جدة – قنا

أكدت سعادة السيدة مريم بنت عبدالله العطية رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وعضو الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان بمنظمة التعاون الإسلامي، أن الوضع الإنساني في قطاع غزة والضفة الغربية يشهد تدهورا غير مسبوق نتيجة الحصار الشامل والانقطاع الحاد في الغذاء والدواء، وانهيار منظومات الخدمات الأساسية، مشيرة إلى أن ما يتعرض له المدنيون يرقى إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وفي مقدمتها ممارسات العقاب الجماعي والاستهداف المتكرر للمدنيين والبنية التحتية الحيوية.

جاء ذلك خلال مشاركة سعادتها في ثلاثة اجتماعات متخصصة ضمن أعمال الدورة العادية السادسة والعشرين للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان، والتي انعقدت في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.

وأكدت العطية أن هذه الاجتماعات شكّلت منصة مهمة لتوحيد الرؤى داخل منظمة التعاون الإسلامي، وتعزيز المقاربات القائمة على القانون الدولي الإنساني، ومبادئ حقوق الإنسان، بما يسهم في حماية المدنيين، ودعم الفئات الأكثر ضعفًا، وتعزيز المساءلة الدولية.

وأوضحت أن استمرار استهداف المرافق الصحية والمؤسسات التعليمية ومصادر المياه والكهرباء في قطاع غزو والضفة الغربية يقوض أبسط مقومات الحياة الكريمة، ويستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا يضمن الحماية الفورية للمدنيين، ووقف الانتهاكات الممنهجة، مشددة على أهمية إدراج خدمات الصحة النفسية والدعم المعنوي ضمن الاستجابة الإنسانية، نظرًا لما خلفته الأزمة من آثار نفسية عميقة، خاصة على الأطفال والنساء.

وقالت: “إن أي خطة سلام تتعلق بغزة يجب أن تُبنى على أسس واضحة تحترم القانون الدولي، وتكفل الحقوق الأساسية للسكان”، مؤكدة أن الوصول الآمن وغير المشروط للمساعدات الإنسانية يمثل شرطا جوهريا لنجاح أي مسار سياسي أو إنساني.

وشددت على أن إعادة الإعمار لا يمكن أن تتم بمعزل عن العدالة وضمان عدم تكرار الأزمات، مع ضرورة إشراك الفلسطينيين بوصفهم أصحاب الحق الأصيل في تقرير مستقبلهم.

وفيما يتعلق بالمساءلة، أكدت سعادة رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وعضو الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان بمنظمة التعاون الإسلامي، أن دعم التحقيقات الدولية والتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وهيئات الأمم المتحدة المعنية يشكل ركيزة أساسية لمعالجة الإفلات من العقاب، موضحة أن توثيق الانتهاكات وفق المعايير الدولية، وتعزيز دور منظمات المجتمع المدني، والعمل الجماعي داخل منظمة التعاون الإسلامي، كلها عناصر ضرورية لضمان عدم إفلات مرتكبي الجرائم الجسيمة من العدالة.

وأشارت سعادتها إلى أن الأبعاد الإنسانية والتنموية لا تقل أهمية عن المسارات السياسية، مؤكدة ضرورة فتح ممرات إنسانية آمنة، وتوفير حماية خاصة للفئات المستضعفة، وفي مقدمتهم النساء والأطفال وكبار السن وذوو الإعاقة، إلى جانب استعادة الخدمات الأساسية؛ كالصحة والتعليم والمياه والكهرباء، باعتبارها شرطًا أساسيًا لضمان الحد الأدنى من الحياة الكريمة.

وبينت أن العمل الدبلوماسي المتواصل، والبناء على مخرجات اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي، والمؤتمر السعودي الفرنسي، وقمة السلام في نيويورك 2025، يمثل مسارًا مهمًا لتوحيد المواقف الدولية، ودعم الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني.

وفيما يخص وضعية حقوق الإنسان في الجمهورية العربية السورية، أكدت العطية أن استمرار النزاع وتداعياته الإنسانية يستوجب تعزيز دور الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان في رصد الأوضاع الميدانية، وإعداد تقارير دورية محايدة تسلط الضوء على الانتهاكات والتحديات الإنسانية، بالتعاون مع الهيئات الوطنية ووكالات الأمم المتحدة العاملة على الأرض.

وأوضحت أن تحديد أولويات المساعدة الإنسانية يجب أن يركز على حماية الأطفال من العنف والنزوح والتجنيد، وضمان التعليم في حالات الطوارئ، وتعزيز القدرة الصحية عبر دعم المستشفيات الميدانية وتأمين الإمدادات الطبية الأساسية، مؤكدة أن التنسيق بين الجهات الإنسانية يشكل عنصرًا حاسمًا لتجنب الازدواجية وتحسين كفاءة التدخلات.

وشددت على أهمية تطوير استراتيجيات شراكة داخل منظومة منظمة التعاون الإسلامي، عبر اعتماد أطر واضحة لتوزيع الأدوار، وتبادل البيانات والخبرات، بما يسهم في تعظيم الأثر الإنساني وتوجيه الموارد نحو الأولويات الملحة.

ودعت إلى الالتزام بتنفيذه عبر وقف إطلاق النار، وإطلاق العملية السياسية، وضمان العودة الآمنة للنازحين، وإيصال المساعدات الإنسانية، مع توسيع المناصرة الدولية للقرارات ذات الصلة.

وفي اجتماع فريق العمل المعني بالحق في الأسرة وحقوق المرأة والطفل، أكدت العطية أن ضمان حق الفتيات في التعليم يمثل أولوية حقوقية لا تقبل التمييز أو التأجيل، خاصة في سياقات النزاع وما بعد الصراع، مشددة على أهمية التشريعات الوطنية، وبرامج التعليم في حالات الطوارئ، وتوفير بيئات تعليمية آمنة، إلى جانب الدعم النفسي والاجتماعي والتمويل المستدام.

وأشارت إلى أن التحديات الرقمية، بما في ذلك إدمان الإنترنت والعنف الإلكتروني والاستغلال الرقمي، باتت تشكل تهديدا مباشرا لحقوق الأطفال، ما يستدعي سياسات وطنية شاملة لحماية الطفل الرقمي، وشراكات فعالة مع شركات التكنولوجيا ومنظمات المجتمع المدني، وتعزيز التربية الإعلامية والمعلوماتية.

وأكدت أن مأسسة دور المرأة في منع التطرف العنيف تمثل عنصرًا محوريًا في الاستراتيجيات الوطنية، عبر إشراكها في تصميم السياسات، ودعم الشبكات النسائية، وتعزيز التعاون الإقليمي داخل منظمة التعاون الإسلامي، بما يسهم في بناء خطاب قائم على التسامح والاعتدال.

ونوهت رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وعضو الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان بمنظمة التعاون الإسلامي، بأن تعزيز التعاون بين الهيئة الدائمة المستقلة، ومؤسسات منظمة التعاون الإسلامي، ووكالات الأمم المتحدة، والهيئات الوطنية لحقوق الإنسان، يمثل مدخلا أساسيا لدعم السياسات الاجتماعية التي تضع الأسرة في صميم منظومة حقوق الإنسان.

 

شاركها.
Exit mobile version