الدوحة – موقع الشرق
نشر باحثون من وايل كورنيل للطب – قطر دراسة استندت إلى نماذج لغوية كبيرة وبيانات مستقاة من أجهزة ذكية قابلة للارتداء، لإعداد توصيات مخصصة لكل طالب بهدف تعزيز أداء طلاب المدارس في دراستهم والنهوض برفاههم.
وجمعت الدراسة التي قادها الدكتور عرفان أحمد الأستاذ المساعد للبحوث في علوم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب – قطر، بيانات عن 12 طالباً وطالبة من واقع تقاريرهم المدرسية (درجاتهم وملاحظات مدرّسيهم) ومن استبيانات حول جودة النوم ومن أجهزة (Fitbit) القابلة للارتداء والتي رصدت أنشطتهم البدنية (عداد الخطوات) ودقائق النوم والتوتر النفسي.
ثم تمّت الاستعانة بأحد النماذج اللغوية الكبيرة (LLM ) المعروف باسم Llama 3 ، من شركة “ميتا” العالمية، لتحليل البيانات وتوليد توصيات مخصّصة لكلّ طالب. كما تمّت متابعة الطلاب المشاركين طوال ستة أسابيع من خلال نموذج Llama 3 لتفسير بياناتهم، إذ قام الباحثون ببرمجة النموذج مع معطيات تفصيلية أعدّوها لتوجيه عملية تحليل البيانات وتوليد توصيات مخصّصة لكل طالب.
ومن ثم قام ثلاثة مقيّمين مستقلين من الأوساط الأكاديمية والصحية بتقييم التوصية المتأتية من نموذج Llama 3 والموجّهة لكلّ طالب والتحقق منها، واعتمدوا في تقييم التوصيات على معايير محدّدة شملت وضوح التوصية وقابلية تطبيقها وتوافقها مع بيانات كل طالب.
وأظهر تحليل التقييمات أن نموذج Llama 3 قادر على تحليل مختلف مصادر البيانات وإدماجها ومن ثم توليد توصيات فردية ليست ذات صلة بالسياق فحسب، بل مراعية أيضاً للحالة العاطفية لكل طالب. ومع ذلك، حصلت بعض التوصيات على تقييمات متدنية أو متوسطة لأسباب تتعلق بوضوح التوصية وقابلية تطبيقها وتوافقها. وجُمعت بيانات الطلاب المشاركين والتوصيات الخاصة بكل منهم بشكل مجهول، فقد أُخفيت هويتهم لحماية خصوصيتهم. وأشار الباحثون إلى ضرورة توخّي الحذر لتجنب إنهاك الطلاب بتعقيبات مُفرطة، وسلطوا الضوء على احتمال حدوث “الهلوسة النموذجية”، أي أن يُقدّم نموذج Llama 3 معلومات تبدو معقولة إلاّ أنها غير صحيحة. وذكروا أن تكرار هذا النوع من البحوث في المستقبل سيتطلب إدماج ضمانات تحول دون تقديم توصيات ضارة، وضمان تقييم النتائج بطريقة نقدية للتأكد من دقتها وملاءمتها.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور عرفان أحمد: “أعطتنا الدراسة مؤشرات واضحة على أن نماذج اللغة الكبيرة بإمكانها تفسير أنواع مختلفة من البيانات المستمدة من مصادر متعددة، وتقديم توصيات شخصية يمكن أن تسهم في النهوض برفاه الطلاب وتعزيز أدائهم في دراستهم. وفي حين أن بالإمكان إدخال الكثير من التحسينات، تُظهر هذه الدراسة التجريبية إمكانية استحداث أدوات مفيدة للغاية لا تساعد الطلاب على تحقيق إمكاناتهم الكاملة فحسب، بل تخفف أيضاً العبء على المعلمين والإداريين والمرشدين الأكاديميين”.
وشارك باحثون آخرون في الدراسة التي نُشرت بعنوان “الاستفادة من نماذج اللغة الكبيرة والأجهزة القابلة للارتداء لتقديم توصيات شخصية لتحسين رفاه الطلبة وتحصيلهم الدراسي” في الدورية العالمية البارزة Scientific Reports ، هم الدكتور جاويد شيخ عميد وايل كورنيل للطب – قطر وأستاذ الطب النفسي وأستاذ علوم الصحة السكانية، والدكتور علاء عبد الرزاق الأستاذ المساعد للبحوث في علوم الصحة السكانية، والدكتورة روان السعد الباحثة المشاركة لما بعد الدكتوراة، والآنسة سارة عزيز أخصائية البحوث.
وقال الدكتور شيخ: “تُظهر هذه الدراسة البحثية الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي ونماذج اللغة الكبيرة على وجه الخصوص في تعزيز أداء طلاب المدارس في دراستهم وأيضاً تحسين رفاههم. كما تُبرز الحاجة إلى توخّي الحذر عند الاستعانة بنُهج الذكاء الاصطناعي من أجل حماية سلامة المستخدمين ورفاههم”.