في احتفالية خاصة شهدتها العاصمة السعودية الرياض، احتفت «دارة الملك عبد العزيز» بتدشين الأعمال الكاملة لعالم موسوعي، برع في عدد من الفنون، واعتبر من نخبة مؤرخي نجد وموثّقي أحداثها، وتفرقت أعماله ومخطوطاته في مجموعة أماكن ومكتبات، قبل أن تجمعها مبادرة فريدة لنحو عقد كامل، باعتبارها تمثل إرثاً علمياً رصيناً ومتنوعاً.

وبرعاية الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس إدارة الدارة، اجتمع، مساء الأربعاء، نخبة من المؤرخين والمهتمين بالشأن التاريخي، في حفل تدشين المجموعة الكاملة لأعمال المؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى، التي تشتمل على تراثه من المؤلفات والوثائق الثمينة، وما حوت مكتبته التي تفرقت محتوياتها في عدد من المكتبات المحلية والدولية.

الأمير فيصل بن سلمان يدشّن الأعمال الكاملة للمؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (دارة الملك عبد العزيز)

وقال الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى، أمين عام رابطة العالم الإسلامي رئيس هيئة علماء المسلمين، إن إنتاج العلامة بن عيسى يتميّز بدقة الاستقراء، وسعة التتبع والانفراد بالمعلومة، مبيناً أن شخصيته الشرعية والتاريخية حظيت بالثقة والاعتبار، وكان ثقة وثبتاً في علم الرجال.

وأضاف: «كان ما يدونه بن عيسى وثيقة بذاتها، ونتيجة لذلك كانت أعماله في طلائع الوثائق التاريخية التي تم تلقيها بقبول، وكانت له رصيداً راسخاً في الجانب الشرعي».

وأشار الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي إلى أن المحتفى بإنتاجه، انفرد بوصفه نسابة نجد، ومرجعاً رصيناً في تقويم ما تداوله الرواة، وما سجّلته بعض المدونات التاريخية، وهو مؤرخ بارز في مدار المؤرخين الكبار؛ مثل ابن غنام وابن بشر، وتميّز بمزيد من التتبع، سيما في توثيق فصول تاريخية مفصلية، منوهاً بأنه الاحتفاء به وبأعماله الكاملة شاهد على رصانتها، وقيمتها التاريخية والعلمية.

أمين رابطة العالم الإسلامي أكد أن إنتاج بن عيسى يتميّز بدقة الاستقراء وسعة التتبع والانفراد بالمعلومة (تصوير: تركي العقيلي)

سيرة رصينة في فنون العلوم

وولد العالم الموسوعي والمؤرخ الفذّ والنسابة إبراهيم بن صالح بن عيسى، عام 1270هـ في بلدة أشيقر، من بلدان إقليم الوشم التابع لمنطقة الرياض، وترعرع في بيئة دينية وعلمية، وتلقى تعليمه في وقت مبكر من عمره، وتتلمذ على عدد من العلماء والشيوخ المعروفين في عصره.

وعاصر المؤرخ بن عيسى الدولة السعودية الثانية، التي انتهى عصرها وهو في العقد الرابع من عمره، ثم عاصر إعادة تأسيس وتوحيد السعودية على يد الملك عبد العزيز، وكان شاهد عيان على ما حققته المملكة من أمن واستقرار ونماء في المنطقة، وأصبحت تسجيلاته للوقائع سبراً للأحداث السياسية، والتطورات الاجتماعية في البلاد.

وتتسم تجربته وإنتاجه بالموسوعية، وتكونت شخصيته العلمية المتنوعة بنهمه لطلب العلم ومجالسة العلماء والسفر للتزود بالمعارف، وألَّف في الفقه والأنساب والتراجم والتاريخ والجغرافيا والفلك، وكانت مؤلفاته محل تقدير الأوساط العلمية، واشتهر بدفاتره التي قيّد فيها الكثير من الفوائد والفرائد والشوارد.

المجموعة الكاملة لأعمال المؤرخ بن عيسى تشتمل على تراثه من المؤلفات والوثائق الثمينة (تصوير: تركي العقيلي)

وكان مهتماً بتوثيق تاريخ الدولة السعودية، حيث كلّفه الملك عبد العزيز تدوين تاريخ الدولة السعودية بعد المؤرخ عثمان بن بشر، عقب لقائه به في أشيقر، ومن أبرز أعماله «عقد الدرر» و«تاريخ بعض الحوادث في نجد»، وتوفي عام 1343هـ في عنيزة ودفن فيها.

ومؤخراً، وتبنّت الدارة مشروعاً علمياً واسعاً، يتسم بالتنوع في كثير من المجالات، مثل العلوم الشرعية، والتاريخ والتراجم والأنساب، واللغة والأدب، والجغرافيا، والوثائق والمراسلات. وجمع فريق عمل متخصص بالجمع والتحقيق، كثيراً من رسائل المؤرخ الشيخ بن عيسى وأوراقه من مكتبات متفرقة داخل المملكة وخارجها، تجاوزت 3000 صفحة، إضافة إلى 200 مخطوط محفوظ في الدارة.

وتجاوزت مؤلفاته 15 كتاباً، وهي كنوز لا تتوفر في سوى مكتبته، وتتبع المشروع لإنجاز الأعمال الكاملة، نحو 400 مخطوط، و120 وثيقة مما كُتِب ونُسِخ، و126 رسالة اقتنتها الدارة من السعودية وخارجها مثل الكويت ومصر والعراق وأميركا، وتقديمها في 19 مجلداً في مشروع متكامل احتفاءً بتراثه الثمين، وتقديراً لريادته كأنموذج للمؤرخ السعودي المخلص والفذّ.

جانب من حفل تدشين الأعمال الكاملة للمؤرخ إبراهيم بن عيسى (دارة الملك عبد العزيز)

“);
googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-3341368-4’); });
}

شاركها.
Exit mobile version