صعّدت لائحة الاتهام الجديدة التي أُصدرت بحق الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من حدّة الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، بينما اتّسعت الفجوة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، مثيرة مخاوف حول مسار السباق الانتخابي على الرئاسة، وتداعيات هذا الانقسام العميق على صورة واشنطن في العالم.

وبمجرّد إعلان لائحة الاتهام الجنائية بحق الرئيس السابق، ظهرت تساؤلات حول تأثيرها على حظوظه الانتخابية، ومدى التزام قاعدة أنصاره بدعمه. أثارت التهم كذلك أسئلة جدلية عن طبيعة العقوبات التي قد يواجهها المرشّح الجمهوري الأبرز في حال إدانته، وإن كانت مستبعدة في الوقت الحالي.

دعم جمهوري واسع

فور إعلان المحقق الخاص جاك سميث لائحة الاتهام، سارع المعسكر الجمهوري، مع استثناءات نادرة، إلى الدفاع عن الرئيس السابق، واتّهام إدارة جو بايدن بتسييس العدالة والانتقام سياسياً من منافسه المحتمل. واتجه البعض إلى اتّهام وزارة العدل بمحاولة تشتيت الانتباه عما يواجه نجل الرئيس بايدن من مشاكل قانونية وفضائح سياسية محتملة. وجادل الجمهوريون بأن لائحة الاتهام تُعدّ دليلاً على نظام عدالة حزبي، وتسييس مستمر لوزارة العدل، ومحاولة جديدة للتشهير بالرئيس ترمب.

هنتر بايدن يواجه اتهامات باستغلال منصب والده (أ.ب)

وكتب رئيس مجلس النواب، كيفن مكارثي، على حسابه بمنصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «لائحة الاتهام هي محاولة سياسية لتوجيه الانتباه بعيداً عن التحقيقات الأخيرة في المعاملات التجارية لنجل الرئيس جو بايدن هنتر، وهي محاولة من وزارة العدل لتشتيت الانتباه ومهاجمة المرشح الأوفر حظاً للترشح الجمهوري وهو الرئيس ترمب».

وعلى المنصة نفسها، كتب النائب الجمهوري جيم جوردان، رئيس اللجنة القضائية في مجلس النواب: «الرئيس ترمب لم يفعل شيئاً خطأً! هذا ببساطة يعد تدخلاً في الانتخابات، وعندما تقوم بتجفيف المستنقع، فإن المستنقع يقاوم».

من جهته، هاجم السيناتور الجمهوري توم كوتون لائحة الاتهام، وقال في تصريحات لشبكة «فوكس نيوز»: «أنا متأكد من أن الكثير من خصومنا، مثل الصين وإيران، سعداء برؤية هذا النوع من الإجراءات غير المسبوقة، والمزيد من الانقسامات في البلاد ستسبب المزيد من تشتيت الانتباه في وقت نحتاج فيه إلى مواجهة أعدائنا». وأضاف: «لست مضطراً لتصديق مزاعم التزوير في انتخابات 2020، لكني أعتقد أنه يجب على أي شخص أن ينزعج من أن الإدارة في السلطة (إدارة بايدن) تلاحق خصمها السياسي الرئيسي بمثل هذه النظريات القانونية الواهية التي تتعارض مع التعديل الأول للدستور».

وبحلول نهاية شهر سبتمبر (أيلول)، سيجد ترمب نفسه أمام 4 قضايا جنائية مختلفة في 4 محاكم موجودة بـ4 مدن (واشنطن العاصمة ونيويورك وفلوريدا وجورجيا). ومن المرجّح أن تؤثر هذه «الحرب القانونية» الموسعة ومتعددة الجوانب على أنشطته الانتخابية قبل أشهر من الانطلاق الرسمي للسباق التمهيدي.

قاعدة شعبية صامدة

بدا ترمب واثقاً من الدعم الذي يحظى به في المعسكر الجمهوري، رغم التحديات القانونية غير المسبوقة التي يواجهها.

أنصار ترمب يتظاهرون قبل اقتحام الكونغرس في يناير 2021 (أ.ف.ب)

وسارع الرئيس السابق إلى الإشادة بأنصاره، قائلاً عبر منصّته «تروث سوشال»: «لم أتلقَّ دعماً بهذا القدر من قبل مطلقاً». وأضاف: «هذا الاتهام غير المسبوق لرئيس سابق (حقّق نجاحاً كبيراً) وهو المرشّح الأوفر حظاً إلى حد بعيد في صفوف الحزب الجمهوري وفي انتخابات 2024، كشف للعالم عن الفساد والفضيحة والإخفاقات التي حدثت في الولايات المتحدة خلال السنوات الثلاث الماضية».

وفي تذكير بشعار حملته الرئاسية لعام 2016 حين فاز بالانتخابات، اعتبر ترمب أن «أميركا دولة تتراجع، لكننا سنعيد إليها عظمتها، أكثر من أي وقت مضى». وقبل ذلك بساعات، عدّت حملة ترمب، في بيان، أن الرئيس السابق كان يتبع القانون دائماً، واصفة لائحة الاتهام بأنها «اضطهاد» سياسي يذكّر بألمانيا النازية.

هجوم ديمقراطي

في المقابل، اتّجه المعسكر الديمقراطي إلى الهجوم على الرئيس السابق، واتّهامه بمحاولة التشبث بالسلطة، وخداع مؤيديه، وتشجيعهم على اقتحام مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021.

وكتب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، والزعيم الديمقراطي في مجلس النواب، حكيم جيفريز، في بيان مشترك صدر مساء الثلاثاء: «لا أحد فوق القانون – بمَن في ذلك دونالد ترمب». وأضافا: «يجب أن يتمّ تنفيذ لائحة الاتهام الآن من خلال العملية القانونية، دون أي تدخل سياسي أو آيديولوجي خارجي، ونحن نشجع أنصار ترمب ومنتقديه على حد سواء للسماح للمضي قدماً في هذه القضية».

من جهتها، أشادت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي بالتحقيق الذي أجراه المحقق الخاص جاك سميث، وشددت على أهمية معالجة التهم المزعومة في لائحة الاتهام «من خلال العملية القانونية، بشكل سلمي ودون أي تدخل خارجي».

وكتب النائب الديمقراطي خواكين كاسترو على منصة «إكس»: «يسعدني أن أرى أن دونالد ترمب قد تم اتهامه لدوره في محاولة الإطاحة بنتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020، ولإذكاء الانقلاب الفاشل في 6 يناير 2021. إذا أفلت من العقاب سيفعل الآخرون أيضاً».

شاركها.
Exit mobile version