بعد يوم من اعتراف القيادة الأوكرانية بتباطؤ هجومها المضاد، الذي بدأته في الأول من يونيو (حزيران) الماضي، حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن روسيا تلقي بكل ثقلها في حملة لمنع قوات كييف من مواصلة هجومها، في الوقت الذي أفاد فيه جنرال كبير بإحراز تقدم جديد على الجبهة الجنوبية. لكن المحللين العسكريين الأوكرانيين أشاروا إلى أن القوات الأوكرانية تواجه صعوبات في محاولتها التقدم جنوباً.

وتشن أوكرانيا هجوماً مضاداً لاستعادة مساحات من الأراضي في شرق وجنوب أوكرانيا، استولت عليها القوات الروسية في اجتياحها الذي بدأ في فبراير (شباط) 2022. لكنها أقرت بأن هجومها المضاد يواجه مقاومة شديدة من القوات الروسية، وبالتالي «لا يحرز تقدماً سريعاً». وقال رئيس الإدارة الرئاسية الأوكرانية أندريه يرماك، أمس (الجمعة): «اليوم، لا يحرز الهجوم تقدماً سريعاً». وأضاف: «إذا رأينا أن أمراً ما لا يسير على ما يرام، فسنقول ذلك. لا أحد يريد تضخيم» التقدم الذي يحرزه الأوكرانيون.

وتركز القوات الأوكرانية على السيطرة على قرى بالجنوب الشرقي في حملة باتجاه بحر آزوف ومناطق قريبة من مدينة باخموت الشرقية التي استولت عليها القوات الروسية في مايو (أيار)، بعد معارك استمرت لعدة أشهر.

وذكرت تقارير روسية أن القوات الروسية صدت هجمات أوكرانية في منطقة دونيتسك الشرقية منها هجمات حول باخموت. وقال زيلينسكي في خطابه الليلي عبر الاتصال المرئي، كما نقلت عنه «رويترز»، بعد أن ترأس اجتماعاً مع كبار القادة: «علينا جميعاً أن نفهم بوضوح شديد وبأكبر قدر ممكن من الوضوح أن القوات الروسية في أراضينا الجنوبية والشرقية تبذل كل ما في وسعها من أجل إيقاف جنودنا».

سيارة عسكرية روسية معطوبة في قرية جنوب باخموت (أ.ف.ب)

وقال الجنرال أولكسندر تارنافكسي قائد القوات الأوكرانية في الجنوب بعد الاجتماع، إن قواته «تخرج العدو بشكل منهجي من مواقعه». وكتب على «تليغرام» يقول إن خسائر العدو خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية تصل إلى 200 جندي على الأقل.

وقال المحلل العسكري سيرهي هرابسكي لإذاعة «إن في» الأوكرانية: «في الجنوب الوضع صعب للغاية في التقدم نحو بيرديانسك»، في إشارة إلى ميناء على بحر آزوف. وتأمل القوات الأوكرانية أن تقطع جسراً برياً أقامته القوات الروسية مع شبه جزيرة القرم التي ضمتها من أوكرانيا. وأضاف المحلل العسكري أن «العدو يبدي مقاومة لمنع تقدمنا جنوباً». وقالت وزارة الدفاع الروسية في تقريرها اليومي، إن قواتها صدت 16 هجوماً أوكرانياً على الجبهة الشرقية.

ورغم أن كييف تلتزم الصمت بخصوص المسيرات التي تهاجم المدن الروسية الحدودية، فإن القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، فاليري زالوجني، أقر السبت، بشن هجمات أوكرانية على التراب الروسي. وأضاف زالوجني في مقال نشره بصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية ظهر أول مرة الجمعة: «هذه مشكلتنا والأمر يرجع لنا في تقرير كيفية قتل هذا العدو».

جنود أوكرانيون يقاتلون على جبهة دونيتسك (أ.ب)

وتشهد المناطق الحدودية الروسية بالتحديد هجمات بالمدفعية والمسيرات بشكل متكرر من أوكرانيا. وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن المسؤولين في كييف لا يقرون عادة بالهجمات عبر الحدود. وقال زالوجني إنه يستخدم الأسلحة المصنوعة في أوكرانيا من أجل تنفيذ الهجمات المتكررة عبر الحدود. وأضاف: «إذا كان شركاؤنا يخافون من استخدامنا أسلحتهم، فسوف نقتل (أعداءنا) بأسلحتنا»، مشيراً إلى الشروط التي يفرضها الحلفاء الغربيون، والتي تقضي بضرورة عدم استخدام الأسلحة المقدمة لأوكرانيا في مهاجمة الأراضي الروسية. وتساءل زالوجني: «لماذا يتعين علي أن أطلب الإذن من شخص ما بشأن ما يجب فعله على أراضي العدو، من أجل إنقاذ شعبي؟».

وفي سياق متصل، قال فلاديسلاف فلاسيوك، مفوض شؤون العقوبات بإدارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن كثيراً من الصواريخ الروسية وصواريخ كروز تحتوي في كثير من الأحيان على مكونات من ألمانيا ودول غربية أخرى على الرغم من العقوبات واسعة النطاق. وأضاف فلاديسلاف فلاسيوك لصحيفة «زونتاجس تسايتونغ» الألمانية: «كل يوم يُقتل الأشخاص بالمقذوفات في بلادنا». وتابع أن كثيراً من الرصاصات «تحتوي على مكونات من دول غربية».

جندي أوكراني يطلق قذائف مضادة للدبابات على خط المواجهة بالقرب من باخموت (رويترز)

ووفقاً لأوكرانيا، كان هذا ممكناً فقط لأنه يتم التحايل على العقوبات الغربية ضد روسيا عبر دول أخرى. وذكرت الصحيفة أن فلاسيوك نبه بالفعل السفراء الغربيين في كييف بشأن القضية في 13 يونيو.

ووفقاً للبيانات، ضاعفت روسيا تقريباً إنتاج الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، من 512 إلى رقم مفترض يبلغ 1061 منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

ويتردد أن المكونات الألمانية استخدمت في صاروخ كروز (كي إتش101) وفي النسخ الأخرى من صاروخ كروز «إسكندر». ووفقاً للمعلومات الأوكرانية، قدم ما مجموعه 16 شركة ألمانية مواد وخدمات لهذه الأسلحة.

ونُفذت الصادرات، بما في ذلك الإلكترونيات والمواد العازلة والبلاستيك، بشكل رئيسي عبر الصين، وأيضاً عبر آسيا الوسطى والقوقاز وتركيا. وبما أن الأعمال التجارية تتم عبر شركات وهمية في دول العبور، فقد لا تعرف بعض الشركات حتى إلى أين تذهب منتجاتها، وفقاً للتقرير. ونقلت الصحيفة عن وزارة الخارجية الألمانية قولها، كما نقلت عنها الوكالة الألمانية، إنها تأخذ «تقارير من زملائنا الأوكرانيين حول استخدام المكونات الخاضعة للعقوبات في الصواريخ الروسية على محمل الجد»، وإنها تفحص هذه المعلومات «عن كثب».

شاركها.
Exit mobile version