شهدت المحكمة العليا الإسرائيلية، الأربعاء، تطورات درامية حول تمديد اعتقال المستوطنَين اليهوديين المشتبه بأنهما قتلا المواطن الفلسطيني قصي معطان، خلال هجومهما المسلح على بلدة قرية برقة، يوم الجمعة الماضي. وانتهت الدراما بقرار المحكمة، إطلاق سراح المشتبه بهما.
وقد انتقدت المحكمة الشرطة والمخابرات بشدة، على أنها لم تقدما الأدلة الكافية، وقالت: «ما جلبوه لنا يدل على عمل متسرع في أحسن الأحوال. والأدلة لا تستوفي الحد الأدنى من السقف المطلوب لإسناد مخالفة ولا تبرر إبقاء المشتبه بهما قيد الاعتقال».
وعليه قرر القاضي تسيون سهاراي، الإفراج عن المستوطنين وتحويلهما إلى الاعتقال المنزلي.
وكان مندوب الشرطة قد أعلن خلال جلسة محكمة الصلح في القدس، أنه صدر تقرير باللغة العربية حول تشريح جثمان معطان، وأن الشرطة تلقت نسخة عنه، ويشمل معلومات جديدة حول إطلاق النار على الضحية، وأن «الشاباك» نقل إلى الشرطة «معلومات مخابراتية جديدة تغيّر صورة الوضع»، وتبرر طلب تمديد الاعتقال لفترة تعتبر طويلة نسبياً.
وكانت المحكمة قد مددت اعتقال المستوطنين 5 أيام، نهاية الأسبوع، ونسبت الشرطة إليهما في البداية تهمة التسبب بالموت عمداً أو بتهور، والقتل بدافع عنصري وعدائي، والقيام بأعمال شغب تسببت بأضرار، والتآمر على ارتكاب جريمة، وتشويش إجراءات قضائية ومخالفات بدافع عنصري. ثم نسبت الشرطة لهما في وقت لاحق، اتهاماً جديداً هو «إضرام نار» على خلفية قومية.
واستأنف محاميا المستوطنَين المشتبه بهما إلى المحكمة العليا. فأصدرت قراراً، صباح الأربعاء، يقضي بإرجاء تحويل المستوطن إليشاع يارد إلى الاعتقال المنزلي، وأمرت بإبقائه قيد الاعتقال إلى حين جلسة محكمة الصلح، فقررت الأخيرة تأجيل إطلاق سراحه، فاستأنفوا إلى المحكمة المركزية، فقررت الإفراج عن المستوطن وتحويله إلى الاعتقال المنزلي، بعد أن اعتبرت القاضية تمار بار آشر أن الأدلة التي تم جمعها حتى الآن لا تؤسس لاشتباه معقول بضلوعه في القتل. وطلبت الشرطة تأخير الإفراج عن المستوطن حتى تستأنف إلى المحكمة العليا. وخلال جلسة المحكمة العليا، قدم «الشاباك» مواد سرية. لكن القاضية روت رونين امتنعت عن الحسم في المواد السرية، وقالت إن الأدلة التي قدمتها الشرطة لإثبات عرقلة يارد لمجرى التحقيق في مقتل معطان ذات «قوة ضئيلة جداً»، وإنها لا تبرر استمرار اعتقاله.
يشار إلى أن المستوطن يارد يقطن في البؤرة الاستيطانية العشوائية «رما تمغرون»، وهو متحدث سابق باسم عضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ، من حزب «عوتسما يهوديت»، الذي يقوده وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير. ويعدُّ يارد «هدفاً مركزياً» لجهاز «الشاباك».
وأما المشتبه الآخر بقتل معطان فهو المستوطن يحيئيل إيندور، الذي أصيب لاحقاً بحجر في رأسه خلال تصدي أهالي برقة للمستوطنين، ويرقد في المستشفى، ووصفت إصابته بالمتوسطة. وستنظر المحكمة في تمديد اعتقاله في وقت لاحق، علماً بأنه المشتبه المركزي بإطلاق النار القاتل، وأضيفت له تهمة تشويش التحقيق؛ إذ تبين أنه أخفى المسدس الذي استُخدم في الجريمة. واعتقلت القوات الإسرائيلية 4 مواطنين من برقة بادعاء تصديهم للمستوطنين، ويرجح النظر في تمديد اعتقالهم بعد عدة أيام.
وأفادت مصادر محلية في قرية برقة بأن المستوطنين اقتحموا، مساء الجمعة الماضي، مناطق في النواحي الغربية والشمالية الغربية من القرية بحماية قوات الجيش الإسرائيلي، فيما هب أهالي القرية للدفاع عن أراضيهم. وأعقب ذلك وقوع مواجهات أصيب خلالها معطان بجراح خطيرة، بالإضافة إلى اثنين على الأقل أصيبا بالحجارة.
وذكرت المصادر أن المستوطنين أحضروا خلال الاقتحام عدداً من المواشي، في مؤشر على نيتهم الاستيلاء على أراضٍ في القرية لإقامة «مستوطنة رعوية». وأشارت المصادر إلى أن المستوطنين أحرقوا خلال الهجوم سيارتين على الأقل.