آخر أخبار الرجل – الوطواط أن الممثل روبرت باتنسن، سيعود إلى ارتداء المعطف الأسود ويضع على وجهه ذلك القناع في مغامرة جديدة يتم كتابة السيناريو لها على أمل الدخول في تصويرها قبل نهاية هذه السنة.

هذا المشروع سيتم تحت إدارة المخرج مات ريفز، الذي أحسن تحقيق نسخة العام الماضي من «باتمان» (تحت عنوان The Batman)، والذي نفى مؤخراً النية في أن يتولّى ممثل آخر لعب بطولة هذا الفيلم.

ما بين مخرجين

هذا يضع حدّاً للتكهنات التي سادت بعد فشل «ذا فلاش» قبل أيام قليلة، والتي تحدثت عن احتمال تعيين ممثل آخر ومخرج آخر لباتمان، علماً بأن كلاً من «باتمان» و«ذا فلاش» يختلف عن الآخر في كل شيء، إلا في مسألة أنهما ينتميان إلى عالم «السوبر هيرو» ذاته.

شخصية «باتمان» هي الأشهر والأكثر تداولاً في السينما وفي قنوات الترفيه الأخرى (راديو، تلفزيون، أنيميشن، ألعاب فيديو… إلخ) ولو أنهما وُلدا في وقت متقارب على صفحات مجلة «DC Comics». فشخصية «باتمان» شهدت ولادتها في عام 1939، أي قبل عام واحد من ولادة شخصية «ذا فلاش» التي اكتفت بحضور مساند في مسلسل «Justice League». كل من «باتمان» و«ذا فلاش» يتميّز بالمهارة والقدرات الخارقة، لكن صنف بطولات «باتمان» يميل إلى سينما التحقيقات البوليسية أكثر من سواه من أبطال الشاشة المعروفين.

بعد 6 سنوات من ولادة «باتمان» على صفحات المجلات تم اقتباسه في حلقات إذاعية سنة 1945، ثم انتقل إلى التلفزيون في عام 1966، ثم تمّت أول محاولة لتقديمه في مسلسل من الرسوم المتحركة سنة 1993.

على الشاشة الكبيرة تم إطلاق «باتمان» سنة 1943 في 15 حلقة من الحلقات المؤلفة من 12 دقيقة، تُعرض كل منها في أسبوع واحد. ممثل باسم لويس ولسون. هذه الحلقات (وتُسمّى بـSerials) نالت نجاحاً دفع المنتجين لتقديم «باتمان وروبِن» سنة 1949 وبنجاح مماثل.

إذا اختزلنا كل هذه التواريخ والتمهيدات، فإن الولادة الجديدة التي أعطت الشرارة لسلسلة سينمائية ما زالت حاضرة متوالية حتى الآن بدأت بفيلم تيم بيرتون «باتمان» سنة 1989، ونجاحه أدّى إلى جزء ثانٍ من إخراج بيرتون سنة 1992 تحت عنوان «باتمان يعود» (Batman Returns). كلاهما من بطولة مايكل كيتون.

تسلَّم الدفة، سنة 1995، المخرج جووَل شوماكر بفيلم «باتمان للأبد» (Batman Forever)، الذي أدّى بطولته فال كيلمر سنة 1995، ثم انتقلت البطولة إلى جورج كلوني في فيلم آخر لشوماكر بعد سنتين هو «باتمان وروبِن» (1997).

مشهد من «ذا باتمان» (2022) (وورنر)

بداية جديدة

هذا الجزء من تاريخ «باتمان» يمثّل صعوداً وهبوطاً متواليين. فمع فيلمي تيم بيرتون هناك منحى جديد للشخصية وفعل ناجح لتحميل هذه الفانتازيا ما تستحقه من أسلوب فني. الجزآن الثالث والرابع، تحت إدارة شوماكر، كان الاستعراضان رديئي التنفيذ بالمقارنة، وخاليين من الرغبة في التوقف عند أي فرصة لمنح الشخصية ما هو أبعد من الحركة والفيلم لا يتجاوز الترفيه وحده.

كان لابد من عملية إنقاذ تُعيد الجمهور الكبير إلى الصالات التي هجرها بعد «باتمان وروبِن»، وهذه العملية لم تأت سريعة في سعيها الحذر لتعيد تقديم «باتمان» على نحو جديد. في عام 2005 تصدّي المخرج الموهوب كريستوفر نولان، للمهمّة، وحقق فيلماً يُلغي ما سبق وهو «باتمان يبدأ» (Batman Begins)، واختار للمهمّة الممثل الموهوب كرستيان بايل.

خط نولان طريقاً جديداً لمشروعه بعيداً عما سبق. انتقل ببطله إلى الزمن المعاصر روحاً وشكلاً وإنتاجاً. فيه لعبت مدينة غوثام، دوراً مهماً كمكان أحداث. خلفية مناسبة لفيلم داكن كنظرة المخرج للواقع. يعرض ما حدث للطفل بروس حين هاجمته الوطاويط ومنحته قدراته اللا بشرية وما عايشه من هلع عندما شاهد والده يسقط قتيلاً في شوارع المدينة. لكن البداية لهذا الفيلم لا تلج بنا مباشرة إلى أحداث من التعقّب والبحث والبطولة، بل ستنتقل ببروس شاباً إلى حيث استمد قدرات القتال في بعض مرتفعات آسيا. يمضي بعض الوقت في مشاهد تدريب يعززها ظهور ليام نيسون في دور المدرّب والحكيم. في مشهد معيّن يخبره أنه إذ سيعود إلى المدينة عليه ألا يكون مجرد رجل، بل عليه أن يكون رجلاً قادراً على تخليص مجتمعه من الفساد والشرور والخارجين عن القانون.

ضمن هذا المنظور الجديد، أنجز «باتمان يبدأ» ما هو أهم من الإيرادات: القدرة على استعادة المبادرة، وتقديم الشخصية كما لم نرها من قبل. وهذا قاد بعد ثلاث سنوات (2008) إلى «الفارس المظلم» (Dark Knight)، ثم وبعد أربع سنوات أخرى إلى «الفارس المظلم يصعد» (The Dark Knight Rises).

عودة جديدة

الصعود كان من نصيب المسلسل بعد هزيمة تسبب بها شوماكَر والإنتاج بكامله عبر تحويل «باتمان» إلى ما يشبه اللعبة المسلية والرخيصة (رغم ارتفاع ميزانية فيلميه حول الموضوع).

لكن هذا الصعود لم يوازِه استمرار يُذكر في قوّة عرضه ومضامينه. سريعاً ما دلفت الشخصية تحت مظلات مختلفة. في عام 2016 جمعت الشركة المنتجة «وورنر» بين «باتمان» و«سوبرمان» في «Batmann v Superman‪:‬ Dawn of Justice» (أخرجه زاك سنايدر) تلاه ظهور «باتمان» في فيلم «فرقة الانتحار» (Suicide Squad) (2015)، ثم في فيلمين من مسلسل «عصبة العدالة» (Justice League)، وكل ذلك في محاولة لإبقائه مطروحاً ولو في مغامرات ثانوية تحيد به عن تلك الأفلام التي اكتفت به كبطولة.

كيفما نظرت إلى هذا الموضوع تجد أنه إضعاف لشخصية «باتمان» ورغبة جشعة لتوظيفه في مغامرات جماعية لا قيمة لها رغم لهوها وبصرياتها اللامعة. هذا الضم إلى باقي شخصيات «DC» من الأبطال الخارقين مثل «ووندر وومان» و«أكوامان» و«سيبورغ» و«سوبرمان» جاء بمثابة هبوط نوعي للشخصية.

في العام الماضي، أعادت الشاشة تقديم «باتمان» جديداً منفرداً وقادراً على تجسيد تلك الشخصية بوجهيها الإنساني والبطولي. هذا تم تحقيقه عبر «The Batman» لمات ريفز، الذي أنجز في العام الماضي ما يمكن اعتباره منتصف طريق بين الترفيه المطلق والبحث المعمّق في ذلك الكيان المعقّد لـ«باتمان».

في الفيلم قاتل مقنّع يرتكب جرائم متوالية وأول جريمة يرتكبها هي قتل حاكم المدينة. في كل مرّة يترك لغزاً موجّهاً لـ«باتمان» (روبرت باتنسن) هو بمثابة تحدٍ لذكاء الرجل وقدراته. «باتمان» يحل كل لغز ليصطدم بالآخر وصولاً إلى معرفة القاتل كما يؤديه بول دانو. على مسافة غير بعيدة منهما هناك مجرم آخر (قدمته أفلام باتمانية سابقة) هو «ذا بنغوين» (كولين فارل)، ثم رئيس عصابة اسمه كارمن فالكوني (جون تورتورو). كل واحد من هؤلاء يحتل حيّزاً في مهام بطل الفيلم.

لكن الأمور، حسب سيناريو جيد في غالبه، ليست مجرد مناوشات وتحقيقات ومجابهات. بروس واين في حياته العادية (الذي يتحوّل إلى «الرجل الوطواط» لتنفيذ مهامه) يعاني من مسائل تتداعى من جديد. مسائل لها علاقة بحياته المزدوجة، وبحقيقة أنه يكتشف أن ما يقوم به من بطولات لم يمنع، سابقاً، من انحدار المدينة إلى مرتع للجريمة. هذا يؤرقه لأنه مفتاح باب يطل منه على مسببات وجوده.

الفيلم المقبل يأتي تعزيزاً لهذا الفيلم تحديداً وابتعاداً عن أفلام المجاميع الخاوية من التميّز. إذا ما نجح سيكون صعوداً جديداً. إن لم يفعل ستحتاج السينما بضع سنوات من تغييب بطلها إلى حين ينسى الجمهور ما حدث ويستعيد رغبته في مشاهدة جديدة مع طاقم جديد.

أنجح أفلام «باتمان»

1- The Dark Knight Rises : الجزء 3 من ثلاثية كريستوفر نولان (2012): مليار و81 مليون دولار

2- The Dark Knight : الجزء الثاني من ثلاثية نولان (2008): مليار و60 مليون دولار

3- Batman V. Superman: إخراج زاك سنايدر (2016) 836 مليون و600 ألف دولار.

4- The Batman: إخراج مات ريفز (2022): 736 مليون دولار

5- Batman: إخراج تيم بيرتون (1989): 412 مليون دولار.

شاركها.
Exit mobile version