سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني

الدوحة – قنا

أكدت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني، رئيس مجلس أمناء متاحف قطر، أن الثقافة القطرية تمثل قلب التنمية الوطنية وركيزة من ركائز النهضة الحضارية التي تشهدها الدولة، مشيرة إلى أن متاحف قطر باتت رمزًا للتكامل بين الماضي العريق والمستقبل المبدع.


جاء ذلك خلال كلمة سعادتها التي ألقتها مساء اليوم في متحف قطر الوطني بمناسبة انطلاق موسم معارض الخريف ” قطر تبدع”.


وتناولت سعادتها التطور الثقافي الذي تشهده قطر منذ خمسين عاما وذلك ضمن حملة “أمة التطور” والتي تستمر لمدة 18 شهرا لتكريم الرحلة الثقافية لقطر على مدار نصف قرن منذ تأسيس متحف قطر الوطني (أول متحف في الخليج) عام 1975 على يد صاحب السمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، رحمه الله.


  وأضافت أن المسيرة الثقافية واصلت تطورها بفضل رؤية صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، وبقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، لتصبح الثقافة اليوم جزءًا لا يتجزأ من التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، وصارت قوةً تُثري حياة شعبنا وتوحد مجتمعنا.


وقالت رئيس مجلس أمناء متاحف قطر:” نقف اليوم في لحظة فريدة من رحلتنا الثقافية، نستحضر فيها تاريخنا الممتد من المواقع التراثية القديمة التي تهمس بحكايات آلاف السنين، إلى منصات الإبداع المعاصرة التي تستشرف المستقبل”، مؤكدة أن الثقافة في قطر ليست أثراً ساكناً، بل كيان حيّ متجذر في ماضينا، يمنح المعنى لحاضرنا، ويدفعنا بثقة نحو المستقبل.


وأضافت: “بفضل قيادتنا الحكيمة، لم تعد الثقافة مجالًا منفصلًا عن التنمية، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من التطور الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، وقبل كل شيء أصبحت قوةً تُثري حياة الناس وتوحد المجتمع، لأنها قلب الأمة النابض وروحها الجامعة”.


وتابعت سعادتها: “بفضل هذه الرؤية نعيش اليوم لحظةً فريدة نرى فيها المشهد الثقافي القطري متكاملًا من مواقعه التراثية القديمة التي تروي قصص آلاف السنين إلى المشروعات الإبداعية المعاصرة التي ترسم ملامح الغد.. الثقافة في قطر ليست مجرد آثار أو مبانٍ، بل هي كيانٌ حيّ متجذر في الماضي، يمنحنا معنى الحاضر، ويدفعنا بثقةٍ إلى المستقبل”.


وشددت رئيس مجلس أمناء متاحف قطر على أن متاحف قطر ليست مجرد أماكن لحفظ المقتنيات، بل فضاءاتٌ للدهشة والإلهام والخيال، قائلة: “كل زاوية في هذا الوطن تُلهمنا أفكارًا جديدة وروابط إنسانية خلاقة، لأن رحلتنا الثقافية بدأت منذ آلاف السنين، حين كان الغواصون والتجار يصنعون هوية قطر البحرية والتجارية”.


وأضافت أن نقوش الجساسية وموقع الزبارة المسجل على قائمة التراث العالمي لليونسكو، “يمثلان شاهدين خالدين على عمق ارتباطنا التاريخي بطريق الحرير وصولًا إلى الشرق الأقصى”.


وقالت: “الثقافة دائمًا متجذّرة في الأجداد وتنتمي في الوقت ذاته إلى العالم. نحن نحافظ عليها ونشاركها وننسجها في حياتنا اليومية كنسيجٍ متجدد يتطور مع كل جيل”.


وأوضحت سعادتها أن قصة متاحف قطر بدأت برؤيةٍ وشجاعة، وهو ما تختصره اليوم كلمة “التطور”، مشيرةً إلى أن صاحب السمو الأمير الأب افتتح عام 1975 أول متحف في الخليج، وهو المتحف الوطني لقطر، الذي يحتفل هذا الأسبوع بمرور خمسين عامًا على إنشائه من خلال معرضٍ يوثّق أرشيفًا نادرًا وذكرياتٍ من تلك المرحلة.


وأضافت أن القصر القديم الذي كان مقرًّا للسلطة تحوّل إلى مكانٍ للدهشة، وفي عام 2019 أعيد افتتاحه بتصميمٍ فريد من المعماري جان نوفيل، وهو يمثل “وردة الصحراء”، جامعًا بين الماضي والحاضر والمستقبل.


وتناولت سعادتها فصول الاستراتيجية الثقافية لمتاحف قطر، مشيرةً إلى أن الفصل الأول يركز على /التراث والهوية/ من خلال متاحف: الفن الإسلامي، ومتحف الفن العربي الحديث (متحف)، والمتحف الوطني، إلى المعارض التي توثق مراحل تطور العمارة في قطر.


كما أشارت إلى أن احتفاء برنامج الفن العام هذا الخريف بتركيبتين فنيتين بارزتين: عمل نحتي بعنوان “صخرة فوق أخرى” للفنانين السويسريين فيشلي ووايس، وتركيب تشاركي للفنان ريك ريتك بعنوان “لا خبز ولا رماد”، المرتبط بجناح قطر في بينالي البندقية، والذي يعكس إرث كأس العالم FIFA قطر 2022، ويقدّم تمهيدًا لفعالية “رُباعية قطر” الثقافية لعام 2026.


وأكدت أن متحف الفن العربي الحديث (متحف) يحتفل بمرور 15 عامًا على تأسيسه من خلال معرض “نرفض .. رفضنا” بمشاركة 15 فنانًا، يستلهمون فيه التوازن بين الفعل والتأمل، فيما يعرض المتحف مجموعة من أبرز أعماله التي ألهمت أجيالًا من الفنانين والمؤسسات العربية.


ولفتت سعادتها إلى افتتاح معرض للفنان مقبول فدا حسين بالتعاون مع متحف كيران نادر في الهند، وقالت إن الفنان الذي عاش لاجئًا سياسيًا في قطر سيُخصص له متحفٌ خاص الشهر المقبل..


كما تطرقت إلى معرض ” العودة بضوء القمر” في المتحف الوطني، والذي يتناول حياة السلاحف البحرية ويعزز الوعي بضرورة حماية الكائنات المهددة بالانقراض.


 وقالت سعادتها إن متحف 3-2-1 متحف قطر الأولمبي والرياضي افتتح معرضًا للألعاب الإلكترونية (E-sports) يوثق تطور هذه الصناعة من بداياتها حتى البطولات العالمية، ومعرضًا آخر للأحذية الرياضية بالتعاون مع متحف التصميم في لندن، يضم أكثر من 200 تصميم.


وأشارت إلى أن حدائق دَدُو أصبحت وجهة مفضلة للعائلات، حيث بدأ العمل على إنشاء متحف الأطفال الذي سيغرس الإبداع في الأجيال القادمة، ضمن رؤية قطر لبناء اقتصاد معرفي قائم على الإبداع


 

وأضافت سعادة الشيخة المياسة أن الاستراتيجية الثقافية تمتد عالميًا من خلال مشاريع كبرى مثل متحف المستشرقين (الوسيل) ومتحف مطاحن الفن اللذين سيضمان مجموعات فنية عالمية فريدة، ويهدفان إلى دعم الاقتصاد الإبداعي وبناء مدينة ثقافية جديدة.


  وأوضحت أن المعماري أليخاندرو آرابيلا يقوم بتحويل مصنع الطحين القديم على الواجهة البحرية إلى “متحف مطاحن للفنون” ليكون قرية إبداعية نابضة بالحياة تجمع المبدعين من حول العالم للتعاون والابتكار، مؤكدةً أن هذه المشاريع ستتوج بافتتاح آرت بازل – الدوحة في فبراير المقبل، الذي سيتيح للمقتنين والمؤسسات في المنطقة التواصل المباشر مع سوق الفن العالمي.


وأضافت سعادتها أن متاحف قطر تواصل توسيع دعمها للمبدعين عبر منصات أخرى تتجاوز المتاحف التقليدية، مثل /مطافئ -مقر الفنانين/ ومؤسسة الدوحة للأفلام ومدرسة قطر التحضيرية للتصميم، التي ستنطلق قريبًا في مبنى المدرسة القطرية التاريخية بعد ترميمه، ليكون حاضنة جديدة للمصممين والمبدعين.


  وأكدت أن برنامج الأعوام الثقافية يمثل أحد أبرز المشاريع التي تجسد روح التبادل الثقافي بين الشعوب، قائلةً: “هذا العام نستضيف الأرجنتين وتشيلي، وفي العام المقبل ستكون الشراكة مع المكسيك وكندا، تليها مصر واليونان في عام 2027″، وأضافت: “على مدى أكثر من عقد من الزمن، بنت سنوات الثقافة جسور التفاهم عبر الحدود، وقدّمت أفضل ما في قطر إلى العالم، وجلبت أفضل ما لدى الأمم إلينا”.


  وشددت سعادتها على أن هذه المشاريع تذكّرنا بأن الثقافة ليست ترفًا بل ضرورة، لأنها الوسيلة التي “نتواصل من خلالها وننمو معًا”.


  وقالت سعادتها إن كل ما تحقق لم يكن لولا رؤية صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي أسس متاحف قطر، وتوجيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الذي يقودنا نحو تحقيق الرؤية الوطنية، وإرث صاحب السمو الأمير الأب الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الذي زرع البذرة الأولى للفكر المتحفي في المنطقة عندما لم يكن أحد يحلم بإنشاء متحف”.. وأضافت: لكل هؤلاء، ولكل من عمل بشغفٍ وإخلاصٍ في مؤسساتنا، أتوجه بخالص الشكر والتقدير.


واختتمت سعادتها كلمتها بالقول: ” كل يوم، عندما أنظر إلى المدينة، أرى الكثير من المشاريع الثقافية والأفكار والمواهب. إن طاقتها تلهمني للعمل أكثر، لأنني أعلم أن هذا النمو لا يتحقق إلا بروح الفريق”.


  وأضافت :” لقد مضت عشرون سنة منذ بدأت رحلتي في هذا المجال، وهي نصف عمري تقريبًا. عندما بدأت، لم أكن أعلم إلى أين ستقودني هذه الرحلة، لكن كان لديّ طموح أمتي يدفعني إلى الأمام، وشجاعة التفكير خارج المألوف والإصرار على تقديم الأفضل. واليوم، بعد عقدين، وبالإيمان بشعبنا وبتوجيه قيادتنا، نقترب أكثر من تحقيق حلمنا الإبداعي الكبير”.


وتابعت سعادتها :” كل متحف نؤسسه، وكل أرشيف نحفظه، وكل مركزٍ إبداعي نُنشئه، إنما يوجد لتمكين شعبنا، وإلهام أجيالنا الشابة، وتعزيز الروابط المجتمعية التي تحمل تراثنا نحو المستقبل. هذه هي روح الثقافة القطرية؛ ليست في المباني أو المجموعات فقط، بل في الطريقة التي تلهمنا وتربطنا وتشكل حياتنا وتعيد تشكيلها باستمرار”.


  وختمت سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني بقولها: هذه هي “أمة التطور- ثقافةٌ تُلهم المبدعين، وأمةٌ منفتحة على العالم”.

 

شاركها.
Exit mobile version