أكدت نتائج دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة لوند في السويد، أن حبر الوشم قد يكون عامل خطر للإصابة بسرطان الجلد.
ووفق دراستهم المنشورة في «المجلة الأوروبية لعلم الأوبئة»، ارتفع معدل الإصابة بسرطان الجلد (الميلانوما) بشكل ملحوظ خلال الثلاثين عاماً الماضية، لأسباب مثل زيادة الأشعة فوق البنفسجية، كما يُعد التعرض للمواد الكيميائية عاملاً مشتبهاً به.
وتقول كريستل نيلسن، الأستاذة المشاركة والباحثة في علم الأوبئة بجامعة لوند، في بيان نشر على موقع الجامعة، الثلاثاء: «لا نعرف شيئاً عن الآثار الصحية طويلة المدى للوشم. لذلك، نحتاج إلى توضيح حول ما إذا كانت هناك صلة بين حبر الوشم وسرطان الجلد».
ويُوشم نحو 20 في المائة من السويديين، وتتجاوز هذه النسبة 40 في المائة بالنسبة للنساء دون سن الأربعين. ويحصل معظم السويديين على وشمهم الأول بين سن 18 و35، لكن بعضهم أصغر من ذلك، مما يعني التعرض لحبر الوشم طوال حياتهم تقريباً.
وكما أفاد الباحثون، فإنه عند حقن حبر الوشم في الجلد، يستقبله الجسم كمادة غريبة، مما يؤدي إلى تنشيط جهاز المناعة، حيث تُغلّف الخلايا المناعية أصباغ الحبر، التي تُثبّتها في مكانها وتنقلها عبر السائل اللمفاوي إلى الغدد الليمفاوية.
وقالت إميلي ريتز ليليدال، الباحثة المشاركة في علم السموم بجامعة لوند: «تُعدّ أصباغ الآزو أكثر الملونات العضوية شيوعاً في حبر الوشم. قد يُشكّل هذا خطراً مُحتملاً؛ لأننا نعلم مُسبقاً أنها قد تتحلل إلى مواد كيميائية ضارة قد تُسبب السرطان. وينطبق هذا بشكل خاص على التعرّض للأشعة فوق البنفسجية من الشمس، أو أسرّة التشمس، أو علاجات الليزر».
وأضافت: «ظلّ سوق حبر الوشم غير مُنظّم نسبياً حتى عام 2022، عندما دخل قانون (ريتشش REACH) المُضاف إلى التشريعات الكيميائية للاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، والذي فرض حدوداً لتركيز المواد الكيميائية في حبر الوشم. وعلى الرغم من ذلك، أظهرت مراقبة السوق أن الأحبار قد لا تزال تحتوي على مواد كيميائية سامة تتجاوز الحدود القصوى.
وتابعت أنه بالتوازي مع العمل المتواصل الذي تبذله السلطات لتنظيم السوق، نحتاج إلى فهم الآليات المحتملة التي قد تزيد من خلالها الوشم من خطر الإصابة بالأمراض. وبصفتنا علماء أوبئة، يتمثل دورنا في اكتشاف الأنماط والسلوكيات السكانية الجديدة.
جهود بحثية سابقة
وتأتي هذه الدراسة استكمالاً لجهود بحثية سابقة؛ إذ أظهرت دراسة نُشرت العام الماضي، وجود صلة محتملة بين الوشم وسرطان الغدد الليمفاوية. في حين، نُشرت دراسة ثانية في وقت سابق من هذا العام، ولم يجد فيها الباحثون أي علاقة بين الوشم وما يعرف بسرطان الخلايا الحرشفية بالجلد.
ونظراً لنقص المعرفة حول الآثار الصحية طويلة المدى للوشم، استمر باحثو جامعة لوند في دراسة الروابط المحتملة بين الوشم والسرطان. وباستخدام السجل الوطني للسرطان، حدد الباحثون 2880 شخصاً شُخِّصت إصابتهم بسرطان الجلد (الميلانوما) تتراوح أعمارهم بين 20 و60 عاماً. ثم تمت مطابقة كل فرد من هؤلاء الأفراد مع ثلاثة أفراد من السجل السكاني الإجمالي من نفس الجنس والعمر، ولكن دون تشخيص سرطان الجلد.
جمع الباحثون بعد ذلك معلومات عبر استبيانات حول ما إذا كان المشاركون موشومين، مع مراعاة عوامل أخرى مثل التعرض لأشعة الشمس، واستخدام أسرّة التشمس، ونوع البشرة.
باستخدام تصميم هذه الدراسة، تمكن الباحثون من تقدير خطر الإصابة بسرطان الجلد (الميلانوما) بين الأفراد الموشومين مقارنةً بالأفراد غير الموشومين، والتأكد أيضاً من أن النتائج لم تكن ناتجة عن عوامل أخرى مثل التعرض لأشعة الشمس واستخدام أسرّة التشمس.
وهو ما تشدد عليه ريتز ليليدال: «عندما أخذنا هذه العوامل في الاعتبار، لاحظنا زيادة في الخطر النسبي بين الأفراد الموشومين. من بين المشاركين المصابين بسرطان الجلد».


