الدوحة – قنا

أكد خبراء ومحللون سياسيون، أن خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، يجسد موقف دولة قطر الراسخ والثابت إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية، ويعكس التزام قطر العميق بدورها الفاعل في المنطقة والعالم.


وأشاروا في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إلى أن الخطاب الذي ألقاه سمو الأمير المفدى اليوم، خلال أعمال الجلسة الافتتاحية للدورة الـ 80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، يحمل مضامين واضحة ودقيقة تعكس رؤية استراتيجية رصينة، وموقفا حازما لدولة قطر في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.


وفي هذا الإطار، أكد الدكتور أحمد محمد غيث الكواري، المستشار القانوني والحكومي في العلاقات السياسية والدولية، أن خطاب سمو الأمير، جاء دفاعا صريحا عن السيادة الوطنية، ورسالة سلام مشروطة بالعدالة، أعادت إلى الأذهان المبادئ الأولى التي تأسست عليها الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية.


 وقال الدكتور الكواري: “إن سمو الأمير المفدى، شدد خلال الخطاب، على أن قصف إسرائيل للعاصمة الدوحة، في التاسع من سبتمبر الجاري، لم يكن مجرد استهداف لدولة بعينها، بل اعتداء على النظام الدولي برمته، وأن أي دولة صغيرة كانت أو كبيرة قد تكون الهدف القادم إذا لم يتم التصدي لمثل هذه الاعتداءات”، منوها بأن حماية سيادة الدول هي أساس ميثاق الأمم المتحدة.


 وأشار إلى أن خطاب سمو الأمير أعطى للقضية الفلسطينية أولوية كبرى في النقاش الدولي، باعتبارها اختبارا أخلاقيا للنظام الدولي والأمم المتحدة، مؤكدا أن دولة قطر ستظل وسيطا نزيها يلتزم بالقانون الدولي، ويعمل لصون السلم والعدالة في العالم،


وقال في السياق ذاته: “إن السلام لا يمكن أن يبنى على دماء الأبرياء أو على سياسة المماطلة والخديعة”، موضحا أن سموه قد تحدث كذلك عن الأزمات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، مثل؛ السودان، وسوريا، ولبنان، وذلك في تأكيد على أن دولة قطر تنطلق من رؤية شمولية، تجعلها شريكا فاعلا في قضايا الاستقرار والسلم، وبما يعزز مكانتها الدولية.


 وتابع: “رغم ما وقع على دولة قطر من اعتداء على سيادتها وأمنها، ظلت لغة الدبلوماسية حاضرة في خطاب سمو الأمير، الذي شدد على أن قطر ستبقى وسيطا نزيها، لأنها تستمد قوتها من العدالة الدولية ومن ثقة الدول والشعوب”.


 وأكد الدكتور أحمد محمد غيث الكواري، في ختام تصريحاته لـ(قنا)، على أن خطاب سمو الأمير، وضع المجتمع الدولي أمام لحظة اختبار تاريخية، “فإما أن ينتصر الحق والعدالة والقانون الدولي، أو يسمح بازدواجية المعايير التي تهدد بتقويض منظومة الأمم المتحدة وسقوطها من عيون شعوب العالم”.


من جانبه، أكد الدكتور لقاء مكي، الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات، أن خطاب سمو الأمير المفدى يكتسب أهمية بالغة، حيث ركز على أن قطر دولة محبة للسلام وتضطلع بدور أساسي في صناعته، وكذلك في تحقيق الاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي، لافتا إلى أن هذا الدور قد رحب به العالم، ويأتي عكس ما تقوم به إسرائيل التي تسعى لفرضه بالقوة.


وأشار مكي، إلى أن خطاب سمو الأمير تضمن رسالة طمأنة للعالم أجمع بأن دولة قطر مستمرة في جهود الوساطة، باعتبارها الطريق الوحيد للسلام في قطاع غزة رغم العدوان الإسرائيلي الغاشم عليها، وذلك بالتعاون مع جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية.


ونوه بأن الخطاب أشار للإجماع الدولي بإدانة العدوان الاسرائيلي على دولة قطر ورفضه، ما يؤكد المكانة الكبيرة والمرموقة التي تحظى بها لدى المجتمع الدولي، قائلا بهذا الصدد: “إن هذا النمط من الاحترام الدولي نابع من أهمية قطر على الصعيد الدولي، وكذلك على صعيد الوساطات ونشر الاستقرار والسلام في العالم، فيما شكل ما حدث من اعتداء على قطر، انتكاسة وفشلا كبيرا لإسرائيل “.


ولفت إلى أن الخطاب لم يغفل مدى اهتمام سمو الأمير بقضايا أمته وهمومها، مشيرا إلى أن تأكيد سمو الأمير على دعم سوريا والوقوف إلى جانب شعبها في هذه الظروف، يعد خير مثال على ذلك.

 /الأمم المتحدة/.. خبراء ومحللون: خطاب سمو الأمير يجسد موقف قطر الثابت إزاء مختلف القضايا.. إضافة أولى وأخيرة


 بدوره، قال الدكتور سلطان بركات، أستاذ السياسات العامة بجامعة حمد بن خليفة: “إن خطاب سمو الأمير قد فضح السلوك الإسرائيلي باستمرار الحرب على قطاع غزة، والاعتداء الغاشم على دولة قطر، ومحاولة اغتيال المفاوضين السياسيين في الدوحة، ما يكشف الطبيعة العدوانية للكيان الإسرائيلي، وانتهاكه الصارخ للقانون الدولي، وبروتوكولات الحوارات السلمية”.


وأضاف الدكتور بركات “أن الخطاب أكد من جديد على أن إسرائيل ليست دولة سلام، وليس هدفها استرجاع الأسرى، وإنما جعل قطاع غزة غير قابل للحياة، بجانب التهجير القسري للفلسطينيين لتحقيق هدف مشروع إسرائيل الكبرى”.


وأوضح أن الخطاب قد أكد على مواقف دولة قطر الداعية دائما إلى احترام سيادة الدول والقانون الدولي، باعتبار هذه السيادة تمثل اللبنة الأساسية للنظام الدولي، مبينا أن سياسة الأمر الواقع التي تسعى إسرائيل لفرضها بالقوة والحرمان من الحقوق والتهجير، لن تحقق أي هدف، ولن تؤدي للسلام والاستقرار في المنطقة.


ونوه بركات بالتزام دولة قطر بالوقوف إلى جانب الدول والشعوب المتضررة من الأزمات، وحرصها على القيام بدور فاعل في المجتمع الدولي، مشيرا إلى أن الخطاب قد تضمن بوضوح الإشارة إلى دعم قطر ومساندتها لأشقائها ومناصرة قضاياهم العادلة.


من جانبه، قال المحلل السياسي الدكتور خالد وليد محمود: “إن خطاب سمو الأمير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، جاء مختلفا هذا العام في مضمونه ونبرته، إذ شكل الخطاب بمجمله رسالة سياسية مهمة ترسخ أن الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة لم يكن استهدافا لدولة قطر فحسب، بل اغتيال لخيار السلام ومبدأ الحلول السلمية برمته”.


وأضاف الدكتور محمود “أن سمو الأمير وضع المجتمع الدولي أمام حقيقة صادمة مفادها أنه لا يسعى طرف لاغتيال وفد يفاوضه، إلا إذا كان يريد إفشال المفاوضات وإدامة الصراع، وهو ما يجعل السكوت على مثل هذه الأفعال شرعنة لمنطق القوة وتكريسا لقانون الغاب”.


وأوضح أن نبرة الخطاب كانت حازمة وأشبه بجرس الإنذار، مشيرا إلى أن الخطاب حذر من أن تراجع النظام الدولي أمام هذه التجاوزات، يرسخ ثقافة الإفلات من العقاب ويدفع المنطقة إلى فوضى أعمق.


وتابع “أن سمو الأمير قد ذكر العالم بأن قطر دولة صانعة سلام، وبذلت جهودا مضنية على مدى عامين لوقف حرب غزة، وأن الاعتداء عليها خرق سافر للأعراف الدولية ويعد إرهاب دولة لا يمكن السكوت عنه، مؤكدا سموه أن المساس بأمن الدوحة هو مساس بالقيم التي قامت عليها الأمم المتحدة ذاتها”.


وبين الدكتور خالد وليد محمود، أن خطاب سمو الأمير يؤسس لمرحلة جديدة من الحضور القطري في الساحة الدولية، إذ أصبحت دولة قطر في قلب معادلة التوازن الدولي عبر المبادرة والضغط لتحقيق الحلول العادلة، موضحا أن شعارها خلال المرحلة المقبلة يحمل مضامين الوضوح، والدفاع عن السيادة، وحماية خيار السلام عبر الإصرار على الوساطة كمسار استراتيجي لا تراجع عنه.

شاركها.
Exit mobile version