في حين تملك مؤسسات ومجموعات سعودية مهتمة بجمع المقتنيات مجموعة من نوادر المسكوكات الإسلامية التي كانت الجزيرة العربية خلال تاريخها مسرحاً لتداولها وتبادلها، تستعد هيئة المتاحف السعودية لتنظيم «المؤتمر الدولي للمسكوكات الإسلامية» الأسبوع المقبل، ويجمع خبراء محليين ودوليين لفتح نقاشات معمقة حول الدور الثقافي للمسكوكات الإسلامية بوصفها وثيقة أصلية في كتابة التاريخ الإسلامي، وتعزيز قيمة المحتوى التراثي المرتبط بتاريخها.

المؤتمر الدولي الذي تستضيفه العاصمة السعودية الرياض في الفترة من 18 إلى 20 مايو (أيار) المقبل، يسلط الضوء على دور المسكوكات الإسلامية في كتابة التاريخ، والإثراء المعرفي والثقافي الذي حققته عبر العصور، ويشارك به مجموعة من أبرز المتحدثين من الخبراء في مجال المسكوكات الإسلامية، في إثراء حلقات النقاش، وورش العمل التي تتناول دور المؤسسات والمجموعات المهتمة بجمع المقتنيات، وإبراز دورها الثقافي في تعزيز قيمة المحتوى التراثي القائم المرتبط بالمسكوكات الإسلامية.

وعلى مدى ثلاثة أيام يستغرق المشاركون في ساعات من النقاش الفاعل والحيّ، وخوض رحلة إثرائية متكاملة تطوف ببواكير عصر سكّ العملات في صدر الإسلام، وتناول سرد روائي ثري حول نشأتها، يجسّد الدور الذي لعبته المسكوكات الإسلامية على مر العصور بوصفها وثائق حية، وشواهد ملموسة على حضارات الأمم والشعوب.

تستعد هيئة المتاحف السعودية لتنظيم “المؤتمر الدولي للمسكوكات الإسلامية” الأسبوع المقبل بمشاركة خبراء محليين ودوليين (الشرق الأوسط)

كما يستضيف المؤتمر أبرز رواد المجال من المؤرخين ومديري المتاحف الإسلامية من حول العالم، يلتقون في منصة واحدة تحتضنها مدينة الرياض، وتُفتح نوافذ وجسور بين الخبراء في علم المسكوكات والمؤرخين ورواد المتاحف الإسلامية، ومناقشة الإرث التاريخي الذي أسهمت المسكوكات في تشكيله بمختلف الحضارات، وأساليب الاحتفاظ بكنوزها، والقطع النادرة منها، فيما تُعنى ورش العمل الذي تعقد على هامش المؤتمر بترميم المسكوكات بمشاركة خبراء عالميين.

وتملك مؤسسات ثقافية ومجموعات سعودية لجمع المقتنيات مجموعة من نوادر المقتنيات والعملات التاريخية النوعية، ومن أبرزها مكتبة الملك عبد العزيز العامة في الرياض التي تبلغ مقتنياتها أكثر من 8000 قطعة من العملات والمسكوكات يعود تاريخها إلى العصور الأموية والعباسية والأندلسية والفاطمية والأيوبية والأتابكية والسلجوقية والمملوكية والعثمانية، ومن دول المشرق الإسلامي ودول المغرب العربي، إضافة إلى بعض النقود التي تعود إلى بعض الحضارات التي عاشت في الجزيرة العربية التي كانت تضرب في مدن سك النقود في الجزيرة العربية في مكة المكرمة والمدينة المنورة واليمامة وبيشة… وغيرها من المدن.

وتضم المجموعة التي تملكها مكتبة الملك عبد العزيز وشاركت بها في معارض محلية ودولية مختلفة، نحو 50 عملة من أكثرها ندرة حول العالم، وقد جرى سكّ بعضها في عقود الخلافة الأموية، وإحداها تعود إلى مرحلة التعريب التي جرى سكُّها سنة 72 – 74هـ، وقطع من الدنانير التاريخية التي سُكت في عصور إسلامية مختلفة وفي مناطق جغرافية متعددة شملت دمشق وفلسطين ومكة المكرمة، إضافة إلى بعض النقود المعبِّرة عن الحضارات التي عاشت في الجزيرة العربية.

ومن شأن المؤتمر التعريف بالإرث الثقافي والتاريخي للسعودية، وما تملكه مؤسساتها ومجموعات حفظ المقتنيات التاريخية لديها، بالإضافة إلى توفير المناخ الملائم للإبداع والإسهام في نمو المحتوى الوطني بمجال المعلومات والبيانات في قطاع المتاحف، وإثراء المؤسسات والمجموعات المهتمة بجمع المقتنيات وتعزيز المحتوى الإثرائي وإقامة الشراكات لاغتنام الفرص التي يتيحها قطاع المتاحف في هذا المجال.

ويمثل الاهتمام بعلم المسكوكات الإسلامية باباً علمياً وتاريخياً تناوله المستشرقون خلال القرن الثامن عشر الميلادي أول الأمر، فيما تزايد الاهتمام بهذا المجال مع مرور الوقت، وحاز أهمية كبيرة في دراسة الجوانب المختلفة للحضارة الإسلامية عبر إلقاء الضوء على مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والمذهبية والأدبية والجغرافية… وسواها.

شاركها.
Exit mobile version