قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الأحد، إن دمشق تسعى إلى بناء «شراكة قوية جداً» مع الولايات المتحدة الأميركية، وأكد في الوقت نفسه، رغبتها في «الحفاظ على مسافة متساوية مع جميع الدول، وبناء علاقات تقوم على التعاون والانفتاح».
وقال الوزير السوري، في مؤتمر صحافي في العاصمة البحرينية المنامة، إن الرئيس أحمد الشرع سيزور واشنطن قريباً. وذلك بينما قالت مصادر متابعة في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن الزيارة تهدف لاستكمال «استحقاق» تم التوافق عليه سابقاً، وإن الوضع بات الآن جاهزاً لإعلان «الشراكة الاستراتيجية»، وإن من شأن هذه الشراكة، أن تنعكس بشكل إيجابي على عدد من الملفات، لا سيما ملفي التفاوض داخلياً مع «قوات سوريا الديمقراطية»، وإقليمياً مع إسرائيل.
وأوضح الوزير الشيباني أن هناك كثيراً من المواضيع التي يمكن لدمشق بحثها «بداية من رفع العقوبات، وفتح صفحة جديدة بين البلدين»؛ حيث «لم يعد هناك أي مبرر لاستمرار العقوبات»، معبراً عن رغبة دمشق، في أن «تكون هناك شراكة قوية جداً بين أميركا وسوريا» مع التأكيد على أن بلاده تريد «علاقات متوازنة» مع كل الدول، و«تواصل مدّ يد التعاون إلى الحلفاء والأصدقاء في المنطقة»، لافتاً إلى أن سوريا «واجهت خلال الفترة الماضية تحديات كبيرة لكنها لم تستسلم، وبقيت متمسكة بتحقيق العدالة».
وأضاف أن «سوريا لن تكون مركزاً للاستقطاب، وإنما تسير في مسار واحد يضم الجميع»، وأكد التزام الحكومة بـ«تعزيز السلم الأهلي، وجعل القانون هو الأساس في العلاقة بين جميع مكونات الشعب السوري»، كما أعرب عن «الفخر بالتنوع الثقافي والعرقي السوري».

وفيما يخص ملف المفاوضات مع إسرائيل، أكد وزير الخارجية السوري أن بلاده تتعامل بدبلوماسية مع «الاستفزازات الإسرائيلية، وتحرص على حماية مصالحها من دون الانجرار نحو التصعيد أو المواجهة».
وقال الشيباني: «نحن قلنا إننا ملتزمون باتفاقية 1974، وملتزمون أيضاً ببناء اتفاقية تضمن السلام والتهدئة بيننا وبين إسرائيل. لا نريد لسوريا أن تدخل حرباً جديدة وليست سوريا أيضاً اليوم في وضع تهديد لأي جهة بما فيها إسرائيل». وأضاف: «أعتقد أنه توجد مفاوضات اليوم، أو مسارات تسير باتجاه الوصول إلى اتفاق أمني لا يهز اتفاقية 1974، ولا يقر واقعاً جديداً قد تفرضه إسرائيل في الجنوب».
وتعد زيارة الشرع إلى البيت الأبيض الزيارة الرسمية الأولى من نوعها لرئيس سوري في تاريخ العلاقة بين البلدين. وقال الباحث والمدير التنفيذي في «مركز دراسات جسور» وائل علوان لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة تهدف إلى «استكمال استحقاق سبق أن تم التوافق عليه، وكان يفترض أن يعلَن عنه في وقت سابق على هامش حضور الرئيس السوري اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك، لكن كانت هناك ترتيبات سورية لا بد من إتمامها… والآن أصبح الوضع جاهزاً لإعلان الشراكة الاستراتيجية».
ورأى الباحث القريب من الحكومة أن هذه الخطوة هي من «أهم الخطوات التي ستعتمد عليها الحكومة السورية في إعادة تموضعها على المستويين الإقليمي والدولي». وقال: «هذه الخطوة المتفق عليها بين سوريا والولايات المتحدة تعني أن سوريا لم تعد تقف في المحور الذي يطلق عليه الغرب اسم محور الشر، ولم تعد في محور يعد مصدر إزعاج وقلق للمنطقة»، بالنسبة لتركيا ودول الخليج ودول الاتحاد الأوروبي، بل على العكس تماماً «أصبحت سوريا حليفاً في مكافحة الإرهاب، وضمان أمن واستقرار المصالح المشتركة ـ العربية والتركية والغربية ـ والتي تتقاطع جميعها مع مصالح سورية الجديدة».
ولكن في المقابل قال علوان: «إن سوريا الجديدة لا تريد بذلك الذهاب إلى محور المواجهة مع المحور الآخر، وإنما تريد بناء علاقات متوازنة» مع الجميع.
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم براك، قد أعلن في وقت سابق أن الرئيس الشرع سيوقِّع في واشنطن يوم 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، اتفاقاً مع الرئيس دونالد ترمب، لانضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، الذي تأسس عام 2014 ويضم 88 دولة، معتبراً أن هذه الخطوة تمثل «تحولاً تاريخياً في العلاقات بين دمشق وواشنطن».
ومن المتوقع أن يكون لدخول دمشق في التحالف ضد «داعش»، أثر كبير في مستوى العلاقات الخارجية مع أميركا ودول الغرب، وأثر عميق على مستوى السياسة الداخلية، بحسب الباحث علوان، الذي يرى أن الشراكة مع الولايات المتحدة «تعني منح دمشق ورقة مهمة جداً». وقال: «كثيراً ما كانت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تعتمد على هذه الورقة على طاولة المفاوضات مع الحكومة السورية، إلا أنها أصبحت بيد الحكومة السورية أيضاً، ولم تعد (قسد) وحدها الشريك المحلي في مكافحة الإرهاب، بل صارت الحكومة السورية هي الشريك الرسمي، والوحدات المسؤولة عن مكافحة الإرهاب ضمن قوات (قسد)، ستعمل تحت مظلة الحكومة السورية».
وأشار إلى أن هذا «كفيل بتسريع المفاوضات بين الحكومة السورية و(قسد) باتجاه الاندماج»، مع استدراك أن الأمور لن تكون «سهلة، فلا تزال هناك تحديات وصعوبات كثيرة، إلا أن الفرص باتت أكبر بكثير لإنجاح الاندماج خصوصاً مع توجه الدعم الدولي للضغط على (قسد) لتحقيق ذلك، وعلى الحكومة السورية لتكون أكثر واقعية ومرونة في المفاوضات».
ورأى الباحث علوان أن تمتين العلاقة السورية ـ الأميركية من شأنه «أن يكون محفزاً إضافياً للتدخل الإيجابي من قِبل الولايات المتحدة لإنجاح المفاوضات والضغط على إسرائيل لتبدي مرونة أعلى للتوصل إلى تفاهم مع سوريا»… وقال: «ربما تعطي الشراكة مع الولايات المتحدة ضمانات على المستويين الإقليمي والدولي، بأن سوريا تتجه لأن تكون داعمة للغرب وليست متحالفة مع من يصدر الشرور في المنطقة».
“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}

