ظهرت الانقسامات في الحكومة الإسرائيلية حول الحرب في غزة هذا الأسبوع، بعد أن طالب وزير الدفاع ​​يوآف غالانت رئيسَ الوزراء بنيامين نتنياهو علناً باستراتيجية واضحة مع عودة الجيش لمحاربة مسلحي حركة «حماس» في مناطق كان يعتقد بأنه تم إخراجهم منها منذ أشهر، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وتعكس تصريحات غالانت، الذي قال إنه لن يوافق على تشكيل حكومة عسكرية تدير القطاع، قلق متزايداً في أروقة المؤسسة الأمنية من عدم وجود رؤية لدى نتنياهو حول مَن سيدير غزة بعد الحرب.

وأبرزت تصريحاته كذلك الانقسام الحاد بين الجنرالين السابقين وعضوَي مجلس الحرب الإسرائيلي المنتميين إلى تيار الوسط، بيني غانتس وغادي أيزنكوت، اللذين أيدا دعوة غالانت، وبين الأحزاب الدينية القومية اليمينية المتشددة بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير التي أدانت التعليقات.

وكتبت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية عنوان افتتاحية عددها الصادر أمس الخميس: «هذه ليست طريقة لإدارة الحرب» مرفقة بصورة لنتنياهو وغالانت ينظران في اتجاهين مختلفين.

وباستثناء تفكيك حركة «حماس» وإعادة نحو 130 رهينة لا يزالون محتجزين لدى الحركة، لم يحدد نتنياهو أي هدف استراتيجي واضح لإنهاء الحملة العسكرية، وقد رفض نتنياهو، بدعم من بن غفير وسموتريتش، القريبين من حركة الاستيطان في الضفة الغربية، أي مشاركة للسلطة الفلسطينية في إدارة قطاع غزة بعد الحرب.

وتأسست السلطة الفلسطينية قبل 3 عقود بموجب اتفاقيات أوسلو المؤقتة للسلام، وينظر إليها دولياً بوصفها الجهة الفلسطينية الحاكمة الأكثر شرعية.

ويتمسك نتنياهو، الذي يكافح من أجل الحفاظ على الائتلاف الحاكم الذي تزداد الانقسامات في صفوفه، حتى الآن بتعهده بتحقيق النصر الكامل على حركة «حماس».

وذكر في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي»، يوم الأربعاء، أن قطاع غزة تمكن إدارته بعد ذلك بواسطة «إدارة مدنية غير تابعة لحماس مع مسؤولية عسكرية إسرائيلية… مسؤولية عسكرية شاملة».

وقال مسؤولون إسرائيليون إنه من المحتمل الاستعانة بزعماء عشائر فلسطينيين أو شخصيات أخرى من المجتمع المدني لملء الفراغ، ولكن لا يوجد ما يدل على تحديد أي زعماء، قادرين أو راغبين في أن يحلوا محل حركة «حماس».

وقال يوسي ميكيلبيرغ، الزميل المشارك في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «تشاتام هاوس»، «الخيارات بالنسبة للإسرائيليين هي إما أن ينهوا الحرب وينسحبوا، أو أن يشكّلوا حكومة عسكرية لإدارة كل شيء هناك، وأن يسيطروا على المنطقة بأكملها لفترة من الوقت لا أحد يعرف نهايتها، لأنه بمجرد أن يغادروا منطقة ما، ستظهر حماس مجدداً».

حرب عصابات

يعكس رفض غالانت التفكير في أي شكل من أشكال الحكم العسكري الدائم التكاليف المادية والسياسية لعملية من شأنها إنهاك الجيش والاقتصاد بشدة، الأمر الذي يحيي في الأذهان ذكريات الاحتلال الإسرائيلي الذي امتد سنوات لجنوب لبنان بعد حرب 1982.

ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أكثر صحيفة إسرائيلية انتشاراً، عن تقييم سري للمؤسسة الدفاعية، (الجمعة)، أن تكلفة الإبقاء على حكومة عسكرية في قطاع غزة تُقدّر بنحو 20 مليار شيقل (5.43 مليار دولار) سنوياً، بالإضافة إلى تكاليف إعادة الإعمار.

وأضافت الصحيفة أن الاحتياجات من القوات الإضافية ستسحب القوات بعيداً عن الحدود الشمالية مع لبنان وعن وسط إسرائيل أيضاً، وتعني زيادة حادة في خدمة الاحتياط.

وقال ميخائيل ميلشتاين، ضابط المخابرات السابق وأحد أبرز الخبراء الإسرائيليين في شؤون «حماس»، إن السيطرة الكاملة على غزة ستتطلب على الأرجح 4 كتائب أو نحو 50 ألف جندي.

وفي حين قُتل الآلاف من مقاتلي «حماس» في الحملة، ويقول قادة إسرائيليون إن غالبية الكتائب المنظمة في الحركة تفككت، ظهرت مجموعات أصغر حجماً في مناطق غادرها الجيش في مراحل مبكرة من الحرب.

وقال ميلشتاين: «إنها منظمة مرنة للغاية ويمكنها التأقلم بسرعة كبيرة… لقد اعتمدوا أنماطاً جديدة من حرب العصابات».

وظهرت التكلفة المتوقعة لطول أمد الصراع، يوم الأربعاء، حينما قتلت دبابة إسرائيلية 5 جنود إسرائيليين «بنيران صديقة»، وذلك في أثناء خوض القوات معارك ضارية في منطقة جباليا شمال مدينة غزة.

وقال الأميرال دانيال هاغاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن مهمة الجيش هي «تفكيك هذه الأماكن التي تعود إليها حماس، وتحاول إعادة تنظيم نفسها»، لكنه ذكر أن أي سؤال عن حكومة بديلة لـ«حماس» سيكون مسألة يتم البت فيها على الصعيد السياسي.

وعلى الرغم من أن غالبية استطلاعات الرأي تظهر أن الإسرائيليين ما زالوا يدعمون الحرب بوجه عام، فإن الدعم يتضاءل، إذ يمنح مزيد من الأشخاص الأولوية إلى إعادة الرهائن وليس القضاء على «حماس».

وهناك بعض الانقسامات الاجتماعية الأوسع المرجح أن تنفجر، والتي لوحظت في النزاع القديم المتعلق بتجنيد طلاب المعاهد الدينية المتزمتين في الجيش، وهو تحرك يدعمه غانتس وحلفاؤه، بالإضافة إلى كثير من العلمانيين الإسرائيليين، لكن الأحزاب الدينية تعارضه بشدة.

واستطاع نتنياهو حتى الآن تفادي انسحاب أي من الطرفين، وهو أمر من شأنه أن يؤدي لانهيار الحكومة.

لكن غالانت يدخل في صدامات بشكل متكرر مع سموتريتش وبن غفير، وتحديه الأحدث لرئيس الوزراء قد لا يكون الأخير. وقاد غالانت بالفعل تمرداً على نتنياهو داخل الحكومة بشأن خطط تقليص سلطات القضاة العام الماضي.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version