عندما يترك الكبار بصمتهم في هذه الحياة، يصبحون أكثر من مجرد ذكرى، فهم يصبحون جزءاً من التاريخ والوجدان..

في ذات الشأن، يترك العم صالح بن علي القفاري الذي ودعناه اليوم بعد حياة تعانق القرن، وقد خلف ثروة من الحكمة والحب والوقار والذي يستمر في تغذية أرواحنا طويلاً بعد رحيله.

توفي صالح وهو صالح ولانزكي على الله احدا، ولكنه لن يُنسى أبداً وهو العم الوقور والاب الحنون .. ولد ليبقى محبوبا في أسرتنا، كان يعد افراد الأسرة جوهر حياته. حمل على عاتقه أعباء كثيرة بصبر وتحمل في مواقف لاتعد ولاتحصى، واستمر في تشجيع وحضور نشاط الأسرة ومناسباتها حتى لحظة وفاته حتى عيد الفطر القريب تحامل على نفسه ليحضر الى منزلنا ويدخل الى عمق الدار ليشارك النساء والاطفال فرحتهم.. انه العظمة ياسادة

كان حديثه ومقاله وعباراته غالبًا ما تذكرنا أن هذه الدنيا متاع زائل وان الأعمال الصالحة والاستعداد للحياة الأخيرة هو الباقي فقدموا الباقي على الفاني ولاتنسى نصيبك من الدنيا.

ولسان حاله يقول:

لا دارٌ للمرء ِ بعد الموت يسكُنها

إلا التي كانَ قبل الموتِ بانيها

فإن بناها بخير طاب مسكنُه

وإن بناها بشر خاب بانيها

بعد ما يقرب من 100 عام من الحياة العظيمة والجادة، وهو احد رجال اعمال في بريده في مجال الزيوت لاكثر من 40 عاما مع اخويه سليمان وعبدالرحمن.

أمضى العم صالح العقدين الأخيرين من حياته على السرير الأبيض بعد اجراء عملية في الراس لم تكلل بالنجاح، ومع طول المعاناة كان يستقبل الزوار على كرسيه بابتسامة دافئة وكلمات رقيقة. رغم المعاناة الطويلة التي عاشها، لم يسمع أحدا منا يومًا تذمره أو شكواه بل كان دائما متفائلًا، يرحب بالضيوف، ويسأل عن الغائبين. وكان يشارك الجميع حديثه الجميل وحكمته العميقه.

لقد كان العم يبذل بلا حدود، حتى في أوقاته الصعبة يشارك المناسبات ويشجع ويدعم اجتماعات الأسرة السنوية، ماديا ومعنويا.. وكان ينشر الأمل والحب في كل زاوية من بيته. كلماته الحكيمة والمشجعة لا تزال تدوي في أذني، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس”. وبلا شك، كان العم صالح أحد أكثر الناس نفعا ونصحا للجميع من حوله. كان يشعرهم بالأمان، وكان مصدر النصائح الذهبية والمشورة التي يحتاجونها في مناحي الحياة.

الرحيل عن الحياة دائماً يحمل بعض الألم، ولكنه يصبح أكثر تأثيراً عندما يغادرنا شخص عظيم مثل العام صالح..

الرحيل ليس النهاية، بل البداية للحياة الأخرى. وفي هذه اللحظات، أتذكر قول العظيم جل جلاله الذي يقول: “كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام”.

توفي العم صالح، لكن روحه ستعيش معنا إلى الأبد. أتذكره كرمز للحب، والمساعدة، والوقار.. نسأل الله الكريم من فضله ان يوجد له الراحة والسلام في قبره وفي الحياة الآخرة، وأن يعوضه خيرا على ما ابتلاه أن يجعل منزله الفردوس الاعلى وأن يجعله مع الصديقين والشهداء والصالحين ووالدينا وجميع المسلمين.

واخيرا ليكون رحيله رسالة سلام لابنائه في اجتماع الكلمه واستمرار البر له بعد رحيله وعزائي اولا لنفسي ثم لأبنائه ولجميع اسرة القفاري ومن يعز عليهم ورحم الله عمي صالح، وأدخله فسيح جناته.

شاركها.
Exit mobile version