الدوحة – الشرق

تمارين وتمددات بسيطة لدعم صحة المفاصل وتحسين القدرة الحركية أثناء الصلاة

بالنسبة للكثير من المسلمين، تُعدّ الصلاة جزءًا أساسيًا من حياتهم اليومية، حيث تجمع بين الروحانية والحركة البدنية. ولكن بالنسبة لمن يعانون من آلام المفاصل، قد يكون الجلوس، الركوع، أو السجود لفترات طويلة أمرًا مرهقًا. وخلال شهر رمضان، مع زيادة عدد الصلوات وامتداد فتراتها، قد يشعر البعض بانزعاج في الركبتين أو أسفل الظهر أو الكاحلين. لذا، فإن الاهتمام بصحة المفاصل يساهم في أداء الصلاة براحة أكبر، مما يساعد على التركيز في العبادة دون الشعور بالإجهاد.

في هذا السياق، يقدّم خبراء مركز صحة وجراحة العمود الفقري والمفاصل في المركز الطبي الكوري في لوسيل إرشادات متخصصة حول تمارين التمدد التي يمكن ممارستها قبل وبعد الصلاة، والتي تساعد في تخفيف آلام المفاصل وأسفل الظهر. ومن خلال تطبيق تقنيات مدعومة بالعلاج الطبيعي، يمكن تقليل الإجهاد على المفاصل وتعزيز القدرة على الحركة، ممّا يسهم في أداء الصلاة براحة أكبر وسلاسة.

تأثير الحركات المتكرّرة على المفاصل أثناء الصلاة

تتطلب الصلاة انتقالاً متكرّرًا بين الوقوف والركوع والجلوس، ممّا يتسبّب بضغط مستمر على المفاصل، لا سيما الركبتين وأسفل الظهر. ومع مرور الوقت، قد تؤدي هذه الحركات المتكرّرة إلى تصلّب المفاصل، خاصةً لدى الأشخاص المصابين بحالات مثل التهاب المفاصل وهشاشة العظام، أو الإصابات السابقة. ومع التقدّم في العمر، يتناقص سُمك الغضروف الذي يعمل كوسادة بين العظام، ممّا يجعل هذه الحركات أكثر صعوبة. كما قد تؤدي الالتهابات المرتبطة بالتهاب المفاصل إلى تقييد نطاق الحركة، ممّا يزيد من صعوبة أداء بعض وضعيات الصلاة.

“يوضح الدكتور يونغ وونغ باك، رئيس مركز صحة وجراحة العمود الفقري والمفاصل في المركز الطبي الكوري، أن ضعف العضلات وقلة مرونة المفاصل قد يؤديان إلى الشعور بعدم الراحة أثناء الصلاة. ويقول: ‘يمكن أن تساعد تمارين التمدد البسيطة وتقوية العضلات الداعمة في تقليل الضغط على المفاصل، مما يحسن القدرة على الحركة ويجعل أداء الصلاة أكثر راحة وسلاسة’.”

ومن شأن قلة المرونة أن تعيق التبديل السلس بين أوضاع الصلاة، بينما يؤدي ضعف عضلات الركبتين وأسفل الظهر إلى تحميل المفاصل ما يفوق طاقتها، ممّا يزيد من احتمالية الشعور بالألم. كما يمكن أن تتسبّب وضعيات السجود والركوع غير المتوازنة في توزيع غير متساوٍ للوزن، ممّا يؤدي إلى تفاقم الضغط عند مناطق معيّنة من الجسم. لكن من خلال تمارين التمدد وتقوية العضلات، يمكن تحسين التوازن وتقليل الضغط على المفاصل، مما يساعد المصلين على أداء صلاتهم براحة أكبر وبدون انزعاج.

استراتيجيات لتخفيف آلام المفاصل أثناء الصلاة

يؤكد الخبراء في مركز صحة وجراحة العمود الفقري والمفاصل في المركز الطبي الكوري أن ممارسة تمارين التمدد قبل وبعد الصلاة يمكن أن تسهم بشكل كبير في تخفيف آلام المفاصل وتعزيز الراحة أثناء أداء الحركات. فالحفاظ على مرونة الجسم، وتحسين وضعية الصلاة، وتقوية العضلات الداعمة تُعدّ عوامل أساسية للحفاظ على صحة المفاصل والوقاية من الإجهاد المزمن. ومن خلال تبني روتين بسيط يشمل تمارين التمدد المستهدفة وتقنيات الاسترخاء، يمكن للمصلين تحسين قدرتهم على الحركة وتقليل الضغط غير الضروري على الركبتين والظهر والكاحلين.

أهمية تمارين التمدّد قبل الصلاة وبعدها

يُعدّ تمديد العضلات قبل الصلاة وبعدها من الوسائل الفعالة لإعداد الجسم للحركة، بحيث تسهم تمارين التمدّد المستهدفة في تحسين مرونة المفاصل وتقليل التصلّب وتعزيز الانتقال السلس بين وضعيّات الوقوف والركوع والسجود. ويشدّد الدكتور يونغ وونغ باك على أهمية تمارين التمدّد، موضحًا بقوله: “عندما تصبح المفاصل متيبّسة، تزداد صعوبة الحركة، ممّا يدفع مناطق أخرى من الجسم إلى التعويض، ما يؤدي إلى زيادة إجهاد العضلات والمفاصل.” وتساعد التمارين التي تستهدف الركبتين وأسفل الظهر والوركين في إرخاء العضلات المشدودة وتخفيف التوتر العضلي وتعزيز الدورة الدموية، ممّا يحدّ من الالتهاب ويدعم تعافي العضلات.

ويمكن لبعض تمارين التمدد البسيطة أن تسهم في تخفيف الضغط عن المفاصل وتعزيز نطاق الحركة بشكل فعّال. أمّا تمرين تمدّد الركبة أثناء الجلوس، الذي يتم من خلاله مدّ إحدى الساقين للأمام مع ثني القدم باتجاه الأعلى، فيساعد في تقليل إجهاد مفصل الركبة وتحسين مرونته. كما يمكن للانحناء للأمام من وضعية الوقوف مع الحفاظ على استقامة العمود الفقري أن يسهم في تخفيف التوتر العضلي في أسفل الظهر وتعزيز استقرار العمود الفقري، بينما من شأن تمرين فتح الوركين، الذي يتم فيه وضع الكاحل فوق الركبة المقابلة أثناء الجلوس، أن سهم في تحسين حركة مفصل الورك وتقليل التيبّس العضلي. ويُنصح بدمج هذه التمارين ضمن الروتين اليومي قبل الصلاة وبعدها، خاصةً للأفراد الذين يعانون تيبّس المفاصل أو صعوبة في البقاء في وضعيات معيّنة لفترات طويلة.

تحسين وضعية الجسم أثناء الصلاة

يمكن لضبط وضعية الجسم أثناء الصلاة المساهمة في تقليل الضغط على المفاصل بشكل كبير. ويؤدي تحقيق التوازن الصحيح أثناء السجود إلى توزيع الوزن بالتساوي عبر الركبتين وأصابع القدم، ممّا يخفّف من الضغط الزائد على مفصل الركبة.

عند الركوع، يُفضّل الحفاظ على استقامة العمود الفقري، مع تجنب الانحناء المفرط للأمام أو تقوّس أسفل الظهر بشكل زائد، حيث قد يؤدي ذلك إلى إجهاد العمود الفقري مع مرور الوقت، العديد من الأشخاص يضعون ضغطًا زائدًا على أسفل الظهر أثناء الركوع من دون إدراك ذلك، فبالحفاظ على استقامة العمود الفقري يتجنّب المرء الشعور بعدم الراحة على المدى الطويل.

أما للذين يجدون صعوبة في الركوع، يمكن استخدام وسادة داعمة أو كرسي للصلاة، مما يوفر الدعم اللازم بدون التأثير على تسلسل الحركات. كما يمكن أن تساعد سجادة الصلاة المبطنة في تخفيف الضغط عن الركبتين والكاحلين، مما يحسن من الراحة أثناء الصلاة.  

تقوية العضلات الأساسية لدعم المفاصل

تُعدّ تقوية العضلات الداعمة للمفاصل عاملاً أساسيًا للحفاظ على حركة مريحة وخالية من الألم. وتؤدي عضلات الفخذ الأمامية وأسفل الظهر وعضلات الجذع دورًا محوريًا في دعم وزن الجسم أثناء الصلاة. وعندما تكون هذه العضلات ضعيفة، تتحمّل المفاصل الضغط الأكبر، ممّا يزيد من خطر الشعور بالألم والالتهاب.

ويمكن للتمارين البسيطة وقليلة التأثير أن تسهم بشكل فعّال في تعزيز ثبات المفاصل وتحسين القدرة على تحمّل فترات الوقوف أو الركوع المطوّلة. على سبيل المثال، فإنّ تمرين الجلوس على الحائط، الذي يستند فيه الشخص إلى الحائط وينخفض إلى وضع القرفصاء، يساعد في تقوية عضلات الفخذ الأمامية بدون التسبّب في إجهاد زائد للركبتين. كما تعمل تمارين رفع الساق أثناء الاستلقاء على تنشيط عضلات الفخذ وتحسين استقرار مفصل الركبة. بالإضافة إلى ذلك، تسهم تمارين تقوية عضلات الجذع، مثل شدّ عضلات البطن الخفيفة، في تقليل الضغط على أسفل الظهر وتحسين استقامة الجسم. ويمكن لممارسة هذه التمارين بمعدل ثلاث إلى أربع مرات أسبوعيًا أن تعزّز من الكفاءة والراحة لدى المصلّين.

استراتيجيات إضافية للعناية بالمفاصل

بالنسبة للأفراد الذين يعانون انزعاجًا مزمنًا في المفاصل، يمكن لبعض الاستراتيجيات الإضافية أن تسهم في تعزيز القدرة الحركية وتقليل الألم. ويُعدّ تطبيق العلاج الحراري قبل الصلاة وسيلة فعّالة لاسترخاء العضلات وتحفيز الدورة الدموية، مما يُسهّل الحركة. أما بعد الصلاة، فيمكن للعلاج البارد أن يقلل من الالتهابات ويحدّ من الشعور بالألم، لا سيّما لدى المصابين بالتهاب أو حساسية المفاصل.

كما يُعدّ الحفاظ على الترطيب الكافي بعد الإفطار أمرًا ضروريًا، حيث قد يؤدي الجفاف إلى زيادة تصلّب المفاصل. بالإضافة إلى ذلك، فإن اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة المضادة للالتهابات، مثل الكركم والزنجبيل والأحماض الدهنية أوميغا-3 الموجودة في الأسماك والمكسّرات، يمكن أن يدعم صحة المفاصل ويقلّل من الالتهابات.

لذا، عبر الجمع بين تمارين التمدّد وتقوية العضلات واتباع تقنيات التعافي المناسبة، يمكن للمصلّين تقليل الضغط على مفاصلهم وأداء الصلاة براحة أكبر. ولا تقتصر فوائد هذه التمارين على تسهيل الحركة أثناء الصلاة فحسب، بل تسهم أيضًا في تعزيز مرونة الجسم وتحسين جودة الحياة على المدى الطويل.

متى ينبغي طلب الاستشارة الطبية؟

في بعض الحالات، قد تستمر آلام المفاصل رغم اتباع الاستراتيجيات لتخفيفها، وقد يزداد الألم مع مرور الوقت ليؤثر على الأنشطة اليومية. في هذه الحالات، يُوصى بطلب استشارة طبية متخصّصة. ويوفّر مركز صحة وجراحة العمود الفقري والمفاصل في المركز الطبي الكوري علاجات غير جراحية مصمّمة وفق احتياجات كل مريض، تشمل العلاج الطبيعي وبرامج التمارين العلاجية واستراتيجيات متقدمة لإدارة الألم، ممّا يساعد في استعادة القدرة الحركية والحد من الالتهاب، ويتيح للمصلّين أداء صلاتهم براحة واطمئنان. 

ويشدّد الدكتور يونغ وونغ باك على أهمية التدخّل المبكر في حالات آلام المفاصل، موضحًا أنّ “لا ينبغي إهمال الألم المستمر، فاستشارة الطبيب المختص في مرحلة مبكّرة تساهم في منع المضاعفات طويلة الأمد، وتعزّز من قدرة الفرد على الحفاظ على نمط حياة نشط وخالٍ من الألم”. ولمن يحتاجون إلى رعاية إضافية، يوفّر مركز صحة وجراحة العمود الفقري والمفاصل في المركز الطبي الكوري خططًا علاجية مخصّصة وإشرافًا طبيًا متخصصًا، مما يمكّن الأفراد من مختلف الفئات العمرية من تحسين القدرة الحركية والتخفيف من الألم، ليؤدوا عباداتهم بكل راحة وسهولة.

شاركها.
Exit mobile version