بنك قطر الوطني
الدوحة – قنا
أكد بنك قطر الوطني/QNB/ أن الآفاق الاقتصادية لدول رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان-6) خلال عام 2026 ما تزال إيجابية، مدعومة بعدة عوامل رئيسية، في مقدمتها استقرار بيئة التجارة العالمية وتراجع حدة المخاطر المرتبطة بالحمائية التجارية، إلى جانب تيسير الأوضاع النقدية في الاقتصادات المتقدمة وكذلك داخل دول آسيان-6 نفسها.
وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أن منطقة جنوب شرق آسيا تعد خلال العقود الأخيرة من أكثر مناطق العالم حيوية، بعدما سجلت أفضل معدلات النمو الاقتصادي.
وضمن هذه المنطقة، برزت أكبر ست دول في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان-6)، التي تضم إندونيسيا وتايلاند وسنغافورة وماليزيا وفيتنام والفلبين، كإحدى أسرع المجموعات الاقتصادية نموا عالميا، حيث نجحت سنغافورة بالفعل في الانتقال إلى مصاف الاقتصادات المتقدمة.
وأوضح التقرير أن التجارة تعد ركيزة أساسية في نموذج النمو الاقتصادي لدول آسيان-6، ما يجعلها أكثر تأثرا بأي اضطرابات كبيرة في التجارة العالمية.
وفي هذا الإطار، شكل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 2 أبريل الماضي المعروف ب”يوم التحرير”، فرض تعريفات جمركية شاملة على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، إشارة واضحة إلى تصاعد النزعة الحمائية وما تحمله من مخاطر محتملة على آفاق النمو.
ولفت التقرير إلى أن هذه الخطوة أدت في البداية إلى تراجع حاد في توقعات التجارة والنمو، نتيجة المخاوف من اضطرابات سلاسل التوريد، وارتفاع مستويات عدم اليقين، واحتمال تصاعد الحروب التجارية لكن على الرغم من استمرار حالة عدم اليقين، ظلت توقعات النمو لدول آسيان-6 مستقرة، مع ترجيحات بأن تسجل معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2026 أداء قويا بوجه عام، على غرار تلك المسجلة في عام 2025.
وأرجع التقرير صمود توقعات النمو الاقتصادي لدول آسيان-6 إلى عاملين رئيسيين، أولهما استقرار بيئة التجارة العالمية، في ظل توصل الولايات المتحدة إلى اتفاقيات مع عدد متزايد من شركائها التجاريين، دون مؤشرات على تأثر تجارة دول آسيان-6 سلبا.
وأشار إلى أن الموقف الأمريكي المتشدد في البداية تجاه الحمائية تحول لاحقا إلى قدر أكبر من البراغماتية، مع إبرام اتفاقيات تجارية مع المملكة المتحدة واليابان والاتحاد الأوروبي، إلى جانب دول أخرى.
وذكر التقرير أن دول آسيان-6 توصلت بدورها إلى اتفاقيات شملت فيتنام وماليزيا وتايلاند وإندونيسيا والفلبين، حيث تم اعتماد تعريفة جمركية عامة بنسبة 19بالمئة، مع معدلات أقل على سلع مختارة، فيما بلغت التعريفة المفروضة على سنغافورة 10بالمئة.
وأكد البنك أنه رغم ارتفاع هذه التعريفات مقارنة بما كان سائدا قبل “يوم التحرير”، فإن استكمال المفاوضات أسهم في خفض مستويات عدم اليقين بشكل ملموس، وتجنب السيناريوهات السلبية الأكثر تطرفا، كما أن هذه المعدلات لا تزال ضمن نطاق معقول، لا سيما مع تأثر المنافسين الآخرين أيضا بالتعريفات الأمريكية الجديدة.
وأشار التقرير إلى أن بقية دول العالم تتجه نحو تعزيز التكامل الاقتصادي من خلال إبرام اتفاقيات تجارية جديدة أو تعميق الاتفاقيات القائمة، مبينا أن تأثير التعريفات الجمركية التي فرضت بعد “يوم التحرير” على اقتصادات رابطة آسيان-6 لا يزال محدودا حتى الآن.
ولفت إلى أن الصادرات واصلت تحقيق نمو شهري قوي تراوح بين 10 و20 بالمئة من حيث القيمة السنوية بالدولار الأمريكي.
وأضاف التقرير أنه، ورغم تكيف الاقتصاد العالمي مع تزايد الحمائية في الولايات المتحدة، فإن آفاق التجارة العالمية تشهد تحسنا تدريجيا، ما يدعم سيناريو نمو أكثر إيجابية لاقتصادات آسيان-6.
وفيما يتعلق بالعامل الداعم الثاني، رأى البنك أنه يتمثل في انخفاض أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة الرئيسية، وكذلك في دول رابطة آسيان-6، ما يوفر بيئة عالمية أكثر ملاءمة للنمو الاقتصادي.
وأوضح أنه منذ عام 2024، خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (المركزي الأمريكي) بالفعل سعر الفائدة بمقدار 175 نقطة أساس إلى 3.75 بالمئة، ومن المرجح أن يخفضه أكثر إلى مستوى محايد قدره 3.5 بالمئة.
وأشار التقرير في هذا الصدد إلى أن البنوك المركزية في دول رابطة آسيان-6 نفذت جولات تيسير نقدي خاصة بها، عقب السيطرة على التضخم بعد التعافي من جائحة كوفيد-19.
وبين أن هذه الاقتصادات كانت قد رفعت أسعار الفائدة الرسمية بمتوسط 260 نقطة أساس، لتصل إلى مستويات أعلى من تلك المسجلة مع بداية الجائحة.
وأبرز بنك قطر الوطني في تقريره الأسبوعي أنه مع عودة معدلات التضخم إلى نطاقاتها المستهدفة نتيجة تشديد السياسة النقدية، بلغت البنوك المركزية نقطة تحول وبدأت خفض أسعار الفائدة، ما أسهم في تقليص تكلفة الاقتراض ودعم نمو الائتمان.

