اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تنظم حواراً افتتاحياً حول الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في المنطقة العربية

الدوحة – قنا

أكدت سعادة السيدة مريم بنت عبدالله العطية رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، ورئيس التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، أن الدول العربية تشهد فرصا هائلة وتحديات فريدة وكبيرة، وأن التحولات الاقتصادية تسير بخطى متسارعة، ولكن

يصاحبها مخاوف ملحة بشأن الآثار البيئية والاجتماعية والحقوقية للأنشطة التجارية. وغالبا ما يتحمل العمال المهاجرون والنساء والفئات الضعيفة الأخرى وطأة الممارسات التجارية غير المسؤولة، مما يحتم علينا تعزيز عملنا الجماعي وإصرارنا على حماية حقوقهم.

وقالت سعادتها في كلمتها بالجلسة الافتتاحية في الحوار، إن هذا الحوار الافتتاحي خطوة مهمة في ضمان عدم تخلف منطقتنا عن الركب العالمي الذي يشهد تنفيذ مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، والتي توفر إطارا أساسيا لعملنا وجهودنا. كما تشدد تلك المبادئ على ضرورة قيام الدول بحماية حقوق الإنسان، وضرورة احترام الشركات لتلك الحقوق، وتمكين الضحايا من الوصول إلى وسائل إنصاف فعالة.

وأضافت أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، بفضل ولايتها الفريدة والقوية، تتبوأ موقع الصدارة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان في سياق الأنشطة التجارية. هذا إلى جانب دورها كجسور تواصل بين الحكومات والشركات والمجتمع المدني والمجتمعات المتضررة، مما يسهم في تسهيل الحوار وتعزيز المساءلة وإرساء أسس النهج القائم على حقوق الإنسان في العمليات التجارية.

وتابعت سعادة السيدة مريم بنت عبدالله العطية: “كما أنها تلعب دورا رئيسيا في ضمان تنفيذ المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشكل فعال وترجمتها إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع، من خلال تقديم التوجيه للدول والشركات، والمساهمة في تطوير القوانين والسياسات والممارسات المتوافقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ورصد آثار الأنشطة التجارية على حقوق الإنسان وتتبعها والتحقيق في الانتهاكات والإبلاغ عنها، ومحاسبة الدول والشركات على انتهاكات حقوق الإنسان”.

وأشارت إلى دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في منح صوت لمن لا صوت له وتمكين الأفراد والمجتمعات، ولا سيما المجتمعات الضعيفة، بجملة وسائل منها إعلامهم بحقوقهم وضمان مشاركتهم الفعالة في جميع العمليات المتعلقة بالأعمال التجارية التي تؤثر على حياتهم وسبل عيشهم ولكن مع تسهيل الوصول إلى سبل الانتصاف لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالأعمال التجارية.

ونوهت إلى أن التحالف العالمي، بوصفه الشبكة العالمية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، يعمل بتعاون وثيق وتناغم مع شبكاتنا الإقليمية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وشركائنا في الأمم المتحدة والمجتمع المدني، لجمع الأعضاء في جميع المناطق ودعمهم لتطبيق ولاياتهم بهدف ضمان احتلال حقوق الإنسان مكانة مركزية في أنشطة الأعمال.

وقالت سعادتها: “نشط فريق العمل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان التابع للتحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، الذي تأسس عام 2009، بشكل ملحوظ في تنسيق جهود أعضاء التحالف العالمي من أجل تبادل المعرفة وبناء القدرات وتعزيز المشاركة على الصعيدين العالمي والإقليمي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، عقد الفريق العامل ندوة تثقيفية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان وتغير المناخ، بمشاركة رئيس فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، مما يبرز جهود المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في جميع المناطق في هذا العمل الهام”.

وأضافت: “بناء على الأساليب المبتكرة التي تعتمدها المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في معالجة آثار العمليات التجارية على حقوق الإنسان على مدار العقد الماضي، نظم التحالف العالمي في مايو الماضي مؤتمره السنوي تحت شعار /الأعمال التجارية وحقوق الإنسان: دور وتجارب المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان/. وفي ختام المؤتمر، اعتمدت المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان من جميع أنحاء العالم بيانا ختاميا تعهدت فيه بمضاعفة جهودها لتعزيز وحماية حقوق الإنسان فيما يتعلق بالأعمال التجارية، دعما لتنفيذ المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة، مع التركيز بصفة خاصة على القضايا الملحة مثل تغير المناخ والتهديدات التي يتعرض لها الفضاء المدني على الإنترنت”.

وأردفت: “خلال اليومين المقبلين، سنستكشف قضايا رئيسية مثل العناية الواجبة بحقوق الإنسان في الشركات، ووصول أصحاب الحقوق إلى سبل انتصاف فعالة، ووضع خطط عمل وطنية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، ودور الشركات الصغيرة والمتوسطة في قيادة ممارسات الأعمال المسؤولة. كما سنستعرض التجارب الحياتية للفئات الضعيفة، بما يشمل النساء والمهاجرين والأشخاص ذوي الإعاقة والنازحين، الذين يجب أن تكون حقوقهم في صميم جهودنا”.

وحثت العطية على الانخراط في هذا الحوار بروح من الانفتاح والابتكار والالتزام مشيرة إلى أن النجاح في التصدي لتحديات الأعمال وحقوق الإنسان في المنطقة العربية يتوقف على القدرة على العمل معا والاستفادة من الخبرات والتجارب ووجهات النظر المتنوعة المتواجدة والممثلة بالحوار، معربة عن تطلعها إلى نتائج هذا الحوار، الذي يساعد في تشكيل مستقبل الأعمال التجارية وحقوق الإنسان ليس فقط في الدول العربية بل في جميع أنحاء العالم.

وفي سياق متصل، أكد سعادة السيد سلطان بن حسن الجمالي الأمين العام للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان على أهمية الحوار، مشيرا إلى أنه يضع الجميع على طريق حماية حقوق الإنسان بالأعمال التجارية في المنطقة العربية.

وقال سعادته: “يأتي حوارنا حول الأعمال التجارية وحقوق الإنسان لرسم مسار لممارسات تجارية مسؤولة في المنطقة العربية، منطلقين من مبدأ عالمية وترابط وتشابك حقوق الإنسان وعدم قابليتها للتجزئة”.

وأشار إلى العمل مع الشركاء بالمفوضية السامية لحقوق الإنسان على تعزيز قدرات المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في رصد الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك جهود الشبكة في تعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وقدراتها في رصد ومتابعة تنفيذ أهداف خطة 2030 للتنمية المستدامة، ما يعد له علاقة بالأعمال التجارية التي تسهم بدورها إن مورست بصورة تراعى بها حقوق الإنسان في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك بتنفيذ خطة 2030 للتنمية المستدامة، بما يسمح بمعالجة ومنع الأزمات والنزاعات في جميع أنحاء العالم.

وأضاف: “بداية ولتحقيق ذلك لا بد من سن قوانين نضبط من خلالها الأعمال التجارية، بلوائح وتدابير وتعليمات تتبنى منهجية حقوق الإنسان لحماية الحقوق وتعزيز المساواة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمعات عامة وللأفراد والمجموعات الضعيفة والمهمشة على وجه الخصوص، وذلك لتأثرهم أكثر من غيرهم بالأعمال التجارية التي لا تراعي حقوق الإنسان، ما سيؤدي لتركهم خلف الركب، ماسين بحقهم بالعيش بكرامة دون خوف”.

وتابع: “على اعتبار أن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان المنشأة وفق مبادئ باريس لعام 1993، هي إحدى الآليات الوطنية ذات الفعالية لإعمال مبدأ عدم ترك أحد بالخلف وكذلك لدورها في دعم ومتابعة استحقاقات دولة القانون، تحث الشبكة العربية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان الأعضاء فيها للعمل بجدية على متابعة تنفيذ دولها لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 لما لها من أهمية في معالجة الأسباب الجذرية للأزمات والصراعات، وما تحققه في حال نفذت من استقرار ومساواة وعدالة وسلام.

وقال سعادة الدكتور محمد بن سيف الكواري نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إن حوار الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في المنطقة العربية، يركز على نقاط هامة جدا، في الوقت الذي نجد فيه مبادرات وأعمال خيرية للأعمال التجارية بما يخدم حقوق الإنسان، خاصة الفئات الضعيفة في المجتمع، سواء ذوي الإعاقة أو المرأة أو الطفل أو كبار السن أو العمال، وغيرها من الفئات.

وأضاف: “لا شك أن هناك تعاونا مع حقوق الإنسان لتشجيع مبادرات الأعمال التجارية، ولبذل المزيد من الجهد والعمل والمشاريع التي تخدم حقوق الإنسان”.

وأشار إلى أن الحوار الافتتاحي يركز على الوطن العربي، وأن هناك تحديات، خاصة وأن بعض الشركات لديها أعمال قد لا تستفيد منها فئات بعينها، لذلك نطمح أن نوسع دائرة الاستفادة بتشجيع أصحاب الأعمال التجارية لعمل المزيد من المشاريع الرائدة التي تؤثر على معيشة الأفراد، وأن نفتح منصة حوار بين الأعمال التجارية والشركات وحقوق الإنسان، لمناقشة المعوقات والتحديات، التي نعمل من خلال الحوار على وضع الحلول لها.

وتابع د. الكواري: “نفكر في وضع شبكة دائمة تجمع أصحاب المصلحة مثل المجتمع المدني والمسؤولين والحكومات وأصحاب الأعمال التجارية، لتكون كل الحوارات والمناقشات متاحة، ووضع خطط وطنية لتخدم حقوق الإنسان وتحد من أي تحديات سواء حالية أو مستقبلية.

من جانبه، أكد البروفيسور داميلولا صنداي أولاويي عضو فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، على ما يشهده العالم من تحديات متسارعة، وأن الأعمال التجارية في القطاعات الأساسية في طليعة الجهات التي تواجه هذه التحديات، وأن هذه المشكلات تنتشر في العديد من المناطق حول العالم، مشيرا إلى أهمية التركيز على مختلف الجهود والتنوع الاقتصادي.

وأعرب عن أمله أن يطلق الحوار الافتتاحي المجال أمام خطوات في مجال حقوق الإنسان والأعمال التجارية، وأن يقدم أفضل الممارسات في هذا المسار، مع تعزيز قدرة الأعمال التجارية على الوصول للتكنولوجيا والاستفادة من التقنيات النظيفة، بما يحقق الإنجازات في العالم بأكمله، خاصة في مجال البيئة، وأن تترجم لإنجازات في مجال الأعمال التجارية.

وأضاف: “علينا أن نعمل على تحفيز هذه المبادئ، وآمل أن هذا الحوار الافتتاحي سيقدم ساحة آمنة للتطرق للحلول الإيجابية التي تساهم في تعزيز وتنفيذ المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة في المنطقة، مع الأولويات للأشخاص الأكثر هشاشة”.

وتابع: “هذا الحوار سيشكل منصة للحديث عن المواضيع المرتبطة بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، ليشارك الجميع بالآراء المختلفة، وأن يكون ساحة آمنة للحوار الإيجابي والبناء، وباسم فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، أشكر الفريق المنظم لهذا المؤتمر، خاصة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر”.

وقال السيد بيبلوف شودري الممثل الفني ورئيس المكتب، ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دولة قطر: “نجتمع مع بعضنا اليوم لنقر بحقيقة واضحة وهي أن الأعمال التجارية لديها تأثيرات كبيرة على حقوق الإنسان، ويمكن لهذه التأثيرات أن تكون إيجابية من حيث تأمين الخدمات التي تحسن معايير ومستويات العيش، وتعزيز ظروف العمل الكريمة وتعزيز سلاسل الإمداد، ولكن علينا أيضا أن نقر أن الأعمال التجارية يمكن أن تكون لها تداعيات سلبية، عندما يكون هناك استغلال للعاملين وعندما تغيب الشفافية في هذا المجال”.

وأشاد المهندس علي أحمد الدرازي رئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالبحرين بالجهود التي تقوم بها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بدولة قطر في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع، مشيرا إلى أنها تقوم بعمل جبار من خلال إشراك المجتمع بشكل عام والشركات الكبرى على وجه الخصوص في هذا الشأن.

وأوضح أنه ليس المطلوب أن تحافظ الدولة فقط على حقوق الإنسان بل يجب على الشركات أيضا أن تحترم هذه الحقوق وأن تدافع عن حقوق العمال العاملين لديها، مشيرا إلى أن مسؤولية الدولة تتمثل في إصدار القوانين.

وقال إنه منذ عام 2011 وضعت الأمم المتحدة معايير معينة تحتم على الشركات أن تتحمل جزءا من المسؤولية في ضمان حماية حقوق العمال على وجه الخصوص وحقوق الإنسان بشكل عام، مضيفا أن هذه المعايير تعتبر في غاية الأهمية بالنسبة لهذه الشركات ولا سيما الكبرى منها.

ونوه إلى أن مسؤولي التوظيف بتلك الشركات معنيون بوضع القواعد المتعلقة بكيفية المحافظة ليس على حقوق العمال فقط بل وحقوق المواطنين الذين سيستفيدون من منتجات أو خدمات تلك الشركات، مشددا على أن حماية حقوق العمال ليست مسؤولية حكومات فقط ولكنها مسؤولية الشركات ورجال الأعمال أيضا.

وقال السيد سرمد البدري مدير علاقات وإعلام المفوضية العليا لحقوق الإنسان: “سعداء بهذه الاستضافة، وهذا الاهتمام من دولة قطر، والتي تعتبر طرفا أساسيا في إدارة قضية موضوعات حقوق الإنسان، ومن المهم جدا الحديث عن مواضيع كالأعمال التجارية وحقوق الإنسان، لا سيما وأن المنطقة تشهد العديد من الأزمات المتلاحقة”.

وأضاف: “دول الشرق الأوسط تعاني من الأزمات، ما يؤثر على حقوق مواطنيها، كحالات النزوح والحروب، والأزمات الإنسانية والاقتصادية وارتفاع في أسعار المواد الغذائية، ما يكون له تبعات على المواطن، وغيرها من التأثيرات التي تشهدها المنطقة”.

وأكد أن أي خطوة تقوم بها أي دولة إلى الأمام هي خطوة إيجابية، وأن دولة قطر سباقة في هذا المجال، وتولي اهتماما كبيرا بدعم قضايا حقوق الإنسان في المنطقة.

وقال ليفيو ساراندريا المستشار العالمي للأعمال وحقوق الإنسان في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في جنيف، إن هذه المبادئ التوجيهية التي أطلق عليها “المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن الأعمال وحقوق الإنسان” توجه الحكومات وتوصي بأفضل الممارسات حتى تدعم الشركات العاملين لديها بطريقة تضمن احترام حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة.

وأضاف في حديثه عن الفعالية: “أرى أن هناك زخما أوليا نأمل أن ينمو. أعني الحضور الكبير جدا في هذا الحدث اليوم، وهذا دليل على الاهتمام الذي يبديه الناس بهذا الموضوع”.

وقال إن هذا الموضوع مترابط عالميا لأنه مرتبط بمناطق تجارية تتاجر معها الدول العربية وتضع الأعمال وحقوق الإنسان كأولوية بالنسبة لها، ولأنه مرتبط بعلاقات الأعمال، فهو مرتبط بالتجارة والمناطق أيضا.

شاركها.
Exit mobile version