الدوحة – قنا

 اختتمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، اليوم، أعمال المؤتمر الدولي حول “الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: الفرص والمخاطر والرؤى لمستقبل أفضل”، بإصدار “إعلان الدوحة بشأن الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان”، والذي تضمن عددا من التوصيات والأفكار، التي تضمن حماية حقوق الإنسان في ظل التأثير المتزايد للذكاء الاصطناعي، وسبل تعزيزها في هذا العصر.

وشارك في المؤتمر، الذي استمر على مدار يومين، أكثر من 1200 من المسؤولين والمختصين والخبراء، حيث نظمته اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والوكالة الوطنية للأمن السيبراني، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وشركة هواوي، وغيرها من الجهات الدولية الفاعلة في مجال التقنيات والأدوات الرقمية.

وفي هذا الإطار، قالت سعادة السيدة مريم بنت عبدالله العطية، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان: “إن المؤتمر يأتي في ظل نهج اللجنة لمواكبة كافة المستجدات على الساحة الحقوقية عالميا”، معربة عن شكرها وتقديرها لكل من شارك وساهم في إنجاح هذا الحدث المهم.

وأكدت سعادتها على إنشاء لجنة لمتابعة التوصيات المهمة التي خرج بها المؤتمر، لافتة إلى أن مخرجات المؤتمر تعد نقطة مهمة في مسيرة حقوق الإنسان، تزداد أهميتها مع التزايد المتوقع لاستخدامات الذكاء الاصطناعي خلال السنوات المقبلة.

وبينت أن هذه التوصيات تمثل ركيزة أساسية في دعم حقوق الإنسان بمختلف دول العالم، معربة عن تطلعها إلى أن يتم العمل على إنفاذها على نطاق عالمي، خاصة وأنها جاءت معبرة عن حقوق الجميع في التمتع بتقنيات حديثة، تضمن كافة الحقوق التي كفلتها المواثيق الدولية.

وفي الجلسة الختامية للمؤتمر، تلا سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي، الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان البيان الختامي.

وقال سعادته: “إننا ندرك أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يتيح إمكانات تحويلية لدفع عجلة التقدم الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وأنه يمكن أن يكون أداة قوية لتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحسين تقديم الخدمات، ودعم الابتكار والعدالة، فيما ندرك أن الطابع القائم على البيانات لتقنيات الذكاء الاصطناعي يشكل خطرا متأصلا على الحق في الخصوصية وحماية البيانات”.

وأشار إلى أن تصميم وتطوير ونشر واستخدام نماذج وأنظمة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك في سياق الشراكات بين القطاعين العام والخاص، دون ضمانات كافية أو بطريقة لا تتسق مع القانون الدولي، يشكل مخاطر قد تعيق التقدم نحو تحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهدافها الإنمائية المستدامة، قائلا في هذا الصدد: “إننا إذ ندرك أن تقرير المصير الرقمي والشفافية والقدرة على التفسير أمور أساسية لموثوقية أنظمة الذكاء الاصطناعي وشرعيتها؛ فإننا نؤكد الحاجة إلى أطر حوكمة وسياسات وممارسات تضمن تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره بنهج يركز على حقوق الإنسان، بما يتماشى مع القانون الدولي، ويكون شاملا وخاضعا للمساءلة”.

وأضاف الجمالي: “ندرك جميعا الجهود الدولية والإقليمية والوطنية ومتعددة الأطراف لتعزيز أنظمة الذكاء الاصطناعي الآمنة والمأمونة والجديرة بالثقة، ونؤكد أن الدول ملزمة بحماية الأفراد من انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن استخدام الذكاء الاصطناعي من قبل الجهات الفاعلة الخاصة، وأن الشركات ملزمة باحترام حقوق الإنسان بما يتماشى مع المعايير المعترف بها دوليا طوال دورة حياة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان”.

وأوضح أن التوصيات وخطة العمل تتضمن؛ إدماج حقوق الإنسان في صميم تطوير الذكاء الاصطناعي ونشره وتنظيمه، لضمان أن تدعم هذه التقنيات الكرامة، والفاعلية، والاستقلالية، والشمول، والمساءلة، والدعوة إلى أي حوكمة عالمية للذكاء الاصطناعي لمعالجة الآثار الواسعة والعميقة المحتملة للذكاء الاصطناعي على حقوق الإنسان، بجانب ضمان المشاركة النشطة والحرة والهادفة لمجموعة واسعة من أصحاب المصلحة، بمن فيهم النساء والشباب والأشخاص ذوو الإعاقة والأصوات المهمشة، في تصميم أنظمة الذكاء الاصطناعي وحوكمتها على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، بما يتماشى مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وبين سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي، الأمين العام للجنة الوطنية لحقوق الإنسان، أن التوصيات شملت ضرورة رصد الهجمات الإلكترونية والهجمات التي تشن باستخدام الذكاء الاصطناعي، والتي تستهدف المرشحات والسياسيات والمدافعات عن حقوق الإنسان والناشطات، والإبلاغ عنها، وضمان توفير الحماية القانونية والوصول إلى سبل انتصاف فعالة، وكذلك تسهيل التعاون الدولي، وتقاسم القدرات، والوصول العادل إلى فوائد الذكاء الاصطناعي في جميع المناطق، وبخاصة الدول النامية، بما يتماشى مع مبادئ التضامن والمسؤولية المشتركة، فضلا عن دعوة المجتمع الدولي إلى الرصد والتحقيق في استعمال أنظمة الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية لضمان مواءمتها مع مبادئ القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وأشار إلى أن البيان الختامي للمؤتمر يشجع الدول على دراسة الغرض المقصود من نظام الذكاء الاصطناعي قبل اعتماده، وبحث إمكانية استخدام أساليب وتدابير أخرى أكثر أمانا وأقل تدخلا في البيانات، إلى جانب ضمان اتخاذ القرارات البشرية في مجالات إقامة العدل، والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، وإنفاذ القانون، والمجال العسكري، وضمان استكمال استخدام الذكاء الاصطناعي في جميع القطاعات بإشراف بشري، .

وحول ما يتعلق بالعناية الواجبة بحقوق الإنسان، نوه الجمالي بأن البيان الختامي للمؤتمر قد دعا إلى إجراء العناية الواجبة بحقوق الإنسان، بما في ذلك تقييمات “تأثر حقوق الإنسان على مدار دورة حياة الذكاء الاصطناعي”، لاستخدام الدولة للذكاء الاصطناعي، وإلزام القطاع الخاص قانونا بإجراء هذه التقييمات، والاشتراط بنشرها، وكذلك حظر أي تطبيقات وأدوات للذكاء الاصطناعي تشكل مخاطر جسيمة على حقوق الإنسان، بجانب حظر أنظمة الذكاء الاصطناعي العسكرية التي لا تعمل وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي.

وشدد على أهمية حماية البيانات عبر اعتماد وتعزيز تشريعات حماية البيانات القائمة على مبادئ الشرعية، وتقليل استخدام البيانات، وتحديد الغرض، والنزاهة، والسرية، والمساءلة، والشفافية، والتي تضمن المساواة وحرية الأفراد من خلال ضمانات فعالة ضد الوصول غير المصرح به إلى البيانات الشخصية واستخدامها والإفصاح عنها، بما في ذلك لأغراض الذكاء الاصطناعي، وإنشاء هيئات مستقلة لحماية البيانات، تخولها الصلاحيات والموارد اللازمة للإشراف الفعال على الامتثال وتطبيق المساءلة، بما في ذلك إلزام مطوري الذكاء الاصطناعي بالاحتفاظ بسجلات مفصلة للبيانات الشخصية المستخدمة في تدريب نماذجهم للإفصاح عنها بما يخدم المصلحة العامة.

من جانبه، قال السيد محمد النسور، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: “إن هذا المؤتمر هو التاسع الذي ننظمه بالتعاون مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر، فيما سنحتفل العام المقبل بالعشرية الأولى بهذا التعاون المثمر والمتميز والرائد في المنطقة العربية والعالم”.

وأضاف النسور في كلمته خلال اختتام المؤتمر “نهدف دائما إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان في المنطقة العربية، وإلى إيجاد منصة توحدنا جميعا كحركة حقوق إنسان عربية مع باقي الحركات الحقوقية في العالم، فيما يعد هذا المؤتمر السنوي لنا في المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ركيزة أساسية للتعرف على توجهات واحتياجات المنطقة العربية فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، والدعم الفني المطلوب تقديمه للدول العربية، وكذلك للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني”.

من جانبها، أكدت سعادة الدكتورة ماري قعوار، مديرة المركز الإقليمي للدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن المؤتمر سلط الضوء على فرص ومخاطر الذكاء الاصطناعي، بجانب تناوله للقضايا الملحة التي تتعلق بتفاقم التمييز، والمراقبة الأمنية، والحريات الشخصية، وعدم تكافؤ الفرص، وزيادة الفجوات الرقمية، وغيرها.

وقالت سعادتها في كلمتها خلال اختتام المؤتمر: “إننا استفدنا من المشاركين في المؤتمر عبر ما قدموه من تجارب وخبرات مهمة في موضوع المؤتمر”، داعية إلى أهمية تضافر الجهود وتوحيد الآراء حول هذا الموضوع المعقد والمتغير، لضمان الشفافية والعدالة في هذا المجال.

وأضافت: “أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيأخذ توصيات المؤتمر، وسينظر في كيفية تطبيقها على أرض الواقع، وتنفيذها بالشراكة مع مختلف الفاعلين في حقوق الإنسان”، مشيرة إلى أن مناقشات المؤتمر قد أكدت أهمية الموضوع المطروح، والحاجة الملحة لمواصلة العمل، لا سيما في تطوير أطر حوكمة وإرشادات محددة، يتماشى بعضها مع خصوصية المنطقة العربية.

من جهتها، أكدت السيدة نوف الحداد، رئيس قسم الكفاءات الرقمية بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن المؤتمر ناقش واحدة من أكثر القضايا إلحاحا في هذا العصر، والمتمثلة في “العلاقة المتبادلة بين الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان، والتحديات والفرص التي تنشأ عنها”.

وقالت الحداد: “إن مشاركة وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات جاءت انطلاقا من إيماننا العميق بأن التكنولوجيا، مهما بلغت من تطور، لا تكتسب معناها الحقيقي إلا حين تكون في خدمة الإنسان، وهذا ما نسعى إليه في كافة مبادراتنا، حيث نحرص على أن يكون الابتكار الرقمي متسقا مع القيم الإنسانية، وموجها نحو تعزيز العدالة، والمساواة، والكرامة”.

وأشارت إلى إطلاق وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لمبادئ وإرشادات تطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتي تمثل مرجعا وطنيا يرسي أسس الحوكمة الأخلاقية، وتقدم توجيها عمليا لصناع القرار والمطورين على حد سواء، حيث سعت الوزارة من خلالها إلى ترجمة المبادئ المجردة إلى أدوات ملموسة تعزز الشفافية، وتحد من التحيز، وتحمي الخصوصية.

وأوضحت أن الجناح التفاعلي الذي قدمته الوزارة ضمن فعاليات المؤتمر قدم نماذج من المشاريع الوطنية في هذا المجال، والتي تعكس توجها استراتيجيا نحو تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي مسؤولة، تخدم الإنسان والمجتمع، وتنسجم مع أولويات رؤية قطر الوطنية 2030، منوهة بأن جلسات المؤتمر شهدت حوارات غنية ووجهات نظر متعددة، اتفقت جميعها على أن الذكاء الاصطناعي لا يمكن عزله عن الإطار القيمي الذي نعيش فيه.

وتابعت: “نؤكد في وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على أهمية بناء شراكات حقيقية مع كافة الأطراف المعنية محليا ودوليا، من أجل وضع أطر تشريعية وتنظيمية مرنة تواكب سرعة التطور، وتحافظ في الوقت نفسه على حقوق الأفراد وكرامتهم، معربة عن أملها في أن تسهم مخرجات المؤتمر في تطوير مسار حوكمة الذكاء الاصطناعي على أسس إنسانية راسخة.

بدورها، قالت السيدة المها البوعينين، باحث سياسات بالوكالة الوطنية للأمن السيبراني: “إن الوكالة الوطنية للأمن السيبراني تجدد التزامها الراسخ بحماية الفضاء الرقمي وتعزيز الاستخدام الآمن والمسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي بما ينسجم مع مبادئ حقوق الإنسان وسيادة القانون”.

وأضافت البوعينين في كلمتها خلال اختتام المؤتمر: “تقوم الوكالة الوطنية للأمن السيبراني بالإشراف على تنفيذ قانون حماية خصوصية البيانات الشخصية، من أجل رفع مستوى وعي الأفراد بحقوقهم، وتعزيز امتثال جهات الدولة لقانون حماية خصوصية البيانات الشخصية”، معربة عن تطلعها لأن تترجم نقاشات المؤتمر إلى سياسات وممارسات فعلية، تصون الحقوق وتدعم التنمية المستدامة.

من ناحيته، أكد الدكتور حسن المجمر، رئيس قسم الشراكات والبحوث في مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان، اهتمام المركز وحرصه على مواصلة العمل مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، مبينا أن الشراكة بين الجانبين نشأت مع تأسيس مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسان.

واستعرض المجمر تجربة مركز الجزيرة مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وعملهما معا في العديد من القضايا المتعلقة بالتوعية بحقوق الإنسان، والتعريف بالآليات الوطنية والدولية والمعاهدات في هذا المجال.

شاركها.
Exit mobile version