغطيات الإعلامية المجانية، وأيضا تلقي المزيد من التبرعات والمساهمات المالية السياسية التي وصلت بنهاية الأسبوع الماضي إلى 6.6 مليون دولار وفقا لمسؤولي الحملة الذين أشاروا إلى أن أنصار ترمب استجابوا بقوة للرد على لائحة الاتهامات التي وجهتها المحكمة إلى ترمب حول الوثائق السرية المخزنة في منتجع مارالاغو.

وتعتمد الحملة على رسالة ترمب ومؤداها أنه يتعرض لاضطهاد سياسي من وزارة العدل في إدارة بايدن، تستهدف منعه من الفوز المؤكد بانتخابات 2024، وهو ما يلقى صدى واسعاً لدى أنصاره المتشددين.

وفي الرسائل الالكترونية التي أرسلتها حملة ترمب إلى الناخبين لجمع التبرعات، قال ترمب فيها «إنني أعلن أن حملتنا جمعت أكثر من 7 ملايين دولار منذ أن بدأت وزارة العدل في ادارة بايدن ملاحقتها السياسية لي». وكتب لمناصريه انه غير مذنب في جميع التهم البالغة 37 تهمة، معتمدا على استراتيجية تحذير وتخويف لاستنهاض المناصرين، ويقول لهم «إنهم يأتون ورائي ويسعون وراءكم أيضا، وتشير التقارير انني قد أتلقى عقوبة تصل إلى 400 عام في السجن، على الرغم من أنني رجل بريء تماماً» ويحفزهم قائلا «قفوا معي لنحافظ على أعظم دولة في التاريخ».

ويبيّن استطلاع الرأي حديث لوكالة «رويترز»، أن استراتيجية ترمب تعمل بفاعلية في إثارة حماسة الغالبية العظمى من الجمهوريين، إذ يؤمن حوالى 81 في المائة من الجمهوريين بأن الاتهامات التي تلاحق ترمب ذات دوافع سياسية.

وقد تلقى ترمب نحو 4.5 مليون دولار من التبرعات الرقمية عبر الانترنت بينما تمكنت الحملة من جمع 2.1 مليون دولار يوم الثلاثاء وحده، من المناصرين الذين استمعوا إلى خطابه في نادي ترمب «بيدمينيستر» في ولاية نيوجيرسي عقب مثوله أمام المحكمة في ميامي بولاية فلوريدا.

وقبل ذلك، خلال الاتهامات في قضية دفع أموال لإسكات نجمة الأفلام الاباحية ستورمي دانيالز أمام محكمة نيويورك في مارس (آذار) الماضي، أعلن جيسون ميللر أحد كبار مستشاري حملة ترمب، أن الحملة استطاعت جمع 7 ملايين دولار في ثلاثة أيام فقط.

ويعد حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري، أقرب منافس لترمب في جمع التبرعات. وتقول المصادر المقربة لحملته ان لديه ما يقرب من 85 مليون دولار في حساب حكومي. ويستهدف ديسانتيس جمع المزيد خلال مشاركته في حشد انتخابي في ولاية نيفادا السبت.

الرئيس الأميركي جو بايدن في جامعة هارتفورد بولاية كونيتيكت (أ.ب)

* جولات بايدن

في الجانب الاخر، يخطط الرئيس الديمقراطي جو بايدن للقيام بجولات في عدة ولايات خلال الشهر الجاري، لجمع التبرعات الانتخابية منها زيارته الجمعة لولاية كونتيكيت ثم مدينة فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا السبت، للقاء حشد كبير من أعضاء النقابات.

ويستهدف بايدن الحصول على دعم العمال لحملته للفوز بولاية ثانية. ويشير مسؤولو الحملة إلى أن القدرة على الاستفادة من دعم النقابات العمالية ستؤدي إلى تعزيز إقبال الناخبين الديمقراطيين في ضواحي مدينة فيلادلفيا وفي مدن رئيسية في ولاية بنسلفانيا، وهي الولاية التي فاز بها بايدن في انتخابات عام 2020.

وتقول ماري كاي هنري الرئيسة الدولية للاتحاد الدولي للعمال (يضم ليوني عضو) انه حين تكون الحركة العمالية في الولايات المتحدة قوية إان الاقتصاد سيكون قويا والديمقراطية قوية، وهذا ما ستحاول حملة بايدن ترويجه في بنسلفانيا وولايات أخرى مثل ميتشيغان ونيفادا.

وتستهدف حملة إعادة انتخاب بايدن جمع أكثر من مليار دولار من التبرعات الا ان القلق يسود أوساط الديمقراطييين من أن الرئيس بايدن منذ إعلانه خوض السابق للفوز بولاية ثانية كانت استراتيجيته لجمع التبرعات والتواصل مع المانحين الكبار بطيئة للغاية، مما قد يجري تفسيره على انه نقص في حماسة الناخبين لدعمه.

ويخطط بايدن للسفر إلى شمال ولاية كاليفورنيا من الإثنين إلى الأربعاء ويستهدف المانحين من المديرين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا حيث تنظم حملته حدثا انتخابيا تستضيفه شركة مايكروسوف ومديرها كيفين سكوت وزوجته، ثم حدثا اخر تستضيفه شركة لينكدإن ومديرها ريد هوفمان.

ويلقي بايدن خطابا في حفل استقبال ثانٍ يستضيفه ثمانية من رواد الأعمال والمستثمرين في مجال التكنولوجيا والمناخ والأسهم الخاصة، بمن في ذلك دان كالافاتاس وهادلي مولين وستيف سيلبرشتاين ومارك روبنسون. ومن المتوقع أن يشارك في هذا الحدث حاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي غافين نيوسوم.

ويعتمد بايدن بشكل كبير على مساندة السيدة الأولى جيل بايدن في جولات جمع التبرعات، وقد جمعت خلال جولتها في نيويورك وسان فرانسيسكو ولوس انجليس في ولاية كاليفورنيا الأسبوع الماضي الكثير من الاموال لصندوق «فوز بايدن»، وهو صندوق لجمع التبرعات تشرف عليه اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي وحملة بايدن 2024. وتقوم نائبة الرئيس كامالا هاريس بجولة انتخابية في مدينة دنفر بولاية كولورادو.

ورغم ان جملة بايدن رفضت الكشف عن حجم التبرعات التي حصلت عليها منذ اعلان بايدن ترشحه فانه سيكون لزاما على المرشحين رفع تقارير بالتبرعات والمصروفات الانتخابية إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية بنهاية الشهر الجاري.

شاركها.
Exit mobile version