في حادث طعن فاجأ الإسرائيليين والدروز، استهدف درزي يوم الاثنين مجموعة من الإسرائيليين في محطة الحافلات المركزية بمدينة حيفا شمال إسرائيل؛ ما أسفر عن مقتل شخص اتضح لاحقاً أنه عربي، وإصابة أربعة آخرين، في أول «هجوم قاتل» منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة في التاسع عشر من يناير (كانون الثاني).

فالدروز يربطهم مع الإسرائيليين منذ قيام دولة إسرائيل «ميثاق الدم»، وهو تحالف يقوم على أن يخدم الدروز في الجيش مقابل تمتعهم بالأمن.

ومما يلقي مزيداً من الضوء على الحادثة التي وقعت في محطة «همفتراس» المركزية في حيفا، أن المهاجم الدرزي، يثرو شاهين، يحمل الجنسيتين الإسرائيلية والألمانية، حسبما أظهرت التحقيقات الأولية. ولقي المهاجم حتفه بعد أن أطلق إسرائيليون النار عليه.

وقالت الشرطة إنه طعن رجلاً في ظهره مرات عدة؛ ما أدى إلى مقتله. واتضح لاحقاً أن القتيل عربي يبلغ من العمر 70 عاماً ويدعى حسن دهامشة، وهو من سكان كفر كنا.

ومن بين الجرحى الأربعة مراهق يبلغ من العمر 15 عاماً نُقل إلى مركز رامبام الطبي في حيفا مصاباً بجروح تهدد حياته. غير أن المستشفى أعلن لاحقاً أن حالته مستقرة بعد خضوعه لعملية جراحية طارئة.

وأصيبت في الهجوم أيضاً امرأتان، إحداهما في السبعينات والأخرى في الثلاثينات، وتم نقلهما مع مصاب آخر إلى المستشفى للعلاج من جروح متوسطة، حسبما ذكر مسؤولون صحيون.

قادة الدروز يطلبون «التمهل»

نسبت الشرطة إلى عائلة شاهين قولها إنه يعاني مشاكل نفسية، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنه كان يقيم في الخارج منذ أشهر ثم عاد إلى إسرائيل الأسبوع الماضي.

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يجري التحقيق في سبب سفره إلى الخارج، وما إذا كان قد خطط ونفذ الهجوم وحده.

وتناقلت وسائل إعلام إسرائيلية روايات تحدثت عن خروج المهاجم من حافلة وهتافه «الله أكبر» قبل شروعه في عملية الطعن.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنّ إسرائيل «ستواصل محاربة وهزيمة أولئك الذين يسعون إلى النيل من حياة أبنائها في كل مكان».

واستغل وزير الأمن القومي السابق إيتمار بن غفير الحادثة، وقال إن إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين يشجع ما وصفه بـ«الإرهاب».

لكن قادة الطائفة الدرزية طلبوا التمهل، مشيرين إلى المشاكل النفسية التي تحدثت عائلة المهاجم عنها.

وقال الزعيم الروحي للطائفة الدرزية الشيخ موفق طريف، بحسب «يديعوت أحرونوت»: «إننا ندين بشدة الحادث ونقدم تعازينا لعائلة الرجل المقتول، وأطيب التمنيات بالشفاء العاجل للجرحى».

وأضاف: «هذا حادث صعب ومؤسف للغاية. قلبي مع العائلات. لكن قبل استخلاص النتائج، من المهم انتظار توضيح الحقائق بعمق واستكمال التحقيق من قِبل قوى الأمن، بما في ذلك الوضع في الحسبان الخلفية والظروف والمرض النفسي الشديد الذي عانى منه».

ومضى قائلاً: «أبناء الطائفة الدرزية يحاربون الإرهاب في كل مكان، والمدنيون الذين شاركوا في عملية التحييد كانوا أيضاً من أبناء الطائفة الدرزية».

صدمة بين الدروز

قال ماجد شاهين، ابن عم المنفذ، في حديث مع صحيفة «معاريف»: «أنا في حالة صدمة تامة، الرجل غير مستقر نفسياً، وهو يتلقى العلاج من قِبل سلطات الرفاه، وحاول إنهاء حياته قبل نحو شهر. إنه ليس مجنوناً، لقد عاش في ألمانيا لفترة من الوقت، وجاء لزيارة إسرائيل، وهذا ما حدث».

وتابع: «نحن عائلة عادية تماماً، كل أبنائنا يخدمون في قوات الأمن. نحن مصدومون، هذه ضربة قاتلة لنا».

وأكد عضو الكنيست الدرزي حمد عمار، من حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني، أن «الهجوم لا يمثل المجتمع الدرزي في إسرائيل، والذي هو مجتمع مندمج إلى حد كبير في المجتمع».

ووصف المهاجم بأنه «إرهابي يحمل الجنسية الألمانية، ووُلد وعاش في ألمانيا».

وأضاف عمار الذي يقيم في مدينة شفا عمرو بشمال إسرائيل: «مثل هذا العمل الإرهابي يتناقض مع كل القيم الأخلاقية والإنسانية، وبالتأكيد لا يعكس الروح المخلصة للمجتمع الدرزي في إسرائيل، والذي هو شريك كامل في الدفاع عن الدولة وقيمها».

كما هاجم ناهض خازم، رئيس بلدية شفا عمرو، الهجوم ووصفه بأنه «جريمة»، لكنه عاد وقال إن المنفذ يعاني اضطرابات عقلية.

وهجوم حيفا هو الأحدث في سلسلة هجمات استهدفت وسائل النقل العام في إسرائيل، بعد هجوم دهس في محطة حافلات الخميس الماضي، وانفجار حافلات عدة خالية بالقرب من تل أبيب قبل ذلك.

وحذر وزير الأمن القومي بالوكالة حاييم كاتس من «أيام صعبة مقبلة»، وأضاف أن الشرطة وخدمات الطوارئ «على أهبة الاستعداد»، وحث الناس على التأهب لأي مخاطر محتملة.

وشنت إسرائيل عملية أمنية في الضفة الغربية بعد انفجار الحافلات، لكن هجوم الاثنين جاء من الداخل ومن أحد أبناء طائفة صغيرة تُعدّ الأكثر تجنيداً في إسرائيل، كما أنه أول هجوم يقوم به درزي.

العلاقة بين الدروز وإسرائيل

يوجد بين قادة الطائفة الدرزية وإسرائيل تحالف منذ قيام إسرائيل يعرف بـ«تحالف الدم» يقوم على تجنيد أبناء الطائفة في الجيش مقابل الأمن.

وتعدّ نسبة المجندين من أبناء الطائفة الدرزية من أعلى النسب، وهم أكثر من نسبة المجندين اليهود، بمن في ذلك من يخدمون في الوحدات القتالية.

والدروز هم الأقلية الإسرائيلية الوحيدة، باستثناء أفراد المجتمع الشركسي الصغير، الذين يجري تجنيدهم في الجيش الإسرائيلي.

وأقرّ رئيس الأركان الإسرائيلي المستقيل، هيرتسي هاليفي، بأن الدروز هم الأكثر تجنيداً في الجيش، بما يتجاوز اليهود أنفسهم.

وشهدت العلاقة بين الطرفين خلال سنوات طويلة الكثير من المد والجزر، وكادت تنفجر خلال الأشهر التي سبقت هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في غزة، بسبب قانون «الدولة القومية» الذي أُقرّ عام 2018، ويصف إسرائيل بأنها «دولة يهودية»، وقانون «كيمينيتس» الذي استهدف هدم المنازل العربية في مناطق درزية وغيرها، إضافة إلى خطة مصادرة الأراضي من المزارعين الدروز في مرتفعات الجولان لإقامة مزارع توربينات الرياح.

ويعيش الدروز في بلدان عدة، ويقدر عددهم الإجمالي بما بين 800 ألف نسمة ومليون نسمة، يقيم ما بين 80 و90 في المائة منهم بسوريا ولبنان، ونحو 10 في المائة بإسرائيل.

وبحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء، يقترب عدد الدروز في إسرائيل من 149 ألف نسمة، أي نحو اثنين في المائة من إجمالي السكان. ويعيش معظمهم في جبل الكرمل والجليل ومرتفعات الجولان.

وعلى مدى السنوات الماضية، وصل الكثير من أفراد المجتمع الدرزي إلى مناصب عليا في الجيش الإسرائيلي، وقُتل الكثيرون منهم في حروب إسرائيل، بما فيها حرب غزة الأخيرة.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version