أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الأربعاء، فرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على جميع الواردات المقبلة من البرازيل، في خطوة تصعيدية جديدة تعكس تدهور العلاقات مع نظيره البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الذي كان قد وصفه سابقاً بـ«الإمبراطور غير المرغوب فيه».

وفي أول رد رسمي، أكد دا سيلفا أن بلاده سترد بالمثل على هذه الرسوم، مشدداً على سيادة البرازيل وحقها في حماية مصالحها الاقتصادية، بحسب ما أوردته وكالة «رويترز».

وفي رسالة رسمية، ربط ترمب فرض الرسوم بمعاملة الحكومة البرازيلية للرئيس السابق جايير بولسونارو، الذي يُحاكَم حالياً بتهمة التخطيط لانقلاب لإجهاض انتقال السلطة إلى دا سيلفا في عام 2023. وأشار ترمب إلى أن الرسوم فُرضت جزئياً بسبب ما وصفها بـ«الهجمات الخبيثة للبرازيل على الانتخابات الحرة وحقوق حرية التعبير الأساسية للأميركيين».

عقب الإعلان، تراجعت العملة البرازيلية (الريال) بأكثر من 2 في المائة مقابل الدولار، كما انخفضت أسهم شركات كبرى مثل «إمبراير» لصناعة الطائرات و«بتروبراس» النفطية. في المقابل، عقد لولا اجتماعاً طارئاً في العاصمة برازيليا بمشاركة نائبه ووزير ماليته ومسؤولين آخرين؛ لبحث التداعيات المحتملة.

وفي منشور مطوّل على منصاته الاجتماعية، نفى لولا وجود أي ظلم تجاري من جانب بلاده تجاه الولايات المتحدة، مشدداً على أن واشنطن هي مَن تسجل فائضاً تجارياً في علاقاتها مع البرازيل. وقال: «السيادة والاحترام والدفاع عن مصالح الشعب البرازيلي هي القيم التي توجِّه سياستنا الخارجية».

وتُعدُّ الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للبرازيل بعد الصين، وتمثل هذه الرسوم تصعيداً كبيراً مقارنة بالتعريفة السابقة البالغة 10 في المائة التي أعلنها ترمب في أبريل (نيسان)الماضي. ومن المقرر أن تدخل الرسوم الجديدة حيز التنفيذ اعتباراً من أول أغسطس (آب)، على أن تبقى منفصلةً عن الرسوم الأخرى المفروضة على قطاعات محددة.

وكان دا سيلفا قد حذَّر في وقت سابق، خلال قمة مجموعة «بريكس» في ريو دي جانيرو، من مغبة فرض رسوم أميركية إضافية على دول التكتل، مؤكداً: «العالم تغيّر… ولا نريد إمبراطوراً».

توتر سياسي… ودعم معلن لبولسونارو

تصاعدت حدة التوترات بين البلدين بعد استدعاء وزارة الخارجية البرازيلية القائم بأعمال السفارة الأميركية؛ احتجاجاً على بيان صدر عن واشنطن يدافع عن بولسونارو. من جانبه، صرَّح ترمب، من البيت الأبيض، بأن «البرازيل لم تكن شريكاً جيداً»، مؤكداً أن الرسوم الجديدة تستند إلى «حقائق جوهرية»، وتاريخ العلاقات بين البلدين.

ودافعت السفارة الأميركية في برازيليا عن موقف ترمب، وأكدت عقد اجتماع رسمي بين القائم بالأعمال ومسؤولين بوزارة الخارجية البرازيلية لمناقشة الوضع، دون الخوض في تفاصيل.

ويعكس دعم ترمب لبولسونارو ميله للوقوف إلى جانب قادة يمينيين يواجهون ملاحقات قانونية، مثل مارين لوبان في فرنسا، وبنيامين نتنياهو في إسرائيل، واصفاً القضايا المرفوعة ضدهم بأنها «حملات شعواء»، وهو الوصف ذاته الذي استخدمه للاتهامات الموجَّهة له في الولايات المتحدة.

وفي منشور له على «تروث سوشيال»، قال ترمب إن بولسونارو يتعرَّض لـ«اضطهاد سياسي»، بينما أصدرت السفارة الأميركية بياناً يندِّد بما وصفته بـ«الاضطهاد المخزي» لبولسونارو وعائلته، عادّةً ذلك انتهاكاً للتقاليد الديمقراطية في البرازيل.

في المقابل، لم يعلق بولسونارو مباشرة على خطوة ترمب، لكنه كتب عبر وسائل التواصل أن «الاضطهاد الذي أواجهه دليل على حضوري المتجذر في الوعي الشعبي»، مشدداً على أنه لا يزال الاسم الأكثر «رهبة» رغم خروجه من الحكم.

وفي سياق متصل، وجَّه ترمب الممثل التجاري الأميركي، جيمس غرير، بفتح تحقيق رسمي فيما وصفها بـ«ممارسات تجارية غير عادلة» من جانب البرازيل، لا سيما فيما يخصُّ التجارة الرقمية، كما انتقد قرارات المحكمة العليا البرازيلية بشأن منصات التواصل الاجتماعي.

الرسوم الجمركية… أداة سياسية بامتياز

وعدّ ترمب أيضاً أن قرارات المحكمة العليا البرازيلية، التي فرضت غرامات على شركات التواصل الاجتماعي، تمثل «رقابة سرية وغير قانونية»، معلناً عن تحقيق جديد بموجب المادة 301 من قانون التجارة لعام 1974، الذي يُستخدَم ضد الدول التي يُعتقَد أنها تضر بمصالح الشركات الأميركية.

وشملت الغرامات منصة «إكس» التي يملكها إيلون ماسك، أحد أبرز داعمي ترمب في انتخابات 2024، والذي دخل أخيراً في خلاف مع ترمب؛ بسبب سياسات الموازنة. في المقابل، يمتلك ترمب منصته الخاصة «تروث سوشيال».

وردَّ دا سيلفا بحزم قائلاً: «في البرازيل، لا تُخلط حرية التعبير بالسلوك العدواني أو العنيف. على كل شركة، سواء كانت محليةً أو أجنبيةً، أن تلتزم بالقوانين البرازيلية».

من جهته، اتهم حزب «العمال» البرازيلي، الذي ينتمي إليه دا سيلفا، الرئيس السابق بولسونارو ونجليه، النائب إدواردو بولسونارو والسيناتور فلافيو بولسونارو، بالوقوف وراء تحريض ترمب على فرض الرسوم. وقال السيناتور ليندبرغ فارياس: «إن عائلة بولسونارو لا شك مبتهجة، فقد أسهمت في الإضرار بالبرازيل واقتصادها ووظائف مواطنيها».

وأظهرت رسالة ترمب إلى البرازيل أن العلاقات الشخصية والاعتبارات السياسية قد تتجاوز، بل تهيمن، على التقديرات الاقتصادية. فرغم حديث ترمب عن اختلال الميزان التجاري، فإن البيانات الرسمية تُظهر أن الولايات المتحدة سجَّلت فائضاً تجارياً مع البرازيل بلغ 6.8 مليار دولار في عام 2024.

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version