يأخذ أصدقاء لبنان على «حزب الله» أنه ليس مضطراً للتشويش المجاني على قرار مجلس الوزراء بتكليف قيادة الجيش بوضع خطة لحصرية السلاح بيد الدولة، سواء بتمسكه بسلاحه أو بتعاطيه مع قراريه في جلستي 5 و7 أغسطس (آب) الماضي على أنهما غير ميثاقيين.

ويقول مصدر دبلوماسي غربي لـ«الشرق الأوسط»: «كان يُفترض بالحزب التريث وعدم حرق المراحل بإصدار أحكامه على النيات؛ لأن مصلحته تكمن بوقوفه خلف رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون في خياره الدبلوماسي لإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب، وتمكين الجيش بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية المؤقتة (يونيفيل)، من استكمال انتشاره حتى الحدود الدولية تطبيقاً للقرار 1701».

مزايدة شعبوية

ويسأل المصدر الدبلوماسي: «أين تكمن مصلحة (حزب الله) في مزايدته الشعبوية على رئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام، ما داما أنهما يصران على أن تبدأ المرحلة الأولى من خطة قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح من جنوب الليطاني لاستكمال انتشار الجيش؟».

ويقول بأنهما يضعان الولايات المتحدة الأميركية أمام مسؤوليتها بالضغط على إسرائيل للانسحاب؛ كونها الراعية إلى جانب فرنسا لاتفاق وقف النار.

ويلفت إلى أن تطبيق المراحل المتبقية من خطة حصرية السلاح تبقى معلقة على تجاوب إسرائيل مع مرحلتها الأولى بانسحابها من جنوب الليطاني. ويؤكد بأن لا مبرر للحزب بتكرار تمسكه بسلاحه الذي يحشر عون والحكومة أمام المجتمع الدولي، بدلاً من تقديمه التسهيلات المطلوبة منه لتطبيقها، ويكتفي بمراقبة رد فعل إسرائيل.

ويقول المصدر نفسه إنه يتوجب على الحزب اتباع سياسة التهدئة، خصوصاً أن عون ومعه سلام كانا ربطا الشروع بتطبيق ما نصت عليه الورقة الأميركية بإلزام طرفيها الآخرين المعنيين بتطبيقها، أي إسرائيل وسوريا. وينقل عن لسان المسؤولين بأن إسرائيل هي التي تؤخر تطبيقها، بخلاف سوريا التي تبدي، بلسان رئيسها أحمد الشرع، كل تعاون للتوصل إلى اتفاق لحل المشكلات العالقة بين البلدين.

أصدقاء لبنان

ويضيف بأن أصدقاء لبنان يؤيدون تمسك الحكومة بتلازم الخطوات بين لبنان وإسرائيل، ويقول إنهم يطالبون الولايات المتحدة بالضغط عليها لإلزامها بما نصت عليه الورقة. ويرى أن «حزب الله» أخطأ برفع سقوفه السياسية برفضه تسليم سلاحه الذي يوفر الذرائع المجانية لإسرائيل بعدم التجاوب مع تلازم الخطوات التي يطالب بها لبنان، وإن كانت ليست بحاجة لها لتبرير خروقها واعتداءاتها.

ويؤكد أن مجرد موافقة الحزب على اتفاق وقف النار، منذ سريان تطبيقه في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بخلاف إسرائيل التي تمردت على تنفيذه، يعني من وجهة نظر أصدقاء لبنان أنه وافق ضمناً على وضع سلاحه على طاولة المفاوضات؛ لأن قيادته تدرك بأن إسنادها لغزة أوقعها في سوء تقدير لرد إسرائيل، وأفقدها الاحتفاظ بقواعد الاشتباك، والتهديد بتوازن الردع، إلا إذا أصرت على اتباع سياسة الإنكار والمكابرة التي لن تُصرف عسكرياً في الميدان.

نصائح غربية

ويكشف المصدر عن أن أصدقاء لبنان يتعاملون بإيجابية مع إقرار الحكومة لخطة قيادة الجيش لبسط سلطة الدولة على كافة أراضيها، ويأمل بتجاوب «حزب الله» مع النصائح الغربية، وأُولاها الفرنسية التي أُسديت له عبر قنوات التواصل القائمة بينهما، والتي تدعوه للتعاون مع تطبيق حصريته، ما يتيح لها الضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب، وهذا ما يلحّون عليه في اتصالاتهم بواشنطن.

ويؤكد أنهم ينصحون بتجاوز الجنون الإسرائيلي وتفاديه في المرحلة الراهنة، والتركيز على إبقاء الجبهة الداخلية بمنأى عن التوتر، وهم يرون أن الضرورة تقضي بإعطاء الوقت لتطبيق خطة الجيش؛ لأن التهدئة والتواصل يخدمان الجميع بمعزل عن عدم القدرة على لجم جنوح رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو نحو التصعيد اليومي، ما لم تقرر واشنطن التدخل لتعيد الاعتبار لورقتها التي وضعتها لبسط سلطة الدولة على كافة أراضيها؛ لأن مصداقيتها أمام المجتمع الدولي هي الآن على المحك.

حدود فاصلة

وفي المقابل، يستغرب مصدر وزاري ما صدر عن المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» حسين خليل لرسمه حدوداً فاصلة لعلاقة الحزب بكلّ من قيادة الجيش والسلطة التنفيذية، ويقول إنه خص المؤسسة العسكرية بلفتة إيجابية على خلفية الخطة التي أعدتها، بخلاف تحميله المسؤولية للسلطة التنفيذية.

ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن ما قاله ليس في محله، ولن يكون له من ارتدادات على صعيد التعاون بين قيادة الجيش والسلطة السياسية؛ لأن ما يجمعهما عدم استخدام القوة لتطبيق حصرية السلاح، وهذا ما يعرفه الحزب جيداً، خصوصاً أن لا مجال للتمييز باعتبار أن المؤسسة العسكرية خاضعة للسلطة التنفيذية تنفذ ما تتخذه من قرارات، وهي موضع تقدير لدى اللبنانيين لدورها في الحفاظ على السلم الأهلي، والتصدي للمحاولات التي يراد منها التفلُّت الأمني.

مناصرون لـ«حزب الله» في تحرك سابق بالضاحية الجنوبية لبيروت رفضاً لقرار حصرية السلاح (أرشيفية – د.ب.أ)

ويسأل المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، «حزب الله» عن الأسباب التي تدعوه للاحتفاظ بسلاحه، بخلاف موافقته على البيان الوزاري الذي نص على حصريته وشارك على أساسه بوزيرين في الحكومة.

ويؤكد أن تعهد عون في خطاب القسم بوضع استراتيجية أمن وطني للبنان لا يعني أبداً تجميد البحث في حصريته، بذريعة عدم تحديد مهلة لتطبيقها، لا بل سيندرج سلاح الحزب في صلبها بخلاف ما يعتقد عدد من نوابه.

مسؤولية إسرائيل

كما يسأل المصدر: «هل تشاور الحزب مع قيادة الجيش قبل أن يقرر إسناده لغزة للوقوف على ما لديها من معطيات ونصائح يُفترض بأن يأخذها بالحسبان؟»، ولفت إلى أن الحزب لم يكن مضطراً لإعلان الاستنفار دفاعاً عن سلاحه الذي فتح السجال مع الفريق السياسي المناوئ له، وكان في غنى عنه، خصوصاً أنه قوبل برد فعل دولي وعربي أضر بصدقية لبنان، وكان الأفضل له أن يمنح عون فرصة لاستكمال اتصالاته لتأمين أوسع تأييد خارجي للموقف اللبناني الذي يلقى كل تفهُّم ويضع المسؤولية على عاتق إسرائيل.

ويؤكد أن لا عودة عن تطبيق حصرية السلاح، وأن إسرائيل هي من يعطّل تطبيقها بمنع إنجاز المرحلة الأولى من الخطة لاستكمال انتشار الجيش حتى الحدود الدولية، ما يسمح بتطبيق المراحل الأخرى منها. ويقول إن احتواء السلاح قائم على قدم وساق، ويلقى التجاوب من الحزب، ما يعني أنه ليس في وارد استخدامه، وهو يضعه بتصرف الخطة حتى إشعار آخر، وإلا فلماذا وافق على احتوائه؟

“);
googletag.cmd.push(function() { onDvtagReady(function () { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); }); });
}

شاركها.
Exit mobile version